nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29007_28766_30337_30340قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون استئناف بياني لأن وصف هذه الحال بعد حكاية إنكارهم البعث وإحالتهم إياه يثير سؤال من يسأل عن مقالهم حينما يرون حقيقة البعث .
و " يا ويلنا " كلمة يقولها الواقع في مصيبة أو المتحسر . والويل : سوء الحال ، وإنما قالوا ذلك لأنهم رأوا ما أعد لهم من العذاب عندما بعثوا . وقد تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم في سورة البقرة .
وحكي قولهم بصيغة الماضي اتباعا لحكاية ما قبله بصيغة المضي لتحقيق الوقوع .
وحرف النداء الداخل على " ويلنا " للتنبيه وتنزيل الويل منزلة من يسمع فينادى ليحضر ، وقد تقدم عند قوله تعالى قالت ( يا ويلتا ) في سورة هود .
و " من " استفهام عن فاعل البعث مستعمل في
nindex.php?page=treesubj&link=30351_30549التعجب والتحسر من حصول البعث . ولما كان البعث عندهم محالا كنوا عن التعجب من حصوله بالتعجب من فاعله لأن الأفعال الغريبة تتوجه العقول إلى معرفة فاعلها لأنهم لما بعثوا وأزجي بهم إلى العذاب علموا أنه بعث فعله من أراد تعذيبهم .
والمرقد : مكان الرقاد . وحقيقة الرقاد : النوم . وأطلقوا الرقاد على الموت والاضطجاع في القبور تشبيها بحالة الراقد .
ثم لم يلبثوا أن استحضرت نفوسهم ما كانوا ينذرون به في الدنيا فاستأنفوا عن
[ ص: 38 ] تعجبهم قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون .
وهذا الكلام خبر مستعمل في لازم الفائدة وهو أنهم علموا سبب ما تعجبوا منه فبطل العجب ، فيجوز أن يكونوا يقولون ذلك كما يتكلم المتحسر بينه وبين نفسه ، وأن يقوله بعضهم لبعض كل يظن أن صاحبه لم يتفطن للسبب فيريد أن يعلمه به .
وأتوا في التعبير عن اسم الجلالة بصفة الرحمن إكمالا للتحسر على تكذيبهم بالبعث بذكر ما كان مقارنا للبعث في تكذيبهم وهو إنكار هذا الاسم كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن .
والإشارة بقوله هذا إشارة إلى الحالة المرئية لجميعهم وهي حالة خروجهم من الأرض .
وجملة وصدق المرسلون عطف على جملة هذا ما وعد الرحمن وهو مستعمل في التحسر على أن كذبوا الرسل .
وجمع " المرسلين " مع أن المحكي
nindex.php?page=treesubj&link=31782_28766_30549كلام المشركين الذين يقولون متى هذا الوعد إما لأنهم استحضروا أن تكذيبهم
محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان باعثه إحالتهم أن يكون الله يرسل بشرا رسولا ، فكان ذلك لأنهم لا يصدقون أحدا يأتي برسالة من الله كما حكى عنهم قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء فلما تحسروا على خطئهم ذكروه بما يشمله ويشمل سببه كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كذبت قوم نوح المرسلين في سورة الشعراء . وقوله في سورة الفرقان
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ، وإما لأن ذلك القول صدر عن جميع الكفار المبعوثين من الأمم فعلمت كل أمة خطأها في تكذيب رسولها وخطأ غيرها في تكذيب رسلهم فنطقوا جميعا بما يفصح عن الخطأين ، وقد مضى أن ضمير فإذا هم جميع يجوز أن يعود على جميع الناس .
ومن المفسرين من جعل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون من كلام الملائكة يجيبون به قول الكفار من بعثنا من مرقدنا فهذا جواب يتضمن بيان من بعثهم مع تنديمهم على تكذيبهم به في الحياة الدنيا حين أبلغهم الرسل
[ ص: 39 ] ذلك عن الله تعالى . واسم الرحمن حينئذ من كلام الملائكة لزيادة توبيخ الكفار على تجاهلهم به في الدنيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52nindex.php?page=treesubj&link=29007_28766_30337_30340قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِأَنَّ وَصْفَ هَذِهِ الْحَالِ بَعْدَ حِكَايَةِ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَإِحَالَتِهِمْ إِيَّاهُ يُثِيرُ سُؤَالَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مَقَالِهِمْ حِينَمَا يَرَوْنَ حَقِيقَةَ الْبَعْثِ .
وَ " يَا وَيْلَنَا " كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْوَاقِعُ فِي مُصِيبَةٍ أَوِ الْمُتَحَسِّرُ . وَالْوَيْلُ : سُوءُ الْحَالِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا مَا أُعِدَّ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ عِنْدَمَا بُعِثُوا . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَحُكِيَ قَوْلُهُمْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي اتِّبَاعًا لِحِكَايَةِ مَا قَبْلَهُ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ لِتَحْقِيقِ الْوُقُوعِ .
وَحَرْفُ النِّدَاءِ الدَّاخِلُ عَلَى " وَيْلِنَا " لِلتَّنْبِيهِ وَتَنْزِيلِ الْوَيْلِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَسْمَعُ فَيُنَادَى لِيَحْضُرَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى قَالَتْ ( يَا وَيْلَتَا ) فِي سُورَةِ هُودٍ .
وَ " مَنْ " اسْتِفْهَامٌ عَنْ فَاعِلِ الْبَعْثِ مُسْتَعْمَلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30351_30549التَّعَجُّبِ وَالتَّحَسُّرِ مِنْ حُصُولِ الْبَعْثِ . وَلَمَّا كَانَ الْبَعْثُ عِنْدَهُمْ مُحَالًا كَنَوْا عَنِ التَّعَجُّبِ مِنْ حُصُولِهِ بِالتَّعَجُّبِ مِنْ فَاعِلِهِ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ الْغَرِيبَةَ تَتَوَجَّهُ الْعُقُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ فَاعِلِهَا لِأَنَّهُمْ لَمَّا بُعِثُوا وَأُزْجِيَ بِهِمْ إِلَى الْعَذَابِ عَلِمُوا أَنَّهُ بَعْثٌ فَعَلَهُ مَنْ أَرَادَ تَعْذِيبَهُمْ .
وَالْمَرْقَدُ : مَكَانُ الرُّقَادِ . وَحَقِيقَةُ الرُّقَادِ : النَّوْمُ . وَأَطْلَقُوا الرُّقَادَ عَلَى الْمَوْتِ وَالِاضْطِجَاعِ فِي الْقُبُورِ تَشْبِيهًا بِحَالَةِ الرَّاقِدِ .
ثُمَّ لَمْ يَلْبَثُوا أَنِ اسْتَحْضَرَتْ نُفُوسُهُمْ مَا كَانُوا يُنْذَرُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَاسْتَأْنَفُوا عَنْ
[ ص: 38 ] تَعَجُّبِهِمْ قَوْلَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ .
وَهَذَا الْكَلَامُ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ الْفَائِدَةِ وَهُوَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا سَبَبَ مَا تَعَجَّبُوا مِنْهُ فَبَطَلَ الْعَجَبُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْمُتَحَسِّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ ، وَأَنْ يَقُولَهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كُلٌّ يَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَتَفَطَّنْ لِلسَّبَبِ فَيُرِيدُ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ .
وَأَتَوْا فِي التَّعْبِيرِ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ بِصِفَةِ الرَّحْمَنِ إِكْمَالًا لِلتَّحَسُّرِ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِالْبَعْثِ بِذِكْرِ مَا كَانَ مُقَارَنًا لِلْبَعْثِ فِي تَكْذِيبِهِمْ وَهُوَ إِنْكَارُ هَذَا الِاسْمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الْمَرْئِيَّةِ لِجَمِيعِهِمْ وَهِيَ حَالَةُ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَرْضِ .
وَجُمْلَةُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّحَسُّرِ عَلَى أَنْ كَذَّبُوا الرُّسُلَ .
وَجَمْعُ " الْمُرْسَلِينَ " مَعَ أَنَّ الْمَحْكِيَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31782_28766_30549كَلَامُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِمَّا لِأَنَّهُمُ اسْتَحْضَرُوا أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بَاعِثُهُ إِحَالَتَهُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يُرْسِلُ بَشَرًا رَسُولًا ، فَكَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ أَحَدًا يَأْتِي بِرِسَالَةٍ مِنَ اللَّهِ كَمَا حَكَى عَنْهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ فَلَمَّا تَحَسَّرُوا عَلَى خَطَئِهِمْ ذَكَرُوهُ بِمَا يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ سَبَبَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ . وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=37وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ ، وَإِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ صَدَرَ عَنْ جَمِيعِ الْكُفَّارِ الْمَبْعُوثِينَ مِنَ الْأُمَمِ فَعَلِمَتْ كُلُّ أُمَّةٍ خَطَأَهَا فِي تَكْذِيبِ رَسُولِهَا وَخَطَأِ غَيْرِهَا فِي تَكْذِيبِ رُسُلِهِمْ فَنَطَقُوا جَمِيعًا بِمَا يُفْصِحُ عَنِ الْخَطَأَيْنِ ، وَقَدْ مَضَى أَنَّ ضَمِيرَ فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ .
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=52هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ يُجِيبُونَ بِهِ قَوْلَ الْكُفَّارِ مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا فَهَذَا جَوَابٌ يَتَضَمَّنُ بَيَانَ مَنْ بَعَثَهُمْ مَعَ تَنْدِيمِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا حِينَ أَبْلَغَهُمُ الرُّسُلُ
[ ص: 39 ] ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى . وَاسْمُ الرَّحْمَنِ حِينَئِذٍ مِنْ كَلَامِ الْمَلَائِكَةِ لِزِيَادَةِ تَوْبِيخِ الْكُفَّارِ عَلَى تَجَاهُلِهِمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا .