نحن خلقناكم فلولا تصدقون .
أعقب إبطال نفيهم بالبعث بالاستدلال على إمكانه وتقريب كيفية الإعادة التي أحالوها فاستدل على إمكان إعادة الخلق بأن الله خلقهم أول مرة فلا يبعد أن يعيد خلقهم ، قال تعالى كما بدأنا أول خلق نعيده لأنهم لم يكونوا ينكرون ذلك ، وليس المقصود إثبات أن الله خلقهم .
وهذا الكلام يجوز أن يكون من تمام ما أمر بأن يقوله لهم ، ويجوز أن يكون استئنافا مستقلا . والخطاب على كلا الوجهين موجه للسامعين فليس في ضمير خلقناكم التفات .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي لإفادة تقوي الحكم ردا على إحالتهم أن يكون الله قادرا على إعادة خلقهم بعد فناء معظم أجسادهم حين يكونون ترابا وعظاما ، فهذا تذكير لهم بما ذهلوا عنه بأن الله خلقهم لما لم يجروا على موجب ذلك العلم بإحالتهم بإعادة الخلق نزلوا منزلة من يشك في أن الله خلقهم ، فالمقصود بتقوي الحكم الإفضاء إلى ما سيفرع عنه من قوله أفرأيتم ما تمنون إلى قوله وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم . ونظير هذه الآية في نسج نظمها والترتيب عليها قوله تعالى نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا في سورة الإنسان .
وموقعها استدلال وعلة لمضمون جملة إن الأولين والآخرين لمجموعون ولذلك لم تعطف .
[ ص: 313 ] وفرع على ذلك التذكير تحضيضهم على التصديق ، أي بالخلق الثاني وهو البعث فإن ذلك هو الذي لم يصدقوا به .