واعلموا أن الله غفور حليم واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه
عطف على الكلام السابق من قوله ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء إلى قوله حتى يبلغ الكتاب أجله وابتدئ الخطاب باعلموا لما أريد قطع هواجس التساهل والتأول ، في هذا الشأن ، ليأتي الناس ما شرع الله لهم عن صفاء سريرة من كل دخل وحيلة ، وقد تقدم نظيره في قوله واعلموا أنكم ملاقوه .
وقوله واعلموا أن الله غفور حليم تذييل ، أي فكما يؤاخذكم على ما تضمرون من المخالفة ، يغفر لكم ما وعد بالمغفرة عنه كالتعريض ، لأنه حليم بكم ، وهذا دليل على أن إباحة التعريض رخصة ، كما قدمنا ، وأن الذريعة تقتضي تحريمه ، لولا أن الله علم مشقة تحريمه على الناس : للوجوه التي قدمناها ، فلعل المراد من المغفرة هنا التجاوز ، لا مغفرة الذنب ; لأن التعريض ليس بإثم ، أو يراد به المعنى الأعم الشامل لمغفرة الذنب ، والتجاوز عن المشاق ، وشأن التذييل التعميم .