والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ألحقت حرمة المؤمنين بحرمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تنويها بشأنهم ، وذكروا على حدة للإشارة إلى نزول رتبتهم عن رتبة الرسول - عليه الصلاة والسلام - . وهذا من الاستطراد معترض بين أحكام حرمة النبيء - صلى الله عليه وسلم - وآداب أزواجه وبناته المؤمنات .
وعطف ( المؤمنات ) على ( المؤمنين ) للتصريح بمساواة الحكم وإن كان ذلك معلوما من الشريعة ، لوزع المؤذين عن أذى المؤمنات لأنهن جانب ضعيف بخلاف الرجال فقد يزعهم عنهم اتقاء غضبهم وثأرهم لأنفسهم .
والمراد بالأذى : أذى القول بقرينة قوله فقد احتملوا بهتانا لأن البهتان من أنواع الأقوال وذلك تحقير لأقوالهم ، وأتبع ذلك التحقير بأنه إثم مبين . والمراد بالمبين العظيم القوي ، أي جرما من أشد الجرم ، وهو وعيد بالعقاب عليه .
وضمير ( اكتسبوا ) عائد إلى المؤمنين والمؤمنات على سبيل التغليب ، والمجرور في موضع الحال . وهذا الحال لزيادة تشنيع ذلك الأذى بأنه ظلم وكذب .
وليس المراد بالحال تقييد الحكم حتى يكون مفهومه جواز أذى المؤمنين والمؤمنات بما اكتسبوا ، أي أن يسبوا بعمل ذميم اكتسبوه لأن الجزاء على ذلك ليس موكولا لعموم الناس ولكنه موكول إلى ولاة الأمور كما قال تعالى واللذان يأتيانها منكم فآذوهما . وقد نهى النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن الغيبة وقال : . فقيل : وإن كان حقا . قال : إن كان غير حق فذلك البهتان فأما تغيير المنكر فلا يصحبه أذى . هي أن تذكر أخاك بما يكره
[ ص: 106 ] وماصدق الموصول في قوله ( ما اكتسبوا ) سيئا ، أي بغير ما اكتسبوا من سيئ . ومعنى احتملوا كلفوا أنفسهم حملا ، وذلك تمثيل للبهتان بحمل ثقيل على صاحبه ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا في سورة النساء .