nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28999_18838_28802فلا تكونن ظهيرا للكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين
تفريع على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إن الذي فرض عليك القرآن ، وما عطف عليها ، وما تخلل
[ ص: 195 ] بينهما مما اقتضى جميعه الوعد بنصره وظهور أمره وفوزه في الدنيا والآخرة ، وأنه جاء من الله إلى قوم هم في ضلال مبين ، وأن الذي رحمه فآتاه الكتاب على غير ترقب منه لا يجعل أمره سدى ، فأعقب ذلك بتحذيره من أدنى مظاهرة للمشركين ، فإن فعل الكون لما وقع في سياق النهي وكان سياق النهي مثل سياق النفي لأن النهي أخو النفي في سائر تصاريف الكلام - كان وقوع فعل الكون في سياقه مفيدا تعميم النهي عن كل كون من أكوان المظاهرة للمشركين .
والظهير : المعين ، والمظاهرة : المعاونة ، وهي مراتب أعلاها النصرة ، وأدناها المصانعة والتسامح ؛ لأن في المصانعة على المرغوب إعانة لراغبه ، فلما شمل النهي جميع أكوان المظاهرة لهم - اقتضى النهي عن مصانعتهم والتسامح معهم ، وهو يستلزم الأمر بضد المظاهرة ، فيكون كناية عن الأمر بالغلظة عليهم كصريح قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73واغلظ عليهم . وهذا المعنى يناسب كون الآيات آخر ما نزل قبل الهجرة ، وبعد متاركته المشركين ومغادرته البلد الذي يعمرونه .
وقيل : النهي للتهييج لإثارة غضب النبيء - صلى الله عليه وسلم - عليهم وتقوية داعي شدته معهم . ووجه تأويل النهي بصرفه عن ظاهره أو عن بعض ظاهره هو أن المنهي عنه لا يفرض وقوعه من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى ينهى عنه ، فكان ذلك قرينة على أنه مئول .
وتوجيه النهي إليه عن أن يصدوه عن آيات الله في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87ولا يصدنك عن آيات الله كناية عن نهيه عن أن يتقبل منهم ما فيه صد عن آيات الله ، كما يقول العرب : لا أعرفنك تفعل كذا ، كنوا به عن أنه لا يفعله ، فيعرف المتكلم الناهي فعله . والمقصود : تحذير المسلمين من الركون إلى الكافرين في شيء من شئون الإسلام ، فإن المشركين يحاولون صرف المسلمين عن سماع القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون .
وقيل : هو للتهييج أيضا ، وتأويل هذا النهي آكد من تأويل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86فلا تكونن ظهيرا للكافرين .
ويجوز أن يكون النهي في
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87لا يصدنك نهي صرفة كما كان الأمر في قوله :
[ ص: 196 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243فقال لهم الله موتوا أمر تكوين ، فالمعنى : أن الله قد ضمن لرسوله صرف المشركين عن أن يصدوه عن آيات الله ، وذلك إذ حال بينه وبينهم بأن أمره بالهجرة ويسرها له وللمسلمين معه .
والتقييد بالبعدية في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87بعد إذ أنزلت إليك لتعليل النهي أيا ما كان المراد منه ، أي لا يجوز أن يصدوك عن آيات الله بعد إذ أنزلها إليك ، فإنه ما أنزلها إليك إلا للأخذ بها ودوام تلاوتها ، فلو فرض أن يصدوك عنها لذهب إنزالها إليك بطلا وعبثا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213من بعد ما جاءتهم البينات .
والأمر في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87وادع إلى ربك مستعمل في
nindex.php?page=treesubj&link=32023الأمر بالدوام على الدعوة إلى الله لا إلى إيجاد الدعوة ؛ لأن ذلك حاصل ، أي لا يصرفك إعراض المشركين عن إعادة دعوتهم إعذارا لهم .
ويجوز أن يكون الدعاء مستعملا في الأكمل من أنواعه ، أي أنك بعد الخروج من
مكة أشد تمكنا في الدعوة إلى الله مما كنت من قبل ؛ لأن تشغيب المشركين عليه كان يرنق صفاء تفرغه للدعوة .
وجميع هذه النواهي والأوامر داخلة في حيز التفريع بالفاء في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86فلا تكونن ظهيرا للكافرين .
أما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87ولا تكونن من المشركين فإن حملت " من " فيه على معنى التبعيض كان النهي مئولا يمثل ما أولوا به النهيين اللذين قبله أنه للتهييج ، أو أن المقصود به المسلمون .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28999_18838_28802فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا ، وَمَا تَخَلَّلَ
[ ص: 195 ] بَيْنَهُمَا مِمَّا اقْتَضَى جَمِيعُهُ الْوَعْدَ بِنَصْرِهِ وَظُهُورِ أَمْرِهِ وَفَوْزِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَأَنَّهُ جَاءَ مِنَ اللَّهِ إِلَى قَوْمٍ هُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، وَأَنَّ الَّذِي رَحِمَهُ فَآتَاهُ الْكِتَابَ عَلَى غَيْرِ تَرَقُّبٍ مِنْهُ لَا يَجْعَلُ أَمْرَهُ سُدًى ، فَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِتَحْذِيرِهِ مِنْ أَدْنَى مُظَاهَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ ، فَإِنَّ فِعْلَ الْكَوْنِ لَمَّا وَقَعَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ وَكَانَ سِيَاقُ النَّهْيِ مِثْلَ سِيَاقِ النَّفْيِ لِأَنَّ النَّهْيَ أَخُو النَّفْيِ فِي سَائِرِ تَصَارِيفِ الْكَلَامِ - كَانَ وُقُوعُ فِعْلِ الْكَوْنِ فِي سِيَاقِهِ مُفِيدًا تَعْمِيمَ النَّهْيِ عَنْ كُلِّ كَوْنٍ مِنْ أَكْوَانِ الْمُظَاهَرَةِ لِلْمُشْرِكِينَ .
وَالظَّهِيرُ : الْمُعِينُ ، وَالْمُظَاهَرَةُ : الْمُعَاوَنَةُ ، وَهِيَ مَرَاتِبُ أَعْلَاهَا النُّصْرَةُ ، وَأَدْنَاهَا الْمُصَانَعَةُ وَالتَّسَامُحُ ؛ لِأَنَّ فِي الْمُصَانَعَةِ عَلَى الْمَرْغُوبِ إِعَانَةً لِرَاغِبِهِ ، فَلَمَّا شَمِلَ النَّهْيُ جَمِيعَ أَكْوَانِ الْمُظَاهَرَةِ لَهُمُ - اقْتَضَى النَّهْيُ عَنْ مُصَانَعَتِهِمْ وَالتَّسَامُحِ مَعَهُمْ ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِضِدِّ الْمُظَاهَرَةِ ، فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنِ الْأَمْرِ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ كَصَرِيحِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ . وَهَذَا الْمَعْنَى يُنَاسِبُ كَوْنَ الْآيَاتِ آخَرَ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَبَعْدَ مُتَارَكَتِهِ الْمُشْرِكِينَ وَمُغَادَرَتِهِ الْبَلَدَ الَّذِي يَعْمُرُونَهُ .
وَقِيلَ : النَّهْيُ لِلتَّهْيِيجِ لِإِثَارَةِ غَضَبِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ وَتَقْوِيَةِ دَاعِي شِدَّتِهِ مَعَهُمْ . وَوَجْهُ تَأْوِيلِ النَّهْيِ بِصَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ ظَاهِرِهِ هُوَ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَا يُفْرَضُ وُقُوعُهُ مِنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَنْهَى عَنْهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّهُ مُئَوَّلٌ .
وَتَوْجِيهُ النَّهْيِ إِلَيْهِ عَنْ أَنْ يَصُدُّوهُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ كِنَايَةٌ عَنْ نَهْيِهِ عَنْ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ مَا فِيهِ صَدٌّ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ ، كَمَا يَقُولُ الْعَرَبُ : لَا أَعْرِفَنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا ، كَنَّوْا بِهِ عَنْ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ ، فَيَعْرِفَ الْمُتَكَلِّمُ النَّاهِي فِعْلَهُ . وَالْمَقْصُودُ : تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الرُّكُونِ إِلَى الْكَافِرِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ شُئُونِ الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يُحَاوِلُونَ صَرْفَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ .
وَقِيلَ : هُوَ لِلتَّهْيِيجِ أَيْضًا ، وَتَأْوِيلُ هَذَا النَّهْيِ آكَدُ مِنْ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87لَا يَصُدُّنَّكَ نَهْيَ صِرْفَةٍ كَمَا كَانَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ :
[ ص: 196 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا أَمْرَ تَكْوِينٍ ، فَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ لِرَسُولِهِ صَرْفَ الْمُشْرِكِينَ عَنْ أَنْ يَصُدُّوهُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ إِذْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بِأَنْ أَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ وَيَسَّرَهَا لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ مَعَهُ .
وَالتَّقْيِيدُ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ لِتَعْلِيلِ النَّهْيِ أَيًّا مَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ ، أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أَنْزَلَهَا إِلَيْكَ ، فَإِنَّهُ مَا أَنْزَلَهَا إِلَيْكَ إِلَّا لِلْأَخْذِ بِهَا وَدَوَامِ تِلَاوَتِهَا ، فَلَوْ فُرِضَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنْهَا لَذَهَبَ إِنْزَالُهَا إِلَيْكَ بُطْلًا وَعَبَثًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=213مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ .
وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32023الْأَمْرِ بِالدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ لَا إِلَى إِيجَادِ الدَّعْوَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ ، أَيْ لَا يَصْرِفُكَ إِعْرَاضُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ إِعَادَةِ دَعْوَتِهِمْ إِعْذَارًا لَهُمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْأَكْمَلِ مِنْ أَنْوَاعِهِ ، أَيْ أَنَّكَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ
مَكَّةَ أَشَدُّ تَمَكُّنًا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ مِمَّا كُنْتَ مِنْ قَبْلُ ؛ لِأَنَّ تَشْغِيبَ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ كَانَ يُرَنِّقُ صَفَاءَ تَفَرُّغِهِ لِلدَّعْوَةِ .
وَجَمِيعُ هَذِهِ النَّوَاهِي وَالْأَوَامِرِ دَاخِلَةٌ فِي حَيِّزِ التَّفْرِيعِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=86فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ .
أَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=87وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنْ حُمِلَتْ " مِنْ " فِيهِ عَلَى مَعْنَى التَّبْعِيضِ كَانَ النَّهْيُ مُئَوَّلًا يُمَثِّلُ مَا أَوَّلُوا بِهِ النَّهْيَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَنَّهُ لِلتَّهْيِيجِ ، أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ .