[ ص: 5 ] ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما
أعقب الوعيد بالوعد جريا على سنة القرآن كما تقدم في المقدمة العاشرة .
والقنوت : الطاعة ، والقنوت للرسول : الدوام على طاعته واجتلاب رضاه ; لأن في رضاه رضى الله تعالى ، قال تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله .
وقرأ الجمهور يقنت بتحتية في أوله مراعاة لمدلول من الشرطية كما تقدم في من يأت منكن .
وقرأه يعقوب بفوقية في أوله مراعاة لماصدق ( من ) أي إحدى النساء ، كما تقدم في قوله تعالى من يأت منكن .
وأسند فعل إيتاء أجرهن إلى ضمير الجلالة بوجه صريح تشريفا لإيتائهن الأجر ؛ لأنه المأمول بهن ، وكذلك فعل ( وأعتدنا ) .
ومعنى مرتين توفير الأجر وتضعيفه كما تقدم في قوله تعالى ضعفين .
وضمير أجرها عائد إلى ( من ) باعتبار أنها صادقة على واحدة من نساء النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
وفي إضافة الأجر إلى ضميرها إشارة إلى تعظيم ذلك الأجر بأنه يناسب مقامها وإلى تشريفها بأنها مستحقة ذلك الأجر .
ومضاعفة الأجر لهن على الطاعات كرامة لقدرهن ، وهذه المضاعفة في الحالين [ ص: 6 ] - صلى الله عليه وسلم - لعظم قدرهن لأن زيادة قبح المعصية تتبع زيادة فضل الآتي بها . من خصائص أزواج النبي
. ودرجة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عظيمة
وقرأ الجمهور وتعمل بالتاء الفوقية على اعتبار معنى من الموصولة المراد بها أحد النساء ، وحسنه أنه معطوف على فعل يقنت بعد أن تعلق به الضمير المجرور وهو ضمير نسوة .
وقرأ حمزة ، ، والكسائي وخلف ( ويعمل ) بالتحتية مراعاة لمدلول ( من ) في أصل الوضع . وقرأ الجمهور نؤتها بنون العظمة . وقرأه حمزة ، ، والكسائي وخلف بالتحتية على اعتبار ضمير الغائب عائدا إلى اسم الجلالة في قوله قبله وكان ذلك على الله يسيرا .
والقول في أعتدنا لها كالقول في فإن الله أعد للمحسنات . والتاء في أعتدنا بدل عن أحد الدالين من أعد لقرب مخرجيها وقصد التخفيف . والعدول عن المضارع إلى فعل الماضي في قوله أعتدنا لإفادة تحقيق وقوعه .
والرزق الكريم : هو رزق الجنة ، قال تعالى كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا الآية . ووصفه بالكريم لأنه أفضل جنسه . وقد تقدم في قوله تعالى إني ألقي إلي كتاب كريم في سورة النمل .