أعيد ويوم تقوم الساعة لزيادة التهويل الذي تقدم بيانه آنفا . وكرر يومئذ لتأكيد حقيقة الظرفية .
ولما ذكر إبلاس المشركين المشعر بتوقعهم السوء والعذاب أعقب بتفصيل أحوال الناس يومئذ مع بيان مغبة إبلاس الفريق الكافرين .
والضمير في ( يتفرقون ) عائد إلى معلوم من المقام دل عليه ذكر المجرمين فعلم [ ص: 64 ] أن فريقا آخر ضدهم لأن ذكر إبلاس المجرمين يومئذ يفهم أن غيرهم ليسوا كذلك على وجه الإجمال .
والتفرق : انقسام الجمع وتشتت أجزاء الكل . وقد كني به هنا عن التباعد لأن التفرق يلازمه التباعد عرفا .
وقد فصل التفرق هنا بقوله فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى آخره .
والروضة : كل أرض ذات أشجار وماء وأزهار في البادية أو في الجنان . ومن أمثال العرب ( أحسن من بيضة في روضة ) يريدون بيضة النعامة .
وقد جمع محاسن الروضة قول الأعشى :
ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل هـطـل يضاحك الشمس منها كوكب شـرق
مؤزر بعميم النبـت مـكـتـهـل
ومحضرون يجوز أن يكون من الإحضار ، أي جعل الشيء حاضرا ، أي لا يغيبون عنه ، أي لا يخرجون منه ، وهو يفيد التأييد بطريق الكناية لأنه لما ذكر بعد قوله ( في العذاب ) ناسب أن لا يكون المقصود من وصفهم المحضرين أنهم كائنون في العذاب لئلا يكون مجرد تأكيد بمدلول في الظرفية فإن التأسيس أوقع من التأكيد ، ويجوز أن يكون محضرون بمعنى مأتي بهم إلى العذاب فقد كثر في القرآن استعمال محضر ونحوه بمعنى معاقب ، قال تعالى : ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون واسم الإشارة تنبيه على أنهم أحرياء بتلك العقوبة لأجل ما ذكر قبل اسم الإشارة كقوله أولئك على هدى من ربهم .
وكتب في رسم المصحف ( ولقائي ) بهمزة على ياء تحتية للتنبيه على أن الهمزة مكسورة وذلك من الرسم التوفيقي ، ومقتضى القياس أن تكتب الهمزة في السطر بعد الألف .