nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=29004_28861وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما
لما جيء في بيان النهي عن المكث في بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يؤذيه أتبع بالنهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=29284_23680أذى النبيء - صلى الله عليه وسلم - نهيا عاما ، فالخطاب في لكم للمؤمنين المفتتح بخطابهم آية
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم الآية .
والواو عاطفة جملة على جملة أو هي واو الاعتراض بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وإذا سألتموهن متاعا وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=55لا جناح عليهن في آبائهن .
ودلت جملة ( ما كان لكم ) على الحظر المؤكد لأن ( ما كان لكم ) نفي للاستحقاق الذي دلت عليه اللام ، وإقحام فعل كان لتأكيد انتفاء الإذن .
وهذه الصيغة من صيغ شدة التحريم .
[ ص: 93 ] وتضمنت هذه الآية حكمين : أحدهما : تحريم أن يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والأذى : قول يقال له ، أو فعل يعامل به ، من شأنه أن يغضبه أو يسوءه لذاته .
والأذى تقدم في أول هذه الآيات آنفا . والمعنى : أن أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - محظور على المؤمنين . وانظر الباب الثالث من القسم الثاني من كتاب الشفاء
لعياض .
والحكم الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=11474تحريم أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا وهو تقرير لحكم أمومة أزواجه للمؤمنين السالف في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وأزواجه أمهاتهم .
وقد حكيت أقوال في سبب نزول هذه الآية : منها أن رجلا قال : لو مات
محمد تزوجت
عائشة ، أي قال بمسمع ممن نقله عنه فقيل هذا الرجل من المنافقين وهذا هو المظنون بقائل ذلك . وقيل هو من المؤمنين ، أي خطر ذلك في نفسه ، قاله
القرطبي . وذكروا رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعن
مقاتل أنه
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانت هفوة منه وتاب وكفر بالحج ماشيا وبإعتاق رقاب كثيرة وحمل في سبيل الله على عشرة أفراس أو أبعرة . وقال
ابن عطية : هذا عندي لا يصح على
طلحة والله عاصمه من ذلك ، أي إن حمل على ظاهر صدور القول منه فأما إن كان خطر له ذلك في نفسه فذلك خاطر شيطاني أراد تطهير قلبه فيه بالكفارات التي أعطاها إن صح ذلك . وأقول لا شك أنه من موضوعات الذين يطعنون في
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله . وهذه الأخبار واهية الأسانيد ودلائل الوضع واضحة فإن
طلحة إن كان قال ذلك بلسانه لم يكن ليخفى على الناس فكيف يتفرد بروايته من انفرد . وإن كان خطر ذلك في نفسه ولم يتكلم به فمن ذا الذي اطلع على ما في قلبه ، وليس بمتعين أن يكون لنزول هذه الآية سبب . فإن كان لها سبب فلا شك أنه قول بعض المنافقين لما يؤذن به قوله تعالى عقب هذه الآيات
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض الآية . وإنما شرعت الآية أن حكم أمومة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - للمؤمنين حكم دائم في حياة النبي - عليه الصلاة والسلام - أو من بعده ولذلك اقتصر هنا على التصريح بأنه حكم ثابت من بعد
[ ص: 94 ] لأن ثبوت ذلك في حياته قد علم من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وأزواجه أمهاتهم وإضافة البعدية إلى ضمير ذات النبي - عليه الصلاة والسلام - تعين أن المراد بعد حياته كما هو الشائع في استعمال مثل هذه الإضافة فليس المراد بعد عصمته من نحو الطلاق لأن طلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه غير محتمل شرعا لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52ولا أن تبدل بهن من أزواج .
وأكد ظرف ( بعد ) بإدخال ( من ) الزائدة عليه ، ثم أكد عمومه بظرف ( أبدا ) ليعلم أن ذلك لا يتطرقه النسخ ثم زيد ذلك تأكيدا وتحذيرا بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53إن ذلكم كان عند الله عظيما ، فهو استئناف مؤكد لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله . والإشارة إلى ما ذكر من إيذاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوج أزواجه ، أي ذلكم المذكور .
والعظيم هنا في الإثم والجريمة بقرينة المقام .
وتقييد العظيم بكونه عند الله للتهويل والتخويف ؛ لأنه عظيم في الشناعة . وعلة كون تزوج أحد المسلمين إحدى نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إثما عظيما عند الله ، أن الله جعل نساء النبي - عليه الصلاة والسلام - أمهات للمؤمنين فاقتضى ذلك أن تزوج أحد المسلمين إحداهن له حكم تزوج المرء أمه ، وذلك إثم عظيم .
واعلم أنه لم يتبين هل التحريم الذي في الآية يختص بالنساء اللاتي بنى بهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو هو يعم كل امرأة عقد عليها مثل
الكندية التي استعاذت منه فقال لها : الحقي بأهلك ، فتزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ومثل
قتيلة بنت قيس الكلبية التي زوجها أخوها
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حملها معه إلى
حضرموت فتوفي رسول الله قبل قفولهما فتزوجها
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل وأن
أبا بكر هم بعقابه فقال له
عمر : إن رسول الله لم يدخل بها .
والمرويات في هذا الباب ضعيفة . والذي عندي أن البناء والعقد كانا يكونان مقترنين وأن ما يسبق البناء مما يسمونه تزويجا فإنما هو مراكنة ووعد ويدل لذلك ما في الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342422أن رسول الله لما أحضرت إليه الكندية ودخل عليها رسول الله فقال [ ص: 95 ] لها : هبي لي نفسك أي ليعلم أنها رضيت بما عقد لها وليها فقالت : ما كان لملكة أن تهب نفسها لسوقة أعوذ بالله منك . فقال لها : لقد استعذت بمعاذ . فذلك ليس بطلاق ولكنه رجوع عن التزوج بها دال على أن العقد لم يقع وأن قول
عمر ،
لأبي بكر أو قول من قال
لعمر : إن رسول الله لم يدخل بها هو كناية عن العقد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي تحريم تزوج من عقد عليها النبيء - صلى الله عليه وسلم - . ورجع إمام الحرمين ،
والرافعي أن التحريم قاصر على التي دخل بها . على أنه يظهر أن الإضافة في قوله ( أزواجه ) بمعنى لام العهد ، أي الأزواج اللائي في شأنهن هذه الآيات من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لا يحل لك النساء من بعد فهن اللاء ثبت لهن حكم الأمهات .
وبعد فإن البحث في هذه المسألة مجرد تفقه لا يبنى عليه عمل .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=29004_28861وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا
لَمَّا جِيءَ فِي بَيَانِ النَّهْيِ عَنِ الْمُكْثِ فِي بُيُوتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ يُؤْذِيِهِ أُتْبِعَ بِالنَّهْيِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29284_23680أَذَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهْيًا عَامًا ، فَالْخِطَابُ فِي لَكُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُفْتَتَحِ بِخِطَابِهِمْ آيَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بِيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ الْآيَةَ .
وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ أَوْ هِيَ وَاوُ الِاعْتِرَاضِ بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=55لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ .
وَدَلَّتْ جُمْلَةُ ( مَا كَانَ لَكُمْ ) عَلَى الْحَظْرِ الْمُؤَكَّدِ لِأَنَّ ( مَا كَانَ لَكُمْ ) نَفْيٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ اللَّامُ ، وَإِقْحَامُ فِعْلِ كَانَ لِتَأْكِيدِ انْتِفَاءِ الْإِذْنِ .
وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مِنْ صِيَغِ شِدَّةِ التَّحْرِيمِ .
[ ص: 93 ] وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حُكْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَحْرِيمُ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالْأَذَى : قَوْلٌ يُقَالُ لَهُ ، أَوْ فِعْلٌ يُعَامَلُ بِهِ ، مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُغْضِبَهُ أَوْ يَسُوءُهُ لِذَاتِهِ .
وَالْأَذَى تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْآيَاتِ آنِفًا . وَالْمَعْنَى : أَنَّ أَذَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْظُورٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ . وَانْظُرِ الْبَابَ الثَّالِثَ مِنَ الْقَسْمِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الشِّفَاءِ
لِعِيَاضٍ .
وَالْحُكْمُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=11474تَحْرِيمُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا وَهُوَ تَقْرِيرٌ لِحُكْمِ أُمُومَةِ أَزْوَاجِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ السَّالِفِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ .
وَقَدْ حُكِيَتْ أَقْوَالٌ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ : مِنْهَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : لَوْ مَاتَ
مُحَمَّدٌ تَزَوَّجْتُ
عَائِشَةَ ، أَيْ قَالَ بِمَسْمَعٍ مِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُ فَقِيلَ هَذَا الرَّجُلُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَهَذَا هُوَ الْمَظْنُونُ بِقَائِلِ ذَلِكَ . وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ خَطَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، قَالَهُ
الْقُرْطُبِيُّ . وَذَكَرُوا رِوَايَةً عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ
مُقَاتِلٍ أَنَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَتْ هَفْوَةٌ مِنْهُ وَتَابَ وَكَفَّرَ بِالْحَجِّ مَاشِيًا وَبِإِعْتَاقِ رِقَابٍ كَثِيرَةٍ وَحَمَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى عَشَرَةِ أَفْرَاسٍ أَوْ أَبْعِرَةٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هَذَا عِنْدِي لَا يَصِحُّ عَلَى
طَلْحَةَ وَاللَّهُ عَاصِمُهُ مِنْ ذَلِكَ ، أَيْ إِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِ صُدُورِ الْقَوْلِ مِنْهُ فَأَمَّا إِنْ كَانَ خَطَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَاطِرٌ شَيْطَانِيٌّ أَرَادَ تَطْهِيرَ قَلْبَهُ فِيهِ بِالْكَفَّارَاتِ الَّتِي أَعْطَاهَا إِنْ صَحَّ ذَلِكَ . وَأَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ مَوْضُوعَاتِ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ . وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ وَدَلَائِلُ الْوَضْعِ وَاضِحَةٌ فَإِنَّ
طَلْحَةَ إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَكُنْ لِيَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَكَيْفَ يَتَفَرَّدُ بِرِوَايَتِهِ مَنِ انْفَرَدَ . وَإِنْ كَانَ خَطَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ فَمَنْ ذَا الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ، وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ أَنْ يَكُونَ لِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ سَبَبٌ . فَإِنْ كَانَ لَهَا سَبَبٌ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَوْلُ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ لِمَا يُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى عَقِبَ هَذِهِ الْآيَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=60لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ الْآيَةَ . وَإِنَّمَا شَرَعَتِ الْآيَةُ أَنَّ حُكْمَ أُمُومَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُؤْمِنِينَ حُكْمٌ دَائِمٌ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ مِنْ بَعْدِهِ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَابِتٌ مِنْ بَعْدُ
[ ص: 94 ] لِأَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَإِضَافَةُ الْبَعْدِيَّةِ إِلَى ضَمِيرِ ذَاتِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تُعِيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ حَيَاتِهِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي اسْتِعْمَالِ مِثْلِ هَذِهِ الْإِضَافَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بَعْدَ عِصْمَتِهِ مِنْ نَحْوِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ طَلَاقَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَزْوَاجَهُ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ شَرْعًا لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ .
وَأُكِّدَ ظَرْفُ ( بَعْدُ ) بِإِدْخَالِ ( مِنْ ) الزَّائِدَةِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أُكِّدَ عُمُومُهُ بِظَرْفِ ( أَبَدًا ) لِيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَطَرَّقُهُ النُّسَخُ ثُمَّ زِيدَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَتَحْذِيرًا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ، فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ . وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ إِيذَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَزَوُّجِ أَزْوَاجِهِ ، أَيْ ذَلِكُمُ الْمَذْكُورُ .
وَالْعَظِيمُ هُنَا فِي الْإِثْمِ وَالْجَرِيمَةِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ .
وَتَقْيِيدُ الْعَظِيمِ بِكَوْنِهِ عِنْدَ اللَّهِ لِلتَّهْوِيلِ وَالتَّخْوِيفِ ؛ لِأَنَّهُ عَظِيمٌ فِي الشَّنَاعَةِ . وَعِلَّةُ كَوْنِ تَزَوَّجِ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ إِحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِثْمًا عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ ، أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ نِسَاءَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُمَّهَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ تَزَوُّجَ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ إِحْدَاهُنَّ لَهُ حُكْمُ تَزَوُّجِ الْمَرْءِ أُمَّهُ ، وَذَلِكَ إِثْمٌ عَظِيمٌ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ هَلِ التَّحْرِيمُ الَّذِي فِي الْآيَةِ يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ اللَّاتِي بَنَى بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ هُوَ يَعُمُّ كُلَّ امْرَأَةٍ عَقَدَ عَلَيْهَا مِثْلَ
الْكِنْدِيَّةِ الَّتِي اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا : الْحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَتَزَوَّجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=185الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فِي زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمِثْلَ
قُتَيْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْكَلْبِيَّةِ الَّتِي زَوَّجَهَا أَخُوهَا
nindex.php?page=showalam&ids=185الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ حَمَلَهَا مَعَهُ إِلَى
حَضْرَمَوْتَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ قُفُولِهِمَا فَتَزَوَّجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهِلٍ وَأَنَّ
أَبَا بَكْرٍ هَمَّ بِعِقَابِهِ فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا .
وَالْمَرْوِيَّاتُ فِي هَذَا الْبَابِ ضَعِيفَةٌ . وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْعَقْدَ كَانَا يَكُونَانِ مُقْتَرَنَيْنِ وَأَنَّ مَا يَسْبِقُ الْبِنَاءَ مِمَّا يُسَمُّونَهُ تَزْوِيجًا فَإِنَّمَا هُوَ مُرَاكَنَةٌ وَوَعْدٌ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342422أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا أُحْضِرَتْ إِلَيْهِ الْكِنْدِيَّةُ وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ [ ص: 95 ] لَهَا : هَبِي لِي نَفْسَكِ أَيْ لِيَعْلَمَ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِمَا عَقَدَ لَهَا وَلِيُّهَا فَقَالَتْ : مَا كَانَ لِمَلِكَةٍ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِسُوقَةٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ لَهَا : لَقَدِ اسْتَعَذْتِ بِمُعَاذٍ . فَذَلِكَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ رُجُوعٌ عَنِ التَّزَوُّجِ بِهَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ وَأَنَّ قَوْلَ
عُمَرَ ،
لِأَبِي بَكْرٍ أَوْ قَوْلُ مَنْ قَالَ
لِعُمَرَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْعَقْدِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ تَحْرِيمُ تَزَوُّجِ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَرَجَعَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ،
وَالرَّافِعِيُّ أَنَّ التَّحْرِيمَ قَاصِرٌ عَلَى الَّتِي دَخَلَ بِهَا . عَلَى أَنَّهُ يَظْهَرُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ ( أَزْوَاجَهُ ) بِمَعْنَى لَامِ الْعَهْدِ ، أَيِ الْأَزْوَاجَ اللَّائِي فِي شَأْنِهِنَّ هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=52لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ فَهُنَّ اللَّاءِ ثَبَتَ لَهُنَّ حُكْمُ الْأُمَّهَاتِ .
وَبَعْدُ فَإِنَّ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدُ تَفَقُّهٍ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ عَمَلٌ .