nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28974_29435يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم .
إقبال على خطاب المؤمنين لتحذيرهم من كيد أهل الكتاب وسوء دعائهم المؤمنين ، وقد تفضل الله على المؤمنين بأن خاطبهم بغير واسطة خلاف خطابه أهل الكتاب إذ قال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99قل يا أهل الكتاب ولم يقل : قل يا أيها الذين آمنوا .
والفريق : الجماعة من الناس ، وأشار به هنا إلى فريق من
اليهود وهم
شاس بن قيس وأصحابه ، أو أراد
شاسا وحده ، وجعله فريقا كما جعل
أبا سفيان ناسا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173إن الناس قد جمعوا لكم وسياق الآية مؤذن بأنها جرت
[ ص: 28 ] على حادثة حدثت وأن لنزولها سببا . وسبب نزول هذه الآية : أن
الأوس والخزرج كانوا في الجاهلية قد تخاذلوا وتحاربوا حتى تفانوا ، وكانت بينهم حروب وآخرها يوم بعاث التي انتهت قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلما اجتمعوا على الإسلام زالت تلك الأحقاد من بينهم وأصبحوا عدة للإسلام ، فساء ذلك
يهود يثرب فقام
شاس بن قيس اليهودي ، وهو شيخ قديم منهم ، فجلس إلى
الأوس والخزرج ، أو أرسل إليهم من جلس إليهم يذكرهم حروب بعاث ، فكادوا أن يقتتلوا ، ونادى كل فريق : يا
للأوس ! ويا
للخزرج ! وأخذوا السلاح ، فجاء النبيء - صلى الله عليه وسلم - فدخل بينهم وقال :
أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ وفي رواية : أبدعوى الجاهلية ؟ أي أتدعون بدعوى الجاهلية وقرأ هذه الآية ، فما فرغ منها حتى ألقوا السلاح ، وعانق بعضهم بعضا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : ما كان طالع أكره إلينا من طلوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما أصلح الله بيننا ما كان شخص أحب إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما رأيت يوما أقبح ولا أوحش أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم .
وأصل الرد الصرف والإرجاع قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70ومنكم من يرد إلى أرذل العمر وهو هنا مستعار لتغير الحال بعد المخالطة فيفيد معنى التصيير كقول الشاعر فيما أنشده أهل اللغة :
فرد شعورهن السود بيضا ورد وجوههن البيض سودا
و كافرين مفعوله الثاني ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100بعد إيمانكم تأكيد لما أفاده قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يردوكم والقصد من التصريح توضيح فوات نعمة عظيمة كانوا فيها لو يكفرون .
وقوله وكيف تكفرون استفهام مستعمل في الاستبعاد استