nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29030وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير .
يجوز أن يكون عطفا على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5ما قطعتم من لينة الآية فتكون امتنانا وتكملة لمصارف أموال
بني النضير .
ويجوز أن تكون عطفا على مجموع ما تقدم عطف القصة على القصة والغرض على الغرض للانتقال إلى التعريف بمصير أموال
بني النضير لئلا يختلف رجال المسلمين في قسمته . ولبيان أن ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قسمة أموال
بني النضير هو عدل إن كانت الآية نزلت بعد القسمة وما صدق ما أفاء الله هو ما تركوه من الأرض والنخل والنقض والحطب .
والفيء معروف في اصطلاح الغزاة ففعل أفاء أعطى الفيء ، فالفيء في الحروب والغارات ما يظفر به الجيش من متاع عدوهم وهو أعم من الغنيمة ولم يتحقق أيمة اللغة في أصل اشتقاقه فيكون
nindex.php?page=treesubj&link=8571الفيء بقتال ويكون بدون قتال وأما الغنيمة فهي ما أخذ بقتال .
وضمير ( منهم ) عائد إلى الذين كفروا من أهل الكتاب الواقع في أول السورة وهم
بنو النضير . وقيل : أريد به الكفار ، وأنه نزل في فيء
فدك فهذا بعيد ومخالف للآثار .
[ ص: 79 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فما أوجفتم عليه خبر عن ( ما ) الموصولة قرن بالفاء لأن الموصول كالشرط لتضمنه معنى التسبب كما تقدم آنفا في قوله فبإذن الله .
وهو بصريحه امتنان على المسلمين بأن الله ساق لهم أموال
بني النضير دون قتال ، مثل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وكفى الله المؤمنين القتال ، ويفيد مع ذلك كناية بأن يقصد بالإخبار عنه بأنهم لم يوجفوا عليه لازم الخبر وهو أنه ليس لهم سبب حق فيه . والمعنى : فما هو من حقكم ، أو لا تسألوا قسمته لأنكم لم تنالوه بقتالكم ولكن الله أعطاه رسوله - صلى الله عليه وسلم - نعمة منه بلا مشقة ولا نصب .
والإيجاف : نوع من سير الخيل . وهو سير سريع بإيقاع وأريد به الركض للإغارة لأنه يكون سريعا .
والركاب : اسم جمع للإبل التي تركب . والمعنى : ما أغرتم عليه بخيل ولا إبل .
وحرف ( على ) في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فما أوجفتم عليه للتعليل ، وليس لتعدية أوجفتم لأن معنى الإيجاف لا يتعدى إلى الفيء بحرف الجر ، أو متعلق بمحذوف وهو مصدر أوجفتم ، أي إيجافا لأجله .
و ( من ) في قوله ( من خيل ) زائدة داخلة على النكرة في سياق النفي ومدخول ( من ) في معنى المفعول به ل ( أوجفتم ) أي ما سقتم خيلا ولا ركابا .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6ولكن الله يسلط رسله على من يشاء استدراك على النفي الذي في قوله تعالى فما أوجفتم عليه لرفع توهم أنه لا حق فيه لأحد . والمراد : أن الله سلط عليه رسوله - صلى الله عليه وسلم - . فالرسول أحق به . وهذا التركيب يفيد قصرا معنويا كأنه قيل : فما سلطكم الله عليهم ولكن سلط عليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
وفي قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6ولكن الله يسلط رسله على من يشاء إيجاز حذف لأن التقدير : ولكن الله سلط عليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - . والله يسلط رسله على من يشاء وكان هذا بمنزلة التذييل لعمومه وهو دال على المقدر .
[ ص: 80 ] وعموم من يشاء لشمول أنه يسلط رسله على مقاتلين ويسلطهم على غير المقاتلين .
والمعنى : وما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بتسليط الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإلقاء الرعب في قلوبهم والله يسلط رسله على من يشاء . فأغنى التذييل عن المحذوف ، أي فلا حق لكم فيه فيكون من مال الله يتصرف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمور من بعده .
فتكون الآية تبيينا لما وقع في
nindex.php?page=treesubj&link=30869قسمة فيء بني النضير . ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقسمه على جميع الغزاة ولكن قسمه على
المهاجرين سواء كانوا ممن غزوا معه أم لم يغزوا إذ لم يكن
للمهاجرين أموال . فأراد أن يكفيهم ويكفي
الأنصار ما منحوه
المهاجرين من النخيل . ولم يعط منه
الأنصار إلا ثلاثة لشدة حاجتهم وهم
nindex.php?page=showalam&ids=262أبو دجانة ( سماك بن خزينة ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=3753وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة . وأعطى
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ سيف
أبي الحقيق ، وكل ذلك تصرف باجتهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن الله جعل تلك الأموال له .
فإن كانت الآية نزلت بعد أن قسمت أموال
النضير كانت بيانا بأن ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق ، أمره الله به ، أو جعله إليه ، وإن كانت نزلت قبل القسمة ، إذ روي أن سبب نزولها أن الجيش سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخميس أموال
بني النضير مثل غنائم
بدر فنزلت هذه الآية ، وكانت الآية تشريعا لاستحقاق هذه الأموال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي لا خلاف بين العلماء أن الآية الأولى خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي هذه الآية الأولى من الآيتين المذكورتين في هذه السورة خاصة بأموال
بني النضير ، وعلى أنها خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعها حيث يشاء . وبذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بمحضر
عثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد ، وهو قول
مالك فيما روى عنه
ابن القاسم وابن وهب . قال : كانت أموال
بني النضير صافية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واتفقوا على أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يخمسها . واختلف في القياس عليها كل مال لم يوجف عليه ، قال
ابن عطية :
[ ص: 81 ] قال بعض العلماء وكذلك كل ما فتح الله على الأيمة مما لم يوجف عليه فهو لهم خاصة اهـ . وسيأتي تفسير ذلك في الآية بعدها .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29030وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ الْآيَةَ فَتَكُونُ امْتِنَانًا وَتَكْمِلَةً لِمَصَارِفَ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَجْمُوعِ مَا تَقَدَّمَ عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ وَالْغَرَضِ عَلَى الْغَرَضِ لِلِانْتِقَالِ إِلَى التَّعْرِيفِ بِمَصِيرِ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ لِئَلَا يَخْتَلِفَ رِجَالُ الْمُسْلِمِينَ فِي قِسْمَتِهِ . وَلِبَيَانِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِسْمَةِ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ هُوَ عَدْلٌ إِنْ كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَمَا صَدْقُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا تَرَكُوهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَالنَّقْضِ وَالْحَطَبِ .
وَالْفَيْءُ مَعْرُوفٌ فِي اصْطِلَاحِ الْغُزَاةِ فَفِعْلُ أَفَاءَ أَعْطَى الْفَيْءَ ، فَالْفَيْءُ فِي الْحُرُوبِ وَالْغَارَاتِ مَا يَظْفَرُ بِهِ الْجَيْشُ مِنْ مَتَاعِ عَدُوِّهِمْ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَيِمَّةُ اللُّغَةِ فِي أَصْلِ اشْتِقَاقِهِ فَيَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=8571الْفَيْءُ بِقِتَالٍ وَيَكُونُ بِدُونِ قِتَالٍ وَأَمَّا الْغَنِيمَةُ فَهِيَ مَا أُخِذَ بِقِتَالٍ .
وَضَمِيرُ ( مِنْهُمْ ) عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْوَاقِعِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ وَهُمْ
بَنُو النَّضِيرِ . وَقِيلَ : أُرِيدَ بِهِ الْكُفَّارُ ، وَأَنَّهُ نَزَلَ فِي فَيْءِ
فَدَكَ فَهَذَا بَعِيدٌ وَمُخَالِفٌ لِلْآثَارِ .
[ ص: 79 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ خَبَرٌ عَنْ ( مَا ) الْمَوْصُولَةِ قُرِنَ بِالْفَاءِ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ كَالشَّرْطِ لَتَضَمُّنِهِ مَعْنَى التَّسَبُّبِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ .
وَهُوَ بِصَرِيحِهِ امْتِنَانٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ اللَّهَ سَاقَ لَهُمْ أَمْوَالَ
بَنِي النَّضِيرِ دُونَ قِتَالٍ ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ، وَيُفِيدُ مَعَ ذَلِكَ كِنَايَةً بِأَنْ يَقْصِدَ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجِفُوا عَلَيْهِ لَازِمَ الْخَبَرِ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ سَبَبُ حَقٍّ فِيهِ . وَالْمَعْنَى : فَمَا هُوَ مِنْ حَقِّكُمْ ، أَوْ لَا تَسْأَلُوا قِسْمَتَهُ لِأَنَّكُمْ لَمْ تَنَالُوهُ بِقِتَالِكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِعْمَةً مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا نَصَبٍ .
وَالْإِيجَافُ : نَوْعٌ مِنْ سَيْرِ الْخَيْلِ . وَهُوَ سَيْرٌ سَرِيعٌ بِإِيقَاعِ وَأُرِيدَ بِهِ الرَّكْضُ لِلْإِغَارَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ سَرِيعًا .
