[ ص: 252 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=29014_19875_19889_19878الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=70ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون
استئناف يفيد أمرين :
أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30351_28766بيان بعض الأهوال التي أشار إليها إجمال التهديد في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=65فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم .
وثانيهما : موعظة المشركية بما يحصل يوم القيامة من الأهوال لأمثالهم والحبرة للمؤمنين .
وقد أوثر بالذكر هنا من الأهوال ما له مزيد تناسب لحال المشركين في تألبهم على مناواة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودين الإسلام ، فإنهم ما ألبهم إلا تناصرهم وتوادهم في الكفر والتباهي بذلك بينهم في نواديهم وأسمارهم ، قال تعالى حكاية عن
إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا وتلك شنشنة أهل الشرك من قبل .
وفي معنى هذه الآية قوله المتقدم آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=38حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين .
والأخلاء : جمع خليل ، وهو الصاحب الملازم ، قيل : إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلل لصاحبه والممتزج به ، وتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125واتخذ الله إبراهيم خليلا في سورة النساء . والمضاف إليه ( إذ ) من قوله " يومئذ " هو المعوض عنه التنوين دل عليه المذكور قبله في قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=65من عذاب يوم أليم " .
[ ص: 253 ] والعدو : المبغض ، ووزنه فعول بمعنى فاعل ، أي عاد ، ولذلك استوى جريانه على الواحد وغيره ، والمذكر وغيره ، وتقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فإن كان من قوم عدو لكم في سورة النساء .
وتعريف الأخلاء تعريف الجنس وهو مفيد استغراقا عرفيا ، أي الأخلاء من فريقي المشركين والمؤمنين أو الأخلاء من قريش المتحدث عنهم ، وإلا فإن من الأخلاء غير المؤمنين من لا عداوة بينهم يوم القيامة وهم الذين لم يستخدموا خلتهم في إغراء بعضهم بعضا على الشرك والكفر والمعاصي وإن افترقوا في المنازل والدرجات يوم القيامة .
و " يومئذ " ظرف متعلق بـ " عدو " ، وجملة " يا عبادي " مقولة لقول محذوف دلت عليه صيغة الخطاب ، أي نقول لهم أو يقول الله لهم .
وقرأ الجمهور يا عبادي بإثبات الياء على الأصل . وقرأه
حفص nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بحذف ياء المتكلم تخفيفا . قال
ابن عطية قال
أبو علي : وحذفها حسن ؛ لأنها في موضع تنوين ، وهي قد عاقبته فكما يحذف التنوين في الاسم المفرد المنادى كذلك تحذف الياء هنا .
ومفاتحة خطابهم بنفي الخوف عنهم تأنيس لهم ، ومنة بإنجائهم من مثله ، وتذكير لهم بسبب مخالفة حالهم لحال أهل الضلالة فإنهم يشاهدون ما يعامل به أهل الضلالة والفساد .
و "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68لا خوف " مرفوع منون في جميع القراءات المشهورة ، وإنما لم يفتح لأن الفتح على تضمين ( من ) الزائدة المؤكدة للعموم ، وإذ قد كان التأكيد مفيدا التنصيص على عدم إرادة نفي الواحد ، وكان المقام غير مقام التردد في نفي جنس الخوف عنهم لأنه لم يكن واقعا بهم حينئذ مع وقوعه على غيرهم ، فأمارة نجاتهم منه واضحة ، لم يحتج إلى نصب اسم ( لا ) ، ونظيره قول الرابعة من نساء حديث
أم زرع nindex.php?page=hadith&LINKID=2002364زوجي كليل تهامه ، لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمه روايته برفع الأسماء الأربعة لأن انتفاء تلك الأحوال عن ليل تهامة مشهور ، وإنما أرادت بيان وجوه الشبه من قولها كليل تهامه .
[ ص: 254 ] وجيء في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68ولا أنتم تحزنون بالمسند إليه مخبرا عنه بالمسند الفعلي لإفادة التقوي في نفي الحزن عنهم ، فالتقوي أفاد تقوي النفي لا نفي قوة الحزن الصادق بحزن غير قوي . هذا هو طريق الاستعمال في نفس صيغ المبالغة كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وما ربك بظلام للعبيد تطمينا لأنفسهم بانتفاء الحزن عنهم في أزمنة المستقبل ، إذ قد يهجس بخواطرهم هل يدوم لهم الأمن الذي هم فيه .
وجملة " الذين آمنوا بآياتنا " نعت للمنادى من قوله يا عبادي ، جيء فيها بالموصول لدلالة الصلة على علة انتفاء الخوف والحزن عنهم ، وعطف على الصلة قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69وكانوا مسلمين " .
والمخالفة بين الصلتين إذ كانت أولاهما فعلا ماضيا والثانية فعل كون مخبرا عنه باسم فاعل لأن الإيمان : عقد القلب يحصل دفعة واحدة وأما الإسلام فهو الإتيان بقواعد الإسلام الخمس كما جاء تفسيره في حديث سؤال
جبريل ، فهو معروض للتمكن من النفس فلذلك أوثر بفعل ( كان ) الدال على اتحاد خبره باسمه حتى كأنه من قوام كيانه .
وعطف أزواجهم عليهم في الإذن بدخول الجنة من تمام نعمة التمتع بالخلة التي كانت بينهم وبين أزواجهم في الدنيا .
و " تحبرون " مبني للمجهول مضارع حبر بالبناء للمجهول ، وفعله حبره ، إذا سره ، ومصدره الحبر بفتح فسكون ، والاسم الحبور والحبرة ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فهم في روضة يحبرون في سورة الروم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يطاف عليهم بصحاف إلخ معترضة بين أجزاء القول فليس في ضمير " عليهم " التفات بل المقام لضمير الغيبة .
والصحاف : جمع صفحة ، إناء مستدير واسع الفم ينتهي أسفله بما يقارب التكوير . والصفحة : إناء لوضع الطعام أو الفاكهة مثل صحاف الفغفوري الصيني تسع شبع خمسة ، وهي دون القصعة التي تسع شبع عشرة . وقد وردأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب اتخذ صحافا على عدد أزواج النبيء - صلى الله عليه وسلم - فلا يؤتى إليه بفاكهة أو طرفة إلا أرسل إليهن منها في تلك الصحاف .
[ ص: 255 ] والأكواب : جمع كوب بضم الكاف وهو إناء للشراب من ماء أو خمر مستطيل الشكل له عنق قصير في أعلى ذلك العنق فمه وهو مصب ما فيه ، وفمه أضيق من جوفه ، والأكثر أن لا تكون له عروة يمسك منها ؛ فيمسك بوضع اليد على عنقه ، وقد تكون له عروة قصيرة ، وهو أصغر من الإبريق إلا أنه لا خرطوم له ولا عروة في الغالب . وأما الإبريق فله عروة وخرطوم .
وحذف وصف الأكواب لدلالة وصف صحاف عليه ، أي وأكواب من ذهب .
وهذه الأكواب تكون للماء وتكون للخمر .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وفيها ما تشتهيه الأنفس إلخ حال من الجنة ، وهي من بقية القول .
وضمير " فيها " عائد إلى الجنة ، وقد عم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71ما تشتهيه الأنفس كل ما تتعلق الشهوات النفسية بنواله وتحصيله ،
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30395_30413والله يخلق في أهل الجنة الشهوات اللائقة بعالم الخلود والسمو .
" وتلذ " مضارع لذ بوزن علم : إذا أحس لذة ، وحق فعله أن يكون قاصرا فيعدى إلى الشيء الذي به اللذة بالباء فيقال : لذ به ، وكثر حذف الباء وإيصال الفعل إلى المجرور بنفسه فينتصب على نزع الخافض ، وكثر ذلك في الكلام حتى صار الفعل بمنزلة المتعدي فقالوا : لذه . ومنه قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وتلذ الأعين التقدير ، وتلذه الأعين . والضمير المحذوف هو رابط الصلة بالموصول .
ولذة الأعين في رؤية الأشكال الحسنة والألوان التي تنشرح لها النفس ، فلذة الأعين وسيلة للذة النفوس فعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وتلذ الأعين على
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71ما تشتهيه الأنفس عطف ما بينه وبين المعطوف عليه عموم وخصوص ، فقد تشتهي الأنفس ما لا تراه الأعين كالمحادثة مع الأصحاب وسماع الأصوات الحسنة والموسيقى . وقد تبصر الأعين ما لم تسبق للنفس شهوة رؤيته أو ما اشتهت النفس طعمه أو سمعه فيؤتى به في صور جميلة إكمالا للنعمة .
[ ص: 256 ] و " الأنفس " فاعل تلذ وحذف المفعول لظهوره من المقام .
وقرأ
نافع وابن عامر وحفص عن
عاصم وأبو جعفر ما تشتهيه بهاء ضمير عائد إلى ( ما ) الموصولة وكذلك هو مرسوم في مصحف
المدينة ومصحف
الشام ، وقرأه الباقون ( ما تشتهي ) بحذف هاء الضمير ، وكذلك رسم في مصحف
مكة ومصحف
البصرة ومصحف
الكوفة . والمروي عن
عاصم قارئ
الكوفة روايتان : إحداهما أخذ بها
حفص والأخرى أخذ بها
أبو بكر . وحذف العائد المتصل المنصوب بفعل أو وصف من صلة الموصول كثير في الكلام .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وأنتم فيها خالدون بشارة لهم بعدم انقطاع الحبرة وسعة الرزق ونيل الشهوات ، وجيء فيه بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات تأكيدا لحقيقة الخلود لدفع توهم أن يراد به طول المدة فحسب .
وتقديم المجرور للاهتمام ، وعطف على بعض ما يقال لهم مقول آخر قصد منه التنويه بالجنة وبالمؤمنين إذ أعطوها بسبب أعمالهم الصالحة ، فأشير إلى الجنة باسم إشارة البعيد تعظيما لشأنها وإلا فإنها حاضرة نصب أعينهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72وتلك الجنة التي أورثتموها الآية تذييل للقول .
واسم الإشارة مبتدأ و " الجنة " خبره ، أي تلك التي ترونها هي الجنة التي سمعتم بها ووعدتم بدخولها .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72التي أورثتموها بما كنتم تعملون صفة للجنة .
واستعير أورثتموها لمعنى : أعطيتموها دون غيركم ، بتشبيه إعطاء الله المؤمنين دون غيرهم نعيم الجنة بإعطاء الحاكم مال الميت لوارثه دون غيره من القرابة لأنه أولى به وآثر بنيله .
والباء في
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72بما كنتم تعملون للسببية وهي سببية بجعل الله ووعده ، ودل قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72كنتم تعملون " على أن عملهم الذي استحقوا به الجنة أمر كائن متقرر ، وأن عملهم ذلك متكرر متجدد ، أي غير منقطع إلى وفاتهم .
[ ص: 257 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73لكم فيها فاكهة كثيرة صفة ثانية للجنة . والفاكهة : الثمار رطبها ويابسها ، وهي من أحسن ما يستلذ من المآكل ، وطعومها معروفة لكل سامع .
ووجه تكرير الامتنان بنعيم المأكل والمشرب في الجنة : أن ذلك من النعيم الذي لا تختلف الطباع البشرية في استلذاذه ، ولذلك قال "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73منها تأكلون " كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141كلوا من ثمره إذا أثمر .
[ ص: 252 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=29014_19875_19889_19878الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=70ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مَنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ
اسْتِئْنَافٌ يُفِيدُ أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=30296_30351_28766بَيَانُ بَعْضِ الْأَهْوَالِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا إِجْمَالُ التَّهْدِيدِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=65فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ .
وَثَانِيهِمَا : مَوْعِظَةُ الْمُشْرِكِيَّةِ بِمَا يَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَهْوَالِ لِأَمْثَالِهِمْ وَالْحَبْرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ .
وَقَدْ أُوثِرَ بِالذِّكْرِ هُنَا مِنَ الْأَهْوَالِ مَا لَهُ مَزِيدُ تَنَاسُبٍ لِحَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي تَأَلُّبِهِمْ عَلَى مُنَاوَاةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِ الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُمْ مَا أَلَّبَهُمْ إِلَّا تَنَاصُرُهُمْ وَتَوَادُّهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّبَاهِي بِذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي نَوَادِيهِمْ وَأَسْمَارِهِمْ ، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ
إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَتِلْكَ شَنْشَنَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبْلُ .
وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=38حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ .
وَالْأَخِلَّاءُ : جَمْعُ خَلِيلٍ ، وَهُوَ الصَّاحِبُ الْمُلَازِمُ ، قِيلَ : إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّخَلُّلِ لِأَنَّهُ كَالْمُتَخَلِّلِ لِصَاحِبِهِ وَالْمُمْتَزِجِ بِهِ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ . وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ ( إِذْ ) مِنْ قَوْلِهِ " يَوْمَئِذٍ " هُوَ الْمُعَوِّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فِي قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=65مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ " .
[ ص: 253 ] وَالْعَدُوُّ : الْمُبْغَضُ ، وَوَزْنُهُ فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ، أَيْ عَادٍ ، وَلِذَلِكَ اسْتَوَى جَرَيَانُهُ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ ، وَالْمُذَكَّرِ وَغَيْرِهِ ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَتَعْرِيفُ الْأَخِلَّاءِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَهُوَ مُفِيدٌ اسْتِغْرَاقًا عُرْفِيًّا ، أَيِ الْأَخِلَّاءُ مِنْ فَرِيقَيِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْأَخِلَّاءُ مِنْ قُرَيْشٍ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ ، وَإِلَّا فَإِنَّ مِنَ الْأَخِلَّاءِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَخْدِمُوا خُلَّتَهُمْ فِي إِغْرَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَإِنِ افْتَرَقُوا فِي الْمَنَازِلِ وَالدَّرَجَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَ " يَوْمَئِذٍ " ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ " عَدُوٌّ " ، وَجُمْلَةُ " يَا عِبَادِي " مَقُولَةٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ صِيغَةُ الْخِطَابِ ، أَيْ نَقُولُ لَهُمْ أَوْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَا عِبَادِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى الْأَصْلِ . وَقَرَأَهُ
حَفْصٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِحَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ تَخْفِيفًا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَحَذْفُهَا حَسَنٌ ؛ لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ تَنْوِينٍ ، وَهِيَ قَدْ عَاقَبَتْهُ فَكَمَا يُحْذَفُ التَّنْوِينُ فِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُنَادَى كَذَلِكَ تُحْذَفُ الْيَاءُ هُنَا .
وَمُفَاتَحَةُ خِطَابِهِمْ بِنَفْيِ الْخَوْفِ عَنْهُمْ تَأْنِيسٌ لَهُمْ ، وَمِنَّةٌ بِإِنْجَائِهِمْ مِنْ مِثْلِهِ ، وَتَذْكِيرٌ لَهُمْ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ حَالِهِمْ لِحَالِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُمْ يُشَاهِدُونَ مَا يُعَامَلُ بِهِ أَهْلُ الضَّلَالَةِ وَالْفَسَادِ .
وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68لَا خَوْفٌ " مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْتَحْ لِأَنَّ الْفَتْحَ عَلَى تَضْمِينِ ( مِنْ ) الزَّائِدَةِ الْمُؤَكِّدَةِ لِلْعُمُومِ ، وَإِذْ قَدْ كَانَ التَّأْكِيدُ مُفِيدًا التَّنْصِيصَ عَلَى عَدَمِ إِرَادَةِ نَفْيِ الْوَاحِدِ ، وَكَانَ الْمَقَامُ غَيْرَ مُقَامِ التَّرَدُّدِ فِي نَفْيِ جِنْسِ الْخَوْفِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا بِهِمْ حِينَئِذٍ مَعَ وُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ ، فَأَمَارَةُ نَجَاتِهِمْ مِنْهُ وَاضِحَةٌ ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى نَصْبِ اسْمِ ( لَا ) ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَاءِ حَدِيثِ
أَمْ زَرْعٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002364زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَهْ ، لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةٌ وَلَا سَآمَهْ رِوَايَتُهُ بِرَفْعِ الْأَسْمَاءِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ تِلْكَ الْأَحْوَالِ عَنْ لَيْلِ تِهَامَةَ مَشْهُورٌ ، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ بَيَانَ وُجُوهِ الشَّبَهِ مِنْ قَوْلِهَا كَلَيْلِ تِهَامَهْ .
[ ص: 254 ] وَجِيءَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ بِالْمُسْنِدِ إِلَيْهِ مُخْبَرًا عَنْهُ بِالْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ لِإِفَادَةِ التَّقَوِّي فِي نَفْيِ الْحُزْنِ عَنْهُمْ ، فَالتَّقَوِّي أَفَادَ تَقَوِّيِ النَّفْيِ لَا نَفْيَ قُوَّةِ الْحُزْنِ الصَّادِقِ بِحُزْنٍ غَيْرِ قَوِيٍّ . هَذَا هُوَ طَرِيقُ الِاسْتِعْمَالِ فِي نَفْسِ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ تَطْمِينًا لِأَنْفُسِهِمْ بِانْتِفَاءِ الْحُزْنِ عَنْهُمْ فِي أَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلِ ، إِذْ قَدْ يَهْجِسُ بِخَوَاطِرِهِمْ هَلْ يَدُومُ لَهُمُ الْأَمْنُ الَّذِي هُمْ فِيهِ .
وَجُمْلَةُ " الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا " نَعْتٌ لِلْمُنَادَى مِنْ قَوْلِهِ يَا عِبَادِي ، جِيءَ فِيهَا بِالْمَوْصُولِ لِدَلَالَةِ الصِّلَةِ عَلَى عِلَّةِ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ ، وَعُطِفَ عَلَى الصِّلَةِ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69وَكَانُوا مُسْلِمِينَ " .
وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الصِّلَتَيْنِ إِذْ كَانَتْ أُولَاهُمَا فِعْلًا مَاضِيًا وَالثَّانِيَةُ فِعْلَ كَوْنٍ مُخْبَرًا عَنْهُ بَاسِمِ فَاعِلٍ لِأَنَّ الْإِيمَانَ : عَقْدُ الْقَلْبِ يَحْصُلُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ كَمَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي حَدِيثِ سُؤَالِ
جِبْرِيلَ ، فَهُوَ مَعْرُوضٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ النَّفْسِ فَلِذَلِكَ أُوثِرَ بِفِعْلِ ( كَانَ ) الدَّالِّ عَلَى اتِّحَادِ خَبَرِهِ بِاسْمِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ مِنْ قِوَامِ كِيَانِهِ .
وَعَطَفَ أَزْوَاجَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الْإِذْنِ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ التَّمَتُّعِ بِالْخُلَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِمْ فِي الدُّنْيَا .
وَ " تُحْبَرُونَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ مُضَارِعُ حُبِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ، وَفِعْلُهُ حَبَرَهُ ، إِذَا سَرَّهُ ، وَمَصْدَرُهُ الْحَبْرُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ، وَالِاسْمُ الْحُبُورُ وَالْحَبْرَةُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=15فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ فِي سُورَةِ الرُّومِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ إِلَخْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْقَوْلِ فَلَيْسَ فِي ضَمِيرِ " عَلَيْهِمْ " الْتِفَاتٌ بَلِ الْمَقَامُ لِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ .
وَالصِّحَافُ : جَمْعُ صَفْحَةٍ ، إِنَاءٌ مُسْتَدِيرٌ وَاسِعُ الْفَمِ يَنْتَهِي أَسْفَلُهُ بِمَا يُقَارِبُ التَّكْوِيرَ . وَالصَّفْحَةُ : إِنَاءٌ لِوَضْعِ الطَّعَامِ أَوِ الْفَاكِهَةِ مِثْلُ صِحَافِ الْفَغْفُورِيِّ الصِّينِيِّ تَسَعُ شِبَعَ خَمْسَةٍ ، وَهِيَ دُونُ الْقَصْعَةِ الَّتِي تَسَعُ شِبَعَ عَشْرَةٍ . وَقَدْ وَرَدَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابَ اتَّخَذَ صِحَافًا عَلَى عَدَدِ أَزْوَاجِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُؤْتَى إِلَيْهِ بِفَاكِهَةٍ أَوْ طُرْفَةٍ إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ .
[ ص: 255 ] وَالْأَكْوَابُ : جَمْعُ كُوبٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَهُوَ إِنَاءٌ لِلشَّرَابِ مِنْ مَاءٍ أَوْ خَمْرٍ مُسْتَطِيلُ الشَّكْلِ لَهُ عُنُقٌ قَصِيرٌ فِي أَعْلَى ذَلِكَ الْعُنُقِ فَمُهُ وَهُوَ مَصَبُّ مَا فِيهِ ، وَفَمُهُ أَضْيَقُ مِنْ جَوْفِهِ ، وَالْأَكْثَرُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ عُرْوَةٌ يُمْسَكُ مِنْهَا ؛ فَيُمْسَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى عُنُقِهِ ، وَقَدْ تَكُونُ لَهُ عُرْوَةٌ قَصِيرَةٌ ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ الْإِبْرِيقِ إِلَّا أَنَّهُ لَا خُرْطُومَ لَهُ وَلَا عُرْوَةَ فِي الْغَالِبِ . وَأَمَّا الْإِبْرِيقُ فَلَهُ عُرْوَةٌ وَخُرْطُومٌ .
وَحُذِفَ وَصْفُ الْأَكْوَابِ لِدَلَالَةِ وَصْفِ صِحَافٍ عَلَيْهِ ، أَيْ وَأَكْوَابٌ مِنْ ذَهَبٍ .
وَهَذِهِ الْأَكْوَابُ تَكُونُ لِلْمَاءِ وَتَكُونُ لِلْخَمْرِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ إِلَخْ حَالٌ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَهِيَ مِنْ بَقِيَّةِ الْقَوْلِ .
وَضَمِيرُ " فِيهَا " عَائِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَقَدْ عَمَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ كُلَّ مَا تَتَعَلَّقُ الشَّهَوَاتُ النَّفْسِيَّةُ بِنَوَالِهِ وَتَحْصِيلِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30387_30395_30413وَاللَّهُ يَخْلُقُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ الشَّهَوَاتِ اللَّائِقَةِ بِعَالَمِ الْخُلُودِ وَالسُّمُوِّ .
" وَتَلَذُّ " مُضَارِعُ لَذَّ بِوَزْنِ عَلِمَ : إِذَا أَحَسَّ لَذَّةً ، وَحَقُّ فِعْلِهِ أَنْ يَكُونَ قَاصِرًا فَيُعَدَّى إِلَى الشَّيْءِ الَّذِي بِهِ اللَّذَّةُ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ : لَذَّ بِهِ ، وَكَثُرَ حَذْفُ الْبَاءِ وَإِيصَالُ الْفِعْلِ إِلَى الْمَجْرُورِ بِنَفْسِهِ فَيَنْتَصِبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ ، وَكَثُرَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ حَتَّى صَارَ الْفِعْلُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَعَدِّي فَقَالُوا : لَذَّهُ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ التَّقْدِيرُ ، وَتَلَذُّهُ الْأَعْيُنُ . وَالضَّمِيرُ الْمَحْذُوفُ هُوَ رَابِطُ الصِّلَةِ بِالْمَوْصُولِ .
وَلَذَّةُ الْأَعْيُنِ فِي رُؤْيَةِ الْأَشْكَالِ الْحَسَنَةِ وَالْأَلْوَانِ الَّتِي تَنْشَرِحُ لَهَا النَّفْسُ ، فَلَذَّةُ الْأَعْيُنِ وَسِيلَةٌ لِلَذَّةِ النُّفُوسِ فَعَطَفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ عَطْفَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ ، فَقَدْ تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ مَا لَا تَرَاهُ الْأَعْيُنُ كَالْمُحَادَثَةِ مَعَ الْأَصْحَابِ وَسَمَاعِ الْأَصْوَاتِ الْحَسَنَةِ وَالْمُوسِيقَى . وَقَدْ تُبْصِرُ الْأَعْيُنُ مَا لَمْ تَسْبِقْ لِلنَّفْسِ شَهْوَةُ رُؤْيَتِهِ أَوْ مَا اشْتَهَتِ النَّفْسُ طَعْمَهُ أَوْ سَمْعَهُ فَيُؤْتَى بِهِ فِي صُوَرٍ جَمِيلَةٍ إِكْمَالًا لِلنِّعْمَةِ .
[ ص: 256 ] وَ " الْأَنْفُسُ " فَاعِلُ تَلَذُّ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِظُهُورِهِ مِنَ الْمَقَامِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ مَا تَشْتَهِيهِ بِهَاءِ ضَمِيرٍ عَائِدٍ إِلَى ( مَا ) الْمَوْصُولَةِ وَكَذَلِكَ هُوَ مَرْسُومٌ فِي مُصْحَفِ
الْمَدِينَةِ وَمُصْحَفِ
الشَّامِ ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ ( مَا تَشْتَهِي ) بِحَذْفِ هَاءِ الضَّمِيرِ ، وَكَذَلِكَ رُسِمَ فِي مُصْحَفِ
مَكَّةَ وَمُصْحَفِ
الْبَصْرَةِ وَمُصْحَفِ
الْكُوفَةِ . وَالْمَرْوِيُّ عَنْ
عَاصِمٍ قَارِئِ
الْكُوفَةِ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَخَذَ بِهَا
حَفْصٌ وَالْأُخْرَى أَخَذَ بِهَا
أَبُو بَكْرٍ . وَحَذْفُ الْعَائِدِ الْمُتَّصِلِ الْمَنْصُوبِ بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ مِنْ صِلَةِ الْمَوْصُولِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ بِشَارَةٌ لَهُمْ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْحَبْرَةِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَنَيْلِ الشَّهَوَاتِ ، وَجِيءَ فِيهِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ تَأْكِيدًا لِحَقِيقَةِ الْخُلُودِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِهِ طُولُ الْمُدَّةِ فَحَسْبُ .
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ ، وَعُطِفَ عَلَى بَعْضِ مَا يُقَالُ لَهُمْ مَقُولٌ آخَرُ قُصِدَ مِنْهُ التَّنْوِيهُ بِالْجَنَّةِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ إِذْ أُعْطُوهَا بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ ، فَأُشِيرَ إِلَى الْجَنَّةِ بِاسْمِ إِشَارَةِ الْبَعِيدِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا وَإِلَّا فَإِنَّهَا حَاضِرَةٌ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا الْآيَةَ تَذْيِيلٌ لِلْقَوْلِ .
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَ " الْجَنَّةُ " خَبَرُهُ ، أَيْ تِلْكَ الَّتِي تَرَوْنَهَا هِيَ الْجَنَّةُ الَّتِي سَمِعْتُمْ بِهَا وَوُعِدْتُمْ بِدُخُولِهَا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ صِفَةٌ لِلْجَنَّةِ .
وَاسْتُعِيرَ أُورِثْتُمُوهَا لِمَعْنَى : أُعْطِيتُمُوهَا دُونَ غَيْرِكُمْ ، بِتَشْبِيهِ إِعْطَاءِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ نَعِيمَ الْجَنَّةِ بِإِعْطَاءِ الْحَاكِمِ مَالَ الْمَيِّتِ لِوَارِثِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْقَرَابَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِهِ وَآثَرُ بِنَيْلِهِ .
وَالْبَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهِيَ سَبَبِيَّةٌ بِجَعْلِ اللَّهِ وَوَعْدِهِ ، وَدَلَّ قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=72كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " عَلَى أَنَّ عَمَلَهُمُ الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ الْجَنَّةَ أَمْرٌ كَائِنٌ مُتَقَرَّرٌ ، وَأَنَّ عَمَلَهُمْ ذَلِكَ مُتَكَرِّرٌ مُتَجَدِّدٌ ، أَيْ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ إِلَى وَفَاتِهِمْ .
[ ص: 257 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِلْجَنَّةِ . وَالْفَاكِهَةُ : الثِّمَارُ رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ مَا يُسْتَلَذُّ مِنَ الْمَآكِلِ ، وَطُعُومُهَا مَعْرُوفَةٌ لِكُلِّ سَامِعٍ .
وَوَجْهُ تَكْرِيرِ الِامْتِنَانِ بِنَعِيمِ الْمَأْكَلِ وَالْمُشْرَبِ فِي الْجَنَّةِ : أَنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ الطِّبَاعُ الْبَشَرِيَّةُ فِي اسْتِلْذَاذِهِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=73مِنْهَا تَأْكُلُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ .