nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29001_33679أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=7وهم عن الآخرة هم غافلون ؛ لأنهم نفوا الحياة الآخرة ، فسيق إليهم هذا الدليل على أنها من مقتضى الحكمة .
فضمير يتفكروا عائد إلى الغافلين عن الآخرة وفي مقدمتهم مشركو
مكة . والاستفهام تعجيبي من غفلتهم وعدم تفكرهم . والتقدير : هم غافلون وعجيب عدم تفكرهم . ومناسبة هذا الانتقال أن لإحالتهم رجوع الدالة إلى
الروم بعد انكسارهم سببين :
أحدهما : اعتيادهم قصر أفكارهم على الجولان في المألوفات دون دائرة الممكنات ، وذلك من أسباب إنكارهم البعث وهو أعظم ما أنكروه لهذا السبب . وثانيهما : تمردهم على تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد أن شاهدوا معجزته ، فانتقل الكلام إلى نقض آرائهم في هذين السببين .
nindex.php?page=treesubj&link=19777_19791والتفكر : إعمال الفكر ، أي الخاطر العقلي ؛ للاستفادة منه ، وهو التأمل في الدلالة العقلية ، وقد تقدم عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون في سورة الأنعام .
والأنفس : جمع نفس . والنفس يطلق على الذات كلها ، ويطلق على باطن الإنسان ، ومنه قوله تعالى حكاية عن
عيسى عليه السلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تعلم ما في نفسي [ ص: 52 ] كقول
عمر يوم السقيفة " وكنت زوت في نفسي مقالة " أي في عقلي وباطني .
وحرف " في " من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8في أنفسهم يجوز أن يكون للظرفية الحقيقية الاعتبارية ، فيكون ظرفا لمصدر " يتفكروا " ، أي تفكرا مستقرا في أنفسهم . وموقع هذا الظرف مما قبله موقع معنى الصفة للتفكر . وإذ قد كان التفكر إنما يكون في النفس فذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8في أنفسهم ؛ لتقوية تصوير التفكر وهو كالصفة الكاشفة لتقرر معنى التفكر عند السامع ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48ولا تخطه بيمينك وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ولا طائر يطير بجناحيه ، وتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8ما خلق الله السماوات والأرض إلخ على هذا مبينة لجملة يتفكروا ؛ إذ مدلولها هو ما يتفكرون فيه كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة .
ويجوز أن يكون " في " للظرفية المجازية متعلقة بفعل يتفكروا تعلق المفعول بالفعل ، أي يتدبروا ويتأملوا في أنفسهم . والمراد بالأنفس الذوات ، فهو في معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم أفلا تبصرون ، فإن حق النظر المؤدي إلى معرفة الوحدانية وتحقق البعث أن يبدأ بالنظر في أحوال خلقة الإنسان ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض أي في دلالة ملكوت السماوات والأرض ، وتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8ما خلق الله السماوات والأرض إلخ على هذا التفسير بدل اشتمال من قوله : أنفسهم ؛ إذ الكلام على حذف مضاف ، تقديره في دلالة أنفسهم ، فإن دلالة أنفسهم تشتمل على دلالة خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق ؛ لأن " أنفسهم " مشمولة لما في الأرض من الخلق ودالة على ما في الأرض ، وكذلك بطلق ما في الأرض دال على خلق أنفسهم .
وعلى الاحتمالين وقع تعليق فعل يتفكروا عن العمل في مفعولين لوجود النفي بعده ، ومعنى
nindex.php?page=treesubj&link=31756خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق أن خلقهم ملابس للحق .
والحق هنا هو ما يحق أن يكون حكمة لخلق السماوات والأرض وعلة له ، وحق كل ماهية ونوع هو ما يحق أن يتصرف به من الكمال في خصائصه وأنه به
[ ص: 53 ] حقيق كما يقول الأب لابنه القائم ببره : أنت ابني حقا ، ألا ترى أنهم جعلوا تعريف النكرة بلام الجنس دالا على معنى الكمال في نحو : أنت الحبيب ، لأن اسم الجنس في المقام الخطابي يؤذن بكماله في صفاته ، وإنما يعرف حق كل نوع بالصفات التي بها قابليته ، ومن ينظر في القابليات التي أودعها الله تعالى في أنواع المخلوقات يجد كل الأنواع مخلوقة على حدود خاصة بها إذا هي بلغتها لا تقبل أكثر منها ; فالفرس والبقرة والكلب الكائنات في العصور الخالية وإلى زمن
آدم لا تتجاوز المتأخرة من أمثالها حدودها التي كانت عليها فهي في ذلك سواء . دلت على ذلك تجارب الناس الحاضرين لأجيالها الحاضرة ، وأخبار الناس الماضين عن الأجيال المعاصرة لها ، وقياس ما كان قبل أزمان التاريخ على الأجيال التي انقرضت قبلها حاشا نوع الإنسان فإن الله فطره بقابلية للزيادة في كمالات غير محدودة على حسب أحوال تجدد الأجيال في الكمال والارتقاء وجعله السلطان على هذا العالم والمتصرف في أنواع مخلوقات عالمه كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وذلك بما أودع فيه من العقل . ودلت المشاهدة على تفاوت أفراد نوع الإنسان في كمال ما يصلح له تفاوتا مترامي الأطراف ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13823البحتري :
ولم أر أمثال الرجال تـفـاوتا لدى الفضل حتى عد ألف بواحد
فدلت التجربة في المشاهدة كما دلت الأخبار عن الماضي وقياس ما قبل التاريخ على ما بعده ، كل ذلك دل على هذا المعنى ; ولأجل هذا التفاوت كلف الإنسان خالقه بقوانين ليبلغ مرتقى الكمال القابل له في زمانه ، مع مراعاة ما يحيط به من أحوال زمانه ، وليتجنب إفساد نفسه وإفساد بني نوعه ، وقد كان ما أعطيه نوع الإنسان من شعب العقل مخولا إياه أن يفعل على حسب إرادته وشهوته ، وأن يتوخى الصواب أو أن لا يتوخاه ، فلما كلفه خالقه باتباع قوانين شرائعه ارتكب واجتنب فالتحق تارة بمراقي كماله ، وقصر تارة عنها قصورا متفاوتا ، فكان من الحكمة أن لا يهمل مسترسلا في خطوات القصور والفساد ، وذلك إما بتسليط قوة ملجئة عليه تستأصل المفسد وتستبقي المصلح ، وإما بإراضته على فعل الصلاح حتى يصير منساقا إلى الصلاح باختياره المحمود ، إلا أن حكمة أخرى ربانية اقتضت بقاء عمران العالم وعدم استئصاله ، وبذلك تعطل استعمال القوة
[ ص: 54 ] المستأصلة ، فتعين استعمال إراضته على الصلاح ، فجمع الله بين الحكمتين بأن جعل ثوابا للصالحين على قدر صلاحهم وعقابا للمفسدين بمقدار عملهم ، واقعا ذلك كله في عالم غير هذا العالم ، وأبلغ ذلك إليهم على ألسنة رسله وأنبيائه إزالة للوصمة ، وتنبيها على الحكمة ، فخاف فريق ورجا فارتكب واجتنب ، وأعرض فريق ونأى فاجترح واكتسب ، وكان من حق آثار هاته الحكم أن لا يحرم الصالح من ثوابه ، وأن لا يفوت المفسد بما به ليظهر حق أهل الكمال ومن دونهم من المراتب ، فجعل الله بقاء أفراد النوع في هذا العالم محدودا بآجال معينة وجعل لبقاء هذا العالم كله أجلا معينا ، حتى إذا انتهت جميع الآجال جاء يوم
nindex.php?page=treesubj&link=29468الجزاء على الأعمال ، وتميز أهل النقص من أهل الكمال .
فكان جعل الآجال لبقاء المخلوقات من جملة الحق الذي خلقت ملابسة له ، ولذلك نبه عليه بخصوصه اهتماما بشأنه ، وتنبيها على مكانه ، وإظهارا أنه المقصد بكيانه ، فعطفه على الحق للاهتمام به ، كما عطف ضده على الباطل ، في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى .
وقد مضى في سورة الأنعام قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=73وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق الآية .
وفائدة ذكر السماوات هنا أن في
nindex.php?page=treesubj&link=19785_19786أحوال السماوات من شمسها وكواكبها وملائكتها ما هو من جملة الحق الذي خلقت ملابسة له ، أما ما وراء ذلك من أحوالها التي لا نعرف نسبة تعلقها بهذا العالم ، فنكل أمره إلى الله ونقيس غائبه على الشاهد ، فنوقن بأنه ما خلق إلا بالحق كذلك .
فشواهد حقية البعث والجزاء بادية في دقائق خلق المخلوقات ، ولذلك أعقبه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون وهذا كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون .
والمسمى : المقدر . أطلقت التسمية على التقدير ، وقد تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى في سورة الحج . وعند قوله تعالى
[ ص: 55 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب في سورة العنكبوت .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون تذييل .
وتأكيده بـ ( إن ) لتنزيل السامع منزلة من يشك في وجود من يجحد لقاء الله بعد هذا الدليل الذي مضى بله أن يكون الكافرون به كثيرا . والمراد بالكثير هنا : مشركو
أهل مكة وبقية مشركي العرب المنكرين للبعث ومن ماثلهم من
الدهريين . ولم يعبر هنا بـ ( أكثر الناس ) لأن المثبتين للبعث كثيرون مثل أهل الكتاب
والصابئة والمجوس والقبط .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29001_33679أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=7وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ؛ لِأَنَّهُمْ نَفَوُا الْحَيَاةَ الْآخِرَةَ ، فَسِيقَ إِلَيْهِمْ هَذَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ .
فَضَمِيرُ يَتَفَكَّرُوا عَائِدٌ إِلَى الْغَافِلِينَ عَنِ الْآخِرَةِ وَفِي مُقَدِّمَتِهِمْ مُشْرِكُو
مَكَّةَ . وَالِاسْتِفْهَامُ تَعْجِيبِيٌّ مِنْ غَفْلَتِهِمْ وَعَدَمِ تَفَكُّرِهِمْ . وَالتَّقْدِيرُ : هُمْ غَافِلُونَ وَعَجِيبٌ عَدَمُ تَفَكُّرِهِمْ . وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الِانْتِقَالِ أَنَّ لِإِحَالَتِهِمْ رُجُوعَ الدَّالَّةِ إِلَى
الرُّومِ بَعْدَ انْكِسَارِهِمْ سَبَبَيْنَ :
أَحَدُهُمَا : اعْتِيَادُهُمْ قَصْرَ أَفْكَارِهِمْ عَلَى الْجَوَلَانِ فِي الْمَأْلُوفَاتِ دُونَ دَائِرَةِ الْمُمْكِنَاتِ ، وَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَهُوَ أَعْظَمُ مَا أَنْكَرُوهُ لِهَذَا السَّبَبِ . وَثَانِيهُمَا : تَمَرُّدُهُمْ عَلَى تَكْذِيبِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ شَاهَدُوا مُعْجِزَتَهُ ، فَانْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى نَقْضِ آرَائِهِمْ فِي هَذَيْنِ السَّبَبَيْنَ .
nindex.php?page=treesubj&link=19777_19791وَالتَّفَكُّرُ : إِعْمَالُ الْفِكْرِ ، أَيِ الْخَاطِرِ الْعَقْلِيِّ ؛ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ ، وَهُوَ التَّأَمُّلُ فِي الدَّلَالَةِ الْعَقْلِيَّةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=50قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَالْأَنْفُسُ : جَمَعُ نَفْسٍ . وَالنَّفْسُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ كُلِّهَا ، وَيُطْلَقُ عَلَى بَاطِنِ الْإِنْسَانِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي [ ص: 52 ] كَقَوْلِ
عُمَرَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ " وَكُنْتُ زَوَتْ فِي نَفْسِي مَقَالَةٌ " أَيْ فِي عَقْلِي وَبَاطِنِي .
وَحَرْفُ " فِي " مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8فِي أَنْفُسِهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ الِاعْتِبَارِيَّةِ ، فَيَكُونُ ظَرْفًا لِمَصْدَرِ " يَتَفَكَّرُوا " ، أَيْ تَفَكُّرًا مُسْتَقِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ . وَمَوْقِعُ هَذَا الظَّرْفِ مِمَّا قَبْلَهُ مَوْقِعُ مَعْنَى الصِّفَةِ لِلتَّفَكُّرِ . وَإِذْ قَدْ كَانَ التَّفَكُّرُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي النَّفْسِ فَذُكِرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8فِي أَنْفُسِهِمْ ؛ لِتَقْوِيَةِ تَصْوِيرِ التَّفَكُّرِ وَهُوَ كَالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ لِتُقَرِّرَ مَعْنَى التَّفَكُّرِ عِنْدَ السَّامِعِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَخْ عَلَى هَذَا مُبَيِّنَةً لِجُمْلَةِ يَتَفَكَّرُوا ؛ إِذْ مَدْلُولُهَا هُوَ مَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=184أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " فِي " لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ يَتَفَكَّرُوا تَعَلُّقَ الْمَفْعُولِ بِالْفِعْلِ ، أَيْ يَتَدَبَّرُوا وَيَتَأَمَّلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ . وَالْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ الذَّوَاتُ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ، فَإِنَّ حَقَّ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَعْرِفَةِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَتَحَقُّقَ الْبَعْثِ أَنْ يَبْدَأَ بِالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِ خِلْقَةِ الْإِنْسَانِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ فِي دَلَالَةِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ إِلَخْ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ : أَنْفُسِهِمْ ؛ إِذِ الْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، تَقْدِيرُهُ فِي دَلَالَةِ أَنْفُسِهِمْ ، فَإِنَّ دَلَالَةَ أَنْفُسِهِمْ تَشْتَمِلُ عَلَى دَلَالَةِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ ؛ لِأَنَّ " أَنْفُسِهِمْ " مَشْمُولَةٌ لِمَا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْخَلْقِ وَدَالَّةٌ عَلَى مَا فِي الْأَرْضِ ، وَكَذَلِكَ بِطَلْقِ مَا فِي الْأَرْضِ دَالٌّ عَلَى خَلْقِ أَنْفُسِهِمْ .
وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ وَقَعَ تَعْلِيقُ فَعْلِ يَتَفَكَّرُوا عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولَيْنِ لِوُجُودِ النَّفْيِ بَعْدَهُ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=31756خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا بِالْحَقِّ أَنَّ خَلْقَهُمْ مُلَابِسٌ لِلْحَقِّ .
وَالْحَقُّ هُنَا هُوَ مَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ حِكْمَةً لِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعِلَّةً لَهُ ، وَحَقُّ كُلِّ مَاهِيَّةٍ وَنَوْعٍ هُوَ مَا يَحِقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ مِنَ الْكَمَالِ فِي خَصَائِصِهِ وَأَنَّهُ بِهِ
[ ص: 53 ] حَقِيقٌ كَمَا يَقُولُ الْأَبُ لِابْنِهِ الْقَائِمِ بِبِرِّهِ : أَنْتَ ابْنِي حَقًّا ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا تَعْرِيفَ النَّكِرَةِ بِلَامِ الْجِنْسِ دَالًّا عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ فِي نَحْوِ : أَنْتَ الْحَبِيبُ ، لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ فِي الْمَقَامِ الْخِطَابِيِّ يُؤْذِنُ بِكَمَالِهِ فِي صِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ حَقُّ كُلِّ نَوْعٍ بِالصِّفَاتِ الَّتِي بِهَا قَابِلِيَّتُهُ ، وَمَنْ يَنْظُرْ فِي الْقَابِلِيَّاتِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ يَجِدْ كُلَّ الْأَنْوَاعِ مَخْلُوقَةً عَلَى حُدُودٍ خَاصَّةٍ بِهَا إِذَا هِيَ بَلَغَتْهَا لَا تَقْبَلُ أَكْثَرَ مِنْهَا ; فَالْفَرَسُ وَالْبَقَرَةُ وَالْكَلْبُ الْكَائِنَاتُ فِي الْعُصُورِ الْخَالِيَةِ وَإِلَى زَمَنِ
آدَمَ لَا تَتَجَاوَزُ الْمُتَأَخِّرَةُ مِنْ أَمْثَالِهَا حُدُودَهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فَهِيَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ . دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ تَجَارِبُ النَّاسِ الْحَاضِرِينَ لِأَجْيَالِهَا الْحَاضِرَةِ ، وَأَخْبَارُ النَّاسِ الْمَاضِينَ عَنِ الْأَجْيَالِ الْمُعَاصِرَةِ لَهَا ، وَقِيَاسُ مَا كَانَ قَبْلَ أَزْمَانِ التَّارِيخِ عَلَى الْأَجْيَالِ الَّتِي انْقَرَضَتْ قَبْلَهَا حَاشَا نَوْعِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَهُ بِقَابِلِيَّةٍ لِلزِّيَادَةِ فِي كَمَالَاتٍ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ عَلَى حَسَبِ أَحْوَالِ تَجَدُّدِ الْأَجْيَالِ فِي الْكَمَالِ وَالِارْتِقَاءِ وَجَعَلَهُ السُّلْطَانَ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ وَالْمُتَصَرِّفَ فِي أَنْوَاعِ مَخْلُوقَاتِ عَالَمِهِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَذَلِكَ بِمَا أَوْدَعَ فِيهِ مِنَ الْعَقْلِ . وَدَلَّتِ الْمُشَاهَدَةُ عَلَى تَفَاوُتِ أَفْرَادِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ فِي كَمَالِ مَا يَصْلُحُ لَهُ تَفَاوُتًا مُتَرَامِيَ الْأَطْرَافِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13823الْبُحْتُرِيُّ :
وَلَمْ أَرَ أَمْثَالَ الرِّجَالِ تَـفَـاوُتًا لَدَى الْفَضْلِ حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدِ
فَدَلَّتِ التَّجْرِبَةُ فِي الْمُشَاهَدَةِ كَمَا دَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنِ الْمَاضِي وَقِيَاسُ مَا قَبْلَ التَّارِيخِ عَلَى مَا بَعْدَهُ ، كُلُّ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ; وَلِأَجْلِ هَذَا التَّفَاوُتِ كَلَّفَ الْإِنْسَانَ خَالِقُهُ بِقَوَانِينَ لِيَبْلُغَ مُرْتَقَى الْكَمَالِ الْقَابِلَ لَهُ فِي زَمَانِهِ ، مَعَ مُرَاعَاةِ مَا يُحِيطُ بِهِ مِنْ أَحْوَالِ زَمَانِهِ ، وَلِيَتَجَنَّبَ إِفْسَادَ نَفْسِهِ وَإِفْسَادَ بَنِي نَوْعِهِ ، وَقَدْ كَانَ مَا أُعْطِيَهُ نَوْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ شُعَبِ الْعَقْلِ مُخَوِّلًا إِيَّاهُ أَنْ يَفْعَلَ عَلَى حَسَبِ إِرَادَتِهِ وَشَهْوَتِهِ ، وَأَنْ يَتَوَخَّى الصَّوَابَ أَوْ أَنْ لَا يَتَوَخَّاهُ ، فَلَمَّا كَلَّفَهُ خَالِقُهُ بِاتِّبَاعِ قَوَانِينِ شَرَائِعِهِ ارْتَكَبَ وَاجْتَنَبَ فَالْتَحَقَ تَارَةً بِمَرَاقِي كَمَالِهِ ، وَقَصَّرَ تَارَةً عَنْهَا قُصُورًا مُتَفَاوِتًا ، فَكَانَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْ لَا يُهْمَلَ مُسْتَرْسِلًا فِي خُطُوَاتِ الْقُصُورِ وَالْفَسَادِ ، وَذَلِكَ إِمَّا بِتَسْلِيطِ قُوَّةٍ مُلْجِئَةٍ عَلَيْهِ تَسْتَأْصِلُ الْمُفْسِدَ وَتَسْتَبْقِي الْمُصْلِحَ ، وَإِمَّا بِإِرَاضَتِهِ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاحِ حَتَّى يَصِيرَ مُنْسَاقًا إِلَى الصَّلَاحِ بِاخْتِيَارِهِ الْمَحْمُودِ ، إِلَّا أَنَّ حِكْمَةً أُخْرَى رَبَّانِيَّةً اقْتَضَتْ بَقَاءَ عُمْرَانِ الْعَالَمِ وَعَدَمَ اسْتِئْصَالِهِ ، وَبِذَلِكَ تَعَطَّلَ اسْتِعْمَالُ الْقُوَّةِ
[ ص: 54 ] الْمُسْتَأْصِلَةِ ، فَتَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُ إِرَاضَتِهِ عَلَى الصَّلَاحِ ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْحِكْمَتَيْنِ بِأَنْ جَعَلَ ثَوَابًا لِلصَّالِحِينَ عَلَى قَدْرِ صَلَاحِهِمْ وَعِقَابًا لِلْمُفْسِدِينَ بِمِقْدَارِ عَمَلِهِمْ ، وَاقِعًا ذَلِكَ كُلُّهُ فِي عَالَمٍ غَيْرِ هَذَا الْعَالَمِ ، وَأَبْلَغَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ إِزَالَةً لِلْوَصْمَةِ ، وَتَنْبِيهًا عَلَى الْحِكْمَةِ ، فَخَافَ فَرِيقٌ وَرَجَا فَارْتَكَبَ وَاجْتَنَبَ ، وَأَعْرَضَ فَرِيقٌ وَنَأَى فَاجْتَرَحَ وَاكْتَسَبَ ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ آثَارِ هَاتِهِ الْحِكَمِ أَنْ لَا يُحْرَمَ الصَّالِحُ مِنْ ثَوَابِهِ ، وَأَنْ لَا يَفُوتَ الْمُفْسِدُ بِمَا بِهِ لِيَظْهَرَ حَقُّ أَهْلِ الْكَمَالِ وَمَنْ دُونَهُمْ مِنَ الْمَرَاتِبِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ بَقَاءَ أَفْرَادِ النَّوْعِ فِي هَذَا الْعَالَمِ مَحْدُودًا بِآجَالٍ مُعَيَّنَةٍ وَجَعَلَ لِبَقَاءِ هَذَا الْعَالَمِ كُلِّهِ أَجَلًا مُعَيَّنًا ، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ جَمِيعُ الْآجَالِ جَاءَ يَوْمُ
nindex.php?page=treesubj&link=29468الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ ، وَتَمَيَّزَ أَهْلُ النَّقْصِ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ .
فَكَانَ جَعْلُ الْآجَالِ لِبَقَاءِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَقِّ الَّذِي خُلِقَتْ مُلَابِسَةً لَهُ ، وَلِذَلِكَ نُبِّهَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ ، وَتَنْبِيهًا عَلَى مَكَانِهِ ، وَإِظْهَارًا أَنَّهُ الْمَقْصِدُ بِكِيَانِهِ ، فَعَطَفَهُ عَلَى الْحَقِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ ، كَمَا عَطَفَ ضِدَّهُ عَلَى الْبَاطِلِ ، فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى .
وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=73وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ الْآيَةَ .
وَفَائِدَةُ ذِكْرِ السَّمَاوَاتِ هُنَا أَنَّ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19785_19786أَحْوَالِ السَّمَاوَاتِ مِنْ شَمْسِهَا وَكَوَاكِبِهَا وَمَلَائِكَتِهَا مَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَقِّ الَّذِي خُلِقَتْ مُلَابِسَةً لَهُ ، أَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهَا الَّتِي لَا نَعْرِفُ نِسْبَةَ تَعَلُّقِهَا بِهَذَا الْعَالَمِ ، فَنَكِلُ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ وَنَقِيسُ غَائِبَهُ عَلَى الشَّاهِدِ ، فَنُوقِنُ بِأَنَّهُ مَا خُلِقَ إِلَّا بِالْحَقِّ كَذَلِكَ .
فَشَوَاهِدُ حَقِّيَّةِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ بَادِيَةٌ فِي دَقَائِقِ خَلْقِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَلِذَلِكَ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=115أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ .
وَالْمُسَمَّى : الْمُقَدَّرُ . أُطْلِقَتِ التَّسْمِيَةُ عَلَى التَّقْدِيرِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فِي سُورَةِ الْحَجِّ . وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
[ ص: 55 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ تَذْيِيلٌ .
وَتَأْكِيدُهُ بِـ ( إِنَّ ) لِتَنْزِيلِ السَّامِعِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَشُكُّ فِي وُجُودِ مَنْ يَجْحَدُ لِقَاءَ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي مَضَى بَلْهُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُونَ بِهِ كَثِيرًا . وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ هُنَا : مُشْرِكُو
أَهْلِ مَكَّةَ وَبَقِيَّةُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ وَمَنْ مَاثَلَهُمْ مِنَ
الدَّهْرِيِّينَ . وَلَمْ يُعَبِّرْ هُنَا بِـ ( أَكْثَرِ النَّاسِ ) لِأَنَّ الْمُثْبِتِينَ لِلْبَعْثِ كَثِيرُونَ مِثْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالصَّابِئَةِ وَالْمَجُوسِ وَالْقِبْطِ .