وَالرِّكَابُ : اسْمُ جَمْعٍ لِلْإِبِلِ الَّتِي تُرْكَبُ . وَالْمَعْنَى : مَا أَغَرْتُمْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا إِبِلٍ .
وَحَرْفُ ( عَلَى ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ لِلتَّعْلِيلِ ، وَلَيْسَ لِتَعْدِيَةِ أَوْجَفْتُمْ لَأَنَّ مَعْنَى الْإِيجَافِ لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْفَيْءِ بِحَرْفِ الْجَرِّ ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ مَصْدَرُ أَوْجَفْتُمْ ، أَيْ إِيجَافًا لِأَجْلِهِ .
وَ ( مِنْ ) فِي قَوْلِهِ ( مِنْ خَيْلٍ ) زَائِدَةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَمَدْخُولُ ( مِنْ ) فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِ ( أَوْجَفْتُمْ ) أَيْ مَا سُقْتُمْ خَيْلًا وَلَا رِكَابًا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى النَّفْيِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِأَحَدٍ . وَالْمُرَادُ : أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَالرَّسُولُ أَحَقُّ بِهِ . وَهَذَا التَّرْكِيبُ يُفِيدُ قَصْرًا مَعْنَوِيًّا كَأَنَّهُ قِيلَ : فَمَا سَلَّطَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=6وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ إِيجَازُ حَذْفٍ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ : وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَاللَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِعِمُومِهِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى الْمُقَدَّرِ .
[ ص: 80 ] وَعُمُومُ مَنْ يَشَاءُ لِشِمُولِ أَنَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مُقَاتِلِينَ وَيُسَلِّطُهُمْ عَلَى غَيْرِ الْمُقَاتِلِينَ .
وَالْمَعْنَى : وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا هُوَ بِتَسْلِيطِ اللَّهِ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ . فَأَغْنَى التَّذْيِيلُ عَنِ الْمَحْذُوفِ ، أَيْ فَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ فَيَكُونُ مِنْ مَالِ اللَّهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُلَاةُ الْأُمُورِ مِنْ بَعْدِهِ .
فَتَكُونُ الْآيَةُ تَبْيِينًا لِمَا وَقَعَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30869قِسْمَةِ فَيْءِ بَنِي النَّضِيرِ . ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَسِّمْهُ عَلَى جَمِيعِ الْغُزَاةِ وَلَكِنْ قَسَمَهُ عَلَى
الْمُهَاجِرِينَ سَوَاءٌ كَانُوا مِمَّنْ غَزَوْا مَعَهُ أَمْ لَمْ يَغْزُوا إِذْ لَمْ يَكُنْ
لِلْمُهَاجِرِينَ أَمْوَالٌ . فَأَرَادَ أَنْ يَكْفِيَهُمْ وَيَكْفِيَ
الْأَنْصَارَ مَا مَنَحُوهُ
الْمُهَاجِرِينَ مِنَ النَّخِيلِ . وَلَمْ يُعْطِ مِنْهُ
الْأَنْصَارَ إِلَّا ثَلَاثَةً لِشِدَّةِ حَاجَتِهِمْ وَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=262أَبُو دُجَانَةَ ( سِمَاكُ بْنُ خُزَيْنَةَ ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=3753وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ . وَأَعْطَى
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ
أَبِي الْحُقَيْقِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ بِاجْتِهَادِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ لَهُ .
فَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ قُسِّمَتْ أَمْوَالُ
النَّضِيرِ كَانَتْ بَيَانًا بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقٌّ ، أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، أَوْ جَعَلَهُ إِلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، إِذْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا أَنَّ الْجَيْشَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْمِيسَ أَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ مِثْلِ غَنَائِمَ
بَدْرٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَكَانَتِ الْآيَةُ تَشْرِيعًا لِاسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرُ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى خَاصَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ هَذِهِ الْآيَةُ الْأُولَى مِنَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ خَاصَّةٌ بِأَمْوَالِ
بَنِي النَّضِيرِ ، وَعَلَى أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ . وَبِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمَحْضِرِ
عُثْمَانَ ، nindex.php?page=showalam&ids=38وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَالزُّبَيْرِ ، وَسَعْدٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ . قَالَ : كَانَتْ أَمْوَالُ
بَنِي النَّضِيرِ صَافِيَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَمِّسْهَا . وَاخْتُلِفَ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا كُلُّ مَالٍ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ :
[ ص: 81 ] قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْأَيِمَّةِ مِمَّا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ خَاصَّةً اهـ . وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ بَعْدَهَا .