إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا .
استئناف ابتدائي قصد به تهديد الذين أهملوا الاستدلال بآيات الله على توحيده .
[ ص: 304 ] وقوله لا يخفون علينا مراد به الكناية عن الوعيد تذكيرا لهم ، وهو متصل المعنى بقوله آنفا بإحاطة علم الله بكل كائن وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم الآية .
والإلحاد حقيقته : الميل عن الاستقامة ، والآيات تشمل الدلائل الكونية المتقدمة في قوله قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وقوله ومن آياته الليل والنهار إلخ . وتشمل الآيات القولية المتقدمة في قوله وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه .
فالإلحاد في الآيات مستعار للعدول والانصراف عن دلالة الآيات الكونية على ما دلت عليه . والإلحاد في الآيات القولية مستعار للعدول عن سماعها وللطعن في صحتها وصرف الناس عن سماعها .
وحرف في من قوله تعالى في آيتنا للظرفية المجازية لإفادة تمكن إلحادهم حتى كأنه مظروف في آيات الله حيثما كانت أو كلما سمعوها .
ومعنى نفي خفائهم : نفي خفاء إلحادهم لا خفاء ذواتهم إذ لا غرض في العلم بذواتهم .