أردفت حكايات أقوالهم وكفرانهم بعد استيفاء أصنافها بذكر جزائهم وتصوير فظاعته بما في قوله ولو ترى إذ الظالمون الآية من الإبهام المفيد للتهويل .
والمناسبة ما تقدم من قوله ويقولون متى هذا الوعد فإنه بعد أن ألقمهم الحجر بقوله قل لكم ميعاد يوم الخ أتبعه بتصوير حالهم فيه .
والخطاب في ولو ترى لكل من يصلح لتلقي الخطاب ممن تبلغه هذه الآية ، أي ولو يرى الرائي هذا الوقت .
وجواب " لو " محذوف للتهويل وهو حذف شائع . وتقديره : لرأيت أمرا عجبا . وإذ ظرف متعلق بـ " ترى " أي لو ترى في الزمان الذي يوقف فيه الظالمون بين يدي ربهم .
والظالمون : المشركون ، قال تعالى إن الشرك لظلم عظيم وتقدم قريب منه قوله تعالى ولو ترى إذ وقفوا على النار في سورة الأنعام ، وقد وقع التصريح بأنه إيقاف جمع بين المشركين والذين دعوهم إلى الإشراك في قوله تعالى ويوم [ ص: 204 ] نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون الآية في سورة يونس .
والإتيان بالجملة التي أضيف إليها الظرف اسمية هنا لإفادة طول وقوفهم بين يدي الله طولا يستوجب الضجر ويملأ القلوب رعبا وهو ما أشار له حديث أنس وحديث في شفاعة النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأهل المحشر : أبي هريرة
الحديث . تدنو الشمس من رءوس الخلائق فيشتد عليهم حرها فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا
وجملة يرجع بعضهم إلى بعض القول في موضع الحال من الظالمون أو من ضمير موقوفون .
وجيء بالمضارع في قوله يرجع بعضهم إلى بعض القول لاستحضار الحالة كقوله تعالى يجادلنا في قوم لوط .
ورجع القول : الجواب ، ورجع البعض إلى البعض : المجاوبة والمحاورة . وهي أن يقول بعضهم كلاما ويجيبه الآخر عنه وهكذا ، شبه الجواب عن القول بإرجاع القول كأن المجيب أرجع إلى المتكلم كلامه بعينه إذ كان قد خاطبه بكفائه وعدله قال بشار :
وكأن رجع حديثها قطع الرياض كسين زهرا
أي كأن جوابها حيث تجيبه ، ومنه قيل للجواب رد . ورجع الرشق في الرمي : ما ترد عليه من التراشق .