يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ( يوم ) ظرف يجوز أن يتعلق بـ ( لا يجدون ) أي إن وجدوا أولياء ونصراء في الدنيا من يهود قريظة وخيبر في يوم الأحزاب فيوم تقلب وجوههم في النار لا يجدون وليا يرثي لهم ولا نصيرا يخلصهم . وتكون جملة ( يقولون ) حالا من ضمير ( يقولون ) .
ويجوز أن يتعلق الظرف بفعل ( يقولون ) حالا من ضمير ( لا يجدون ) .
[ ص: 116 ] ويجوز أن ينتصب بفعل محذوف تقديره : اذكر على طريقة نظائره من ظروف كثيرة واردة في القرآن ، وتكون جملة ( يقولون ) حالا من الضمير في وجوههم .
والتقليب : شدة القلب . والقلب : تغيير وضع الشيء على غير الجهة التي كان عليها .
والمعنى : يوم تقلب ملائكة العذاب وجوههم في النار بغير اختيار منهم ، أو يجعل الله ذلك التقلب في وجوههم لتنال النار جميع الوجه كما يقلب الشواء على المشوى لينضج على سواء ، ولو كان لفح النار مقتصرا على أحد جانبي الوجه لكان للجانب الآخر بعض الراحة .
وتخصيص الوجوه بالذكر من بين سائر الأعضاء لأن حر النار يؤذي الوجوه أشد مما يؤذي بقية الجلد لأن الوجوه مقر الحواس الرقيقة : العيون والأفواه والآذان والمنافس كقوله تعالى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة .
وحرف ( يا ) في قوله ( يا ليتنا ) للتنبيه لقصد إسماع من يرثى لحالهم مثل يا حسرتنا . والتمني هنا كناية عن التندم على ما فات ، وكذلك نحو ( يا حسرتنا ) أي أن الحسرة غير مجدية .
وقد علموا يومئذ أن ما كان يأمرهم به النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو تبليغ عن مراد الله منهم وأنهم إذ عصوه فقد عصوا الله تعالى فتمنوا يومئذ أن لا يكونوا عصوا الرسول المبلغ عن الله تعالى .
والألف في آخر قوله ( الرسولا ) لرعاية الفواصل التي بنيت عليها السورة فإنها بنيت على فاصلة الألف وهي ألف الإطلاق إجراء للفواصل مجرى القوافي التي تلحقها ألف الإطلاق . وقد تقدم ذلك في قوله تعالى وتظنون بالله الظنونا في هذه السورة ، وتقدمت وجوه القراءات في إثباتها في الوصل أو حذفها .