[ ص: 24 ] nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29017ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين
اتبع إبطال ترهاتهم الطاعنة في القرآن بهذا الكلام المفيد زيادة الإبطال لمزاعمهم بالتذكير بنظير القرآن ومثيل له من كتب الله - تعالى - هو مشهور عندهم وهو التوراة مع التنويه بالقرآن ومزيته ، والنعي عليهم إذ حرموا أنفسهم الانتفاع بها ، فعطفت هذه الآية على التي قبلها لارتباطها بها في إبطال مزاعمهم وفي أنها ناظرة إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله كما تقدم .
ففي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12ومن قبله كتاب موسى إبطال لإحالتهم أن يوحي الله إلى
محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن الوحي سنة إلهية سابقة معلومة أشهره كتاب
موسى ، أي التوراة وهم قد بلغتهم نبوءته من
اليهود .
وضمير " من قبله " عائد إلى القرآن .
وتقديم " من قبله " للاهتمام بهذا الخبر لأنه محل المقصد من الجملة .
وعبر عن التوراة بـ " كتاب موسى " بطريق الإضافة دون الاسم العلم وهو التوراة لما تؤذن به الإضافة إلى اسم موسى من التذكير بأنه كتاب أنزل على بشر كما أنزل القرآن على
محمد - صلى الله عليه وسلم - تلميحا إلى مثار نتيجة قياس القرآن على كتاب
موسى بالمشابهة في جميع الأحوال .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12إماما ورحمة حالان من كتاب موسى ، ويجوز كونهما حالين من موسى ، والمعنيان متلازمان .
والإمام : حقيقته الشيء الذي يجعله العامل مقياسا لعمل شيء آخر ويطلق إطلاقا شائعا على القدوة قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74واجعلنا للمتقين إماما . وأصل هذا الإطلاق استعارة صارت بمنزلة الحقيقة ، واستعير الإمام لكتاب
موسى لأنه يرشد إلى ما يجب عمله فهو كمن يرشد ويعظ ،
وموسى إمام أيضا بمعنى القدوة .
والرحمة : اسم مصدر لصفة الراحم وهي من صفات الإنسان فهي رقة في النفس تبعث على سوق الخير لمن تتعدى إليه ، ووصف الكتاب بها استعارة لكونه
[ ص: 25 ] سببا في نفع المتبعين لما تضمنه من أسباب الخير في الدنيا والآخرة .
ووصف الكتاب بالمصدر مبالغة في الاستعارة ،
وموسى أيضا رحمة لرسالته كما وصف
محمد - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12وهذا كتاب مصدق إلخ هو المقيس على كتاب موسى .
والإشارة إلى القرآن لأنه حاضر بالذكر فهو كالحاضر بالذات .
والمصدق : المخبر بصدق غيره . وحذف مفعول المصدق ليشمل جميع الكتب السماوية ، قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مصدقا لما بين يديه ، أي مخبر بأحقية كل المقاصد التي جاءت بها الكتب السماوية السالفة . وهذا ثناء عظيم على القرآن بأنه احتوى على كل ما في الكتب السماوية وجاء مغنيا عنها ومبينا لما فيها .
والتصديق يشعر بأنه حاكم على ما اختلف فيه منها . وما حرف فهمه بها قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .
وزاده ثناء بكونه
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12لسانا عربيا ، أي لغة عربية فإنها أفصح اللغات وأنفذها في نفوس السامعين وأحب اللغات للناس ، فإنها أشرف وأبلغ وأفصح من اللغة التي جاء بها كتاب
موسى ، ومن اللغة التي تكلم بها ودونها أتباعه أصحاب الأناجيل .
وأدمج لفظ " لسانا " للدلالة على أن المراد بعربيته عربية ألفاظه لا عربية أخلاقه وتعاليمه لأن أخلاق العرب يومئذ مختلطة من محاسن ومساوئ فلما جاء الإسلام نفى عنها المساوئ ، ولذلك قال النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002383إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وغلب إطلاق اللسان على اللغة لأن أشرف ما يستعمل فيه اللسان هو الكلام قال - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فإنما يسرناه بلسانك .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12لتنذر الذين ظلموا يجوز أن يتعلق بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12مصدقا لسانا عربيا لأن ما سبقه مشتمل على الإنذار والبشارة ، والأحسن أن يتعلق بما في " كتاب " من معنى
[ ص: 26 ] الإرشاد المشتمل على الإنذار والبشارة . وهذا أحسن ليكون " لتنذر " علة للكتاب باعتبار صفته وحاله .
والذين ظلموا هم المشركون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ويلحق بهم الذين ظلموا أنفسهم من المؤمنين ولذلك قوبل بالمحسنين وهم المؤمنون الأتقياء لأن المراد ظلم النفس ، ويقابله الإحسان .
والنذارة مراتب والبشارة مثلها .
و " بشرى " عطف على " مصدق " ، والتقدير : وهو بشرى للمحسنين ، أي الكتاب ، وهذا النظم يجعل الجملة بمنزلة الاحتراس والتتميم .
وقرأ
نافع وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي عن
ابن كثير ويعقوب ( لتنذر ) بالمثناة الفوقية خطابا للرسول - صلى الله عليه وسلم - فيحصل وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه منذر ، ووصف كتابه بأنه بشرى وفيه احتباك . وقرأه الجمهور بالمثناة التحتية على أنه خبر عن الكتاب ؛ فإسناد الإنذار إلى " كتاب " مجاز عقلي .
[ ص: 24 ] nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29017وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ
اتَّبَعَ إِبْطَالَ تُرَّهَاتِهِمُ الطَّاعِنَةِ فِي الْقُرْآنِ بِهَذَا الْكَلَامِ الْمُفِيدِ زِيَادَةَ الْإِبْطَالِ لِمَزَاعِمِهِمْ بِالتَّذْكِيرِ بِنَظِيرِ الْقُرْآنِ وَمَثِيلٍ لَهُ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ - تَعَالَى - هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ وَهُوَ التَّوْرَاةُ مَعَ التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ وَمَزِيَّتِهِ ، وَالنَّعْيِ عَلَيْهِمْ إِذْ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمُ الِانْتِفَاعَ بِهَا ، فَعُطِفَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا لِارْتِبَاطِهَا بِهَا فِي إِبْطَالِ مَزَاعِمِهِمْ وَفِي أَنَّهَا نَاظِرَةٌ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=10وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
فَفِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِبْطَالٌ لِإِحَالَتِهِمْ أَنْ يُوحِيَ اللَّهُ إِلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْوَحْيَ سُنَّةٌ إِلَهِيَّةٌ سَابِقَةٌ مَعْلُومَةٌ أَشْهَرُهُ كِتَابُ
مُوسَى ، أَيِ التَّوْرَاةُ وَهُمْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ نُبُوءَتُهُ مِنَ
الْيَهُودِ .
وَضَمِيرُ " مِنْ قَبْلِهِ " عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ .
وَتَقْدِيمُ " مِنْ قَبْلِهِ " لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَقْصِدِ مِنَ الْجُمْلَةِ .
وَعُبِّرَ عَنِ التَّوْرَاةِ بِـ " كِتَابِ مُوسَى " بِطَرِيقِ الْإِضَافَةِ دُونَ الِاسْمِ الْعَلَمِ وَهُوَ التَّوْرَاةُ لِمَا تُؤْذِنُ بِهِ الْإِضَافَةُ إِلَى اسْمِ مُوسَى مِنَ التَّذْكِيرِ بِأَنَّهُ كِتَابٌ أُنْزِلَ عَلَى بَشَرٍ كَمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلْمِيحًا إِلَى مَثَارِ نَتِيجَةِ قِيَاسِ الْقُرْآنِ عَلَى كِتَابِ
مُوسَى بِالْمُشَابِهَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12إِمَامًا وَرَحْمَةً حَالَانِ مِنْ كِتَابِ مُوسَى ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُمَا حَالَيْنِ مِنْ مُوسَى ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَلَازِمَانِ .
وَالْإِمَامُ : حَقِيقَتُهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْعَامِلُ مِقْيَاسًا لِعَمَلِ شَيْءٍ آخَرَ وَيُطْلَقُ إِطْلَاقًا شَائِعًا عَلَى الْقُدْوَةِ قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا . وَأَصْلُ هَذَا الْإِطْلَاقِ اسْتِعَارَةٌ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ ، وَاسْتُعِيرَ الْإِمَامُ لِكِتَابِ
مُوسَى لِأَنَّهُ يُرْشِدُ إِلَى مَا يَجِبُ عَمَلُهُ فَهُوَ كَمَنْ يُرْشِدُ وَيَعِظُ ،
وَمُوسَى إِمَامٌ أَيْضًا بِمَعْنَى الْقُدْوَةِ .
وَالرَّحْمَةُ : اسْمُ مَصْدَرٍ لِصِفَةِ الرَّاحِمِ وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ فَهِيَ رِقَّةٌ فِي النَّفْسِ تَبْعَثُ عَلَى سَوْقِ الْخَيْرِ لِمَنْ تَتَعَدَّى إِلَيْهِ ، وَوَصْفُ الْكِتَابِ بِهَا اسْتِعَارَةٌ لِكَوْنِهِ
[ ص: 25 ] سَبَبًا فِي نَفْعِ الْمُتَّبِعِينَ لِمَا تَضْمَنَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
وَوَصْفُ الْكِتَابِ بِالْمَصْدَرِ مُبَالَغَةٌ فِي الِاسْتِعَارَةِ ،
وَمُوسَى أَيْضًا رَحْمَةٌ لِرِسَالَتِهِ كَمَا وُصِفَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ إِلَخْ هُوَ الْمَقِيسُ عَلَى كِتَابِ مُوسَى .
وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ بِالذِّكْرِ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ بِالذَّاتِ .
وَالْمُصَدِّقُ : الْمُخْبِرُ بِصِدْقِ غَيْرِهِ . وَحُذِفَ مَفْعُولُ الْمُصَدِّقِ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ، قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، أَيْ مُخْبِرٌ بِأَحَقِّيَّةِ كُلِّ الْمَقَاصِدِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ السَّالِفَةُ . وَهَذَا ثَنَاءٌ عَظِيمٌ عَلَى الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ احْتَوَى عَلَى كُلِّ مَا فِي الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَجَاءَ مُغْنِيًا عَنْهَا وَمُبَيِّنًا لِمَا فِيهَا .
وَالتَّصْدِيقُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ حَاكِمٌ عَلَى مَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهَا . وَمَا حُرِّفَ فَهْمُهُ بِهَا قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ .
وَزَادَهُ ثَنَاءً بِكَوْنِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12لِسَانًا عَرَبِيًّا ، أَيْ لُغَةً عَرَبِيَّةً فَإِنَّهَا أَفْصَحُ اللُّغَاتِ وَأَنْفَذُهَا فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ وَأَحَبُّ اللُّغَاتِ لِلنَّاسِ ، فَإِنَّهَا أَشْرَفُ وَأَبْلَغُ وَأَفْصَحُ مِنَ اللُّغَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا كِتَابُ
مُوسَى ، وَمِنَ اللُّغَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا وَدَوَّنَهَا أَتْبَاعُهُ أَصْحَابُ الْأَنَاجِيلِ .
وَأُدْمِجَ لَفْظُ " لِسَانًا " لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَرَبِيَّتِهِ عَرَبِيَّةُ أَلْفَاظِهِ لَا عَرَبِيَّةُ أَخْلَاقِهِ وَتَعَالِيمِهِ لِأَنَّ أَخْلَاقَ الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ مُخْتَلِطَةٌ مِنْ مَحَاسِنَ وَمَسَاوِئَ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ نَفَى عَنْهَا الْمَسَاوِئَ ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002383إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ .
وَغَلَبَ إِطْلَاقُ اللِّسَانِ عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّ أَشْرَفَ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ اللِّسَانُ هُوَ الْكَلَامُ قَالَ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=97فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12لِتُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=12مُصَدِّقًا لِسَانًا عَرَبِيًّا لِأَنَّ مَا سَبَقَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِنْذَارِ وَالْبِشَارَةِ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا فِي " كِتَابٌ " مِنْ مَعْنَى
[ ص: 26 ] الْإِرْشَادِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِنْذَارِ وَالْبِشَارَةِ . وَهَذَا أَحْسَنُ لِيَكُونَ " لِتُنْذِرَ " عِلَّةً لِلْكِتَابِ بِاعْتِبَارِ صِفَتِهِ وَحَالِهِ .
وَالَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ الْمُشْرِكُونَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَيَلْحَقُ بِهِمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِذَلِكَ قُوبِلَ بِالْمُحْسِنِينَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْأَتْقِيَاءُ لِأَنَّ الْمُرَادَ ظُلْمُ النَّفْسِ ، وَيُقَابِلُهُ الْإِحْسَانُ .
وَالنِّذَارَةُ مَرَاتِبُ وَالْبِشَارَةُ مِثْلُهَا .
وَ " بُشْرَى " عَطْفٌ عَلَى " مُصَدِّقٌ " ، وَالتَّقْدِيرُ : وَهُوَ بُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ، أَيِ الْكِتَابُ ، وَهَذَا النَّظْمُ يَجْعَلُ الْجُمْلَةَ بِمَنْزِلَةِ الِاحْتِرَاسِ وَالتَّتْمِيمِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13869وَالْبَزِّيُّ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَيَعْقُوبُ ( لِتُنْذِرَ ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ خِطَابًا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْصُلُ وَصْفُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ مُنْذِرٌ ، وَوَصْفُ كِتَابِهِ بِأَنَّهُ بُشْرَى وَفِيهِ احْتِبَاكٌ . وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ عَنِ الْكِتَابِ ؛ فَإِسْنَادُ الْإِنْذَارِ إِلَى " كِتَابٌ " مَجَازٌ عَقْلِيٌّ .