nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29004وما جعل أدعياءكم أبناءكم هذا هو المقصود الذي وطئ بالآيتين قبله ، ولذلك أسهب الكلام بعده بتفاصيل التشريع فيه . وعطفت هاته الجملة على اللتين قبلها لاشتراك ثلاثتها في أنها نفت مزاعم لا حقائق لها .
والقول في المراد من قوله ما جعل كالقول في نظيره من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وما جعل أزواجكم اللاء تظهرون منهن أمهاتكم ) .
والمعنى : أنكم تنسبون الأدعياء أبناء فتقولون للدعي : هو ابن فلان ، للذي تبناه ، وتجعلون له جميع ما للأبناء .
والأدعياء : جمع دعي بوزن فعيل بمعنى مفعول مشتقا من مادة الادعاء ، والادعاء : زعم الزاعم الشيء حقا له من مال أو نسب أو نحو ذلك بصدق أو كذب ، وغلب وصف الدعي على المدعي أنه ابن لمن يتحقق أنه ليس أبا له ; فمن ادعي أنه ابن لمن يحتمل أنه أب له فذلك هو اللحيق أو المستلحق ، فالدعي لم يجعله الله ابنا لمن ادعاه للعلم بأنه ليس أبا له ، وأما المستلحق فقد جعله الله ابنا لمن استلحقه بحكم استلحاقه مع إمكان أبوته له .
وجمع على أفعلاء لأنه معتل اللام فلا يجمع على فعلى ، والأصح أن أفعلاء يطرد في جمع فعيل المعتل اللام سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول .
نزلت هذه الآية في
nindex.php?page=treesubj&link=28410إبطال التبني ، أي إبطال ترتيب آثار البنوة الحقيقة من الإرث ، وتحريم القرابة ، وتحريم الصهر ، وكانوا في الجاهلية يجعلون للمتبنى أحكام البنوة كلها ، وكان من أشهر المتبنين في عهد الجاهلية
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، تبناه النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=49وعامر بن ربيعة تبناه
الخطاب أبو عمر بن الخطاب ،
وسالم تبناه
أبو حذيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد بن عمرو تبناه
الأسود بن عبد يغوث ، فكان كل واحد من هؤلاء الأربعة يدعى ابنا للذي تبناه .
[ ص: 259 ] nindex.php?page=showalam&ids=138وزيد بن حارثة الذي نزلت الآية في شأنه كان غريبا من
بني كلب من وبرة ، من أهل
الشام ، وكان أبوه
حارثة توفي وترك ابنيه
جبلة وزيدا ، فبقيا في حجر جدهما ، ثم جاء عماهما فطلبا من الجد كفالتهما فأعطاهما جبلة وبقي
زيد عنده فأغارت على الحي خيل من
تهامة فأصابت
زيدا فأخذ جده يبحث عن مصيره ، وقال أبياتا منها :
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل
وأنه علم أن
زيدا بمكة وأن الذين سبوه باعوه
بمكة فابتاعه
nindex.php?page=showalam&ids=137حكيم بن حزام بن خويلد فوهبه لعمته
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد زوج النبيء - صلى الله عليه وسلم - فوهبته
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - فأقام عنده زمنا ثم جاء جده وعمه يرغبان في فدائه فأبى الفداء واختار البقاء على الرق عند النبيء فحينئذ أشهد النبيء
قريشا أن
زيدا ابنه ، يرث أحدهما الآخر ، فرضي أبوه وعمه وانصرفا فأصبح يدعى : زيد بن
محمد
وذلك قبل البعثة . وقتل
زيد في غزوة مؤتة من أرض
الشام سنة ثمان من الهجرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29004وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ الَّذِي وُطِّئَ بِالْآيَتَيْنِ قَبْلَهُ ، وَلِذَلِكَ أُسْهِبُ الْكَلَامُ بَعْدَهُ بِتَفَاصِيلِ التَّشْرِيعِ فِيهِ . وَعُطِفَتْ هَاتِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا لِاشْتِرَاكِ ثَلَاثَتُهَا فِي أَنَّهَا نَفَتْ مَزَاعِمَ لَا حَقَائِقَ لَهَا .
وَالْقَوْلُ فِي الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ مَا جَعَلَ كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّاءِ تَظَّهَّرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ) .
وَالْمَعْنَى : أَنَّكُمْ تَنْسِبُونَ الْأَدْعِيَاءَ أَبْنَاءً فَتَقُولُونَ لِلدَّعِيِّ : هُوَ ابْنُ فُلَانٍ ، لِلَّذِي تَبَنَّاهُ ، وَتَجْعَلُونَ لَهُ جَمِيعَ مَا لِلْأَبْنَاءِ .
وَالْأَدْعِيَاءُ : جَمْعُ دَعِيٍّ بِوَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مُشْتَقًّا مِنْ مَادَّةِ الِادِّعَاءِ ، وَالِادِّعَاءُ : زَعْمُ الزَّاعِمِ الشَّيْءَ حَقًّا لَهُ مِنْ مَالٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِصِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ ، وَغَلَبَ وَصْفُ الدَّعِيِّ عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ ابْنٌ لِمَنْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَيْسَ أَبًا لَهُ ; فَمَنِ ادَّعَي أَنَّهُ ابْنٌ لِمَنْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَبٌ لَهُ فَذَلِكَ هُوَ اللَّحِيقُ أَوِ الْمُسْتَلْحِقُ ، فَالدَّعِيُّ لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ ابْنًا لِمَنِ ادَّعَاهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ أَبًا لَهُ ، وَأَمَّا الْمُسْتَلْحِقُ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ ابْنًا لِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ بِحُكْمِ اسْتِلْحَاقِهِ مَعَ إِمْكَانِ أُبُوَّتِهِ لَهُ .
وَجُمِعَ عَلَى أَفْعِلَاءَ لِأَنَّهُ مُعْتَلُّ اللَّامِ فَلَا يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَى ، وَالْأَصَحُّ أَنْ أَفْعِلَاءَ يَطَّرِدُ فِي جَمْعِ فَعِيلٍ الْمُعْتَلِّ اللَّامِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ .
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28410إِبْطَالِ التَّبَنِّي ، أَيْ إِبْطَالِ تَرْتِيبِ آثَارِ الْبُنُوَّةِ الْحَقِيقَةِ مِنَ الْإِرْثِ ، وَتَحْرِيمِ الْقَرَابَةِ ، وَتَحْرِيمِ الصِّهْرِ ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَجْعَلُونَ لِلْمُتَبَنَّى أَحْكَامَ الْبُنُوَّةِ كُلَّهَا ، وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ الْمُتَبَنَّيْنَ فِي عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، تَبَنَّاهُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=49وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ تَبَنَّاهُ
الْخَطَّابُ أَبُو عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
وَسَالِمٌ تَبَنَّاهُ
أَبُو حُذَيْفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=53وَالْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو تَبَنَّاهُ
الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ يُدْعَى ابْنًا لِلَّذِي تَبَنَّاهُ .
[ ص: 259 ] nindex.php?page=showalam&ids=138وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الَّذِي نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي شَأْنِهِ كَانَ غَرِيبًا مِنْ
بَنِي كَلْبٍ مِنْ وَبَرَةَ ، مِنْ أَهْلِ
الشَّامِ ، وَكَانَ أَبُوهُ
حَارِثَةُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَيْهِ
جَبَلَةً وَزَيْدًا ، فَبَقِيَا فِي حِجْرِ جَدِّهِمَا ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّاهُمَا فَطَلَبَا مِنَ الْجَدِّ كَفَالَتَهُمَا فَأَعْطَاهُمَا جَبَلَةَ وَبَقِيَ
زَيْدٌ عِنْدَهُ فَأَغَارَتْ عَلَى الْحَيِّ خَيْلٌ مِنْ
تِهَامَةَ فَأَصَابَتْ
زَيْدًا فَأَخَذَ جَدُّهُ يَبْحَثُ عَنْ مَصِيرِهِ ، وَقَالَ أَبْيَاتًا مِنْهَا :
بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ أَحَيٌّ فَيُرْجَى أَمْ أَتَى دُونَهُ الْأَجَلْ
وَأَنَّهُ عَلِمَ أَنْ
زَيْدًا بِمَكَّةَ وَأَنِ الَّذِينَ سَبَوْهُ بَاعُوهُ
بِمَكَّةَ فَابْتَاعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=137حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ فَوَهَبَهُ لِعَمَّتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ زَوْجِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَهَبَتْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَامَ عِنْدَهُ زَمَنًا ثُمَّ جَاءَ جَدُّهُ وَعَمُّهُ يَرْغَبَانِ فِي فِدَائِهِ فَأَبَى الْفِدَاءَ وَاخْتَارَ الْبَقَاءَ عَلَى الرِّقِّ عِنْدَ النَّبِيءِ فَحِينَئِذٍ أَشْهَدَ النَّبِيءُ
قُرَيْشًا أَنَّ
زَيْدًا ابْنُهُ ، يَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، فَرَضِيَ أَبُوهُ وَعَمُّهُ وَانْصَرَفَا فَأَصْبَحَ يُدْعَى : زَيْدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ
وَذَلِكَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ . وَقُتِلَ
زَيْدٌ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ
الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ .