تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون
عطف على جملة والذين آمنوا بالباطل .
وجيء بالموصول للإيماء إلى وجه بناء الخبر ، أي نبوئهم غرفا لأجل إيمانهم وعملهم الصالح .
والتبوئة : الإنزال والإسكان ، وقد تقدم عند قوله تعالى : ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق في سورة يونس .
وقرأ الجمهور " لنبوئنهم " بموحدة بعد نون العظمة وهمزة بعد الواو . وقرأ حمزة والكسائي وخلف لنثوينهم بمثلثة بعد النون وتحتية بعد الواو ، من أثواه بهمزة التعدية إذا جعله ثاويا ، أي مقيما في مكان .
والغرف : جمع غرفة وهو البيت المعتلى على غيره ، وتقدم عند قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة في آخر سورة الفرقان .
وجملة نعم أجر العاملين إلخ إنشاء ثناء وتعجيب على الأجر الذي أعطوه ؛ فلذلك قطعت عن العطف .
وقوله : الذين صبروا خبر مبتدأ محذوف اتباعا للاستعمال ، والتقدير : هم [ ص: 24 ] الذين صبروا . والمراد : صبرهم على إقامة الدين وتحمل أذى المشركين ، وقد علموا أنهم لاقوه ، فتوكلوا على ربهم ولم يعبئوا بقطيعة قومهم ولا بحرمانهم من أموالهم ، ثم فارقوا أوطانهم فرارا بدينهم من الفتن .
ومن اللطائف مقابلة غشيان العذاب الكفار من فوقهم ومن تحت أرجلهم بغشيان النعيم المؤمنين من فوقهم بالغرف ومن تحتهم بالأنهار .
وتقديم المجرور على متعلقه من قوله : وعلى ربهم يتوكلون للاهتمام .
وتقدم معنى التوكل عند قوله تعالى : فإذا عزمت فتوكل على الله في سورة آل عمران .