جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير
الأظهر أنه بدل اشتمال من قوله ذلك هو الفضل الكبير فإن مما يشتمل عليه الفضل دخولهم الجنة كما علمت ، وتخصيص هذا الفضل من بين أصنافه لأنه أعظم الفضل ولأنه أمارة على رضوان الله عنهم حين إدخالهم الجنة ، ورضوان من الله أكبر .
ويجوز أن يكون استئنافا بيانيا لبيان الفضل الكبير وقد بين بأعظم أصنافه . والمعنى واحد .
وضمير الجماعة في " يدخلونها " راجع إلى الذين اصطفينا المقسم إلى ثلاثة أقسام : ظالم ، ومقتصد ، وسابق ، أي هؤلاء كلهم يدخلون الجنة لأن [ ص: 315 ] المؤمنين كلهم مآلهم الجنة كما دلت عليه الأخبار التي تكاثرت . وقد روى الترمذي بسند فيه مجهولان عن أبي سعيد الخدري ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة . قال أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . قال في العارضة : من الناس من قال : إن هذه الأصناف الثلاثة هم الذين في سورة الواقعة : أصحاب الميمنة ، وأصحاب المشأمة ، والسابقون . وهذا فاسد لأن أصحاب المشأمة في النار الحامية ، وأصحاب سورة فاطر في جنة عالية لأن الله ذكرهم بين فاتحة وخاتمة ؛ فأما الفاتحة فهي قوله أبو بكر بن العربي ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فجعلهم مصطفين . ثم قال في آخرهم جنات عدن يدخلونها ولا يصطفى إلا من يدخل الجنة ، ولكن من أهل الجنة ظالم لنفسه فقال فمنهم ظالم لنفسه وهو العاصي والظالم المطلق هو الكافر ، وقيل عنه : الظالم لنفسه رفقا به ، وقيل للآخر السابق بإذن الله إنباء أن ذلك بنعمة الله وفضله لا من حال العبد اهـ .
وفي الإخبار بالمسند الفعلي عن المسند إليه إفادة تقوي الحكم ، وصوغ الفعل بصيغة المضارع لأنه مستقبل ، وكذلك صوغ " يحلون " وهو خبر ثان عن جنات عدن ، وتقدم نظيرها في سورة الحج فانظره .
وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر " ولؤلؤا " بالنصب عطفا على محل " أساور " لأنه لما جر بحرف الجر الزائد كان في موضع نصب على المفعول الثاني لفعل " يحلون " فجاز في المعطوف أن ينصب على مراعاة محل المعطوف عليه . وقرأه الباقون بالجر على مراعاة اللفظ ، وهما وجهان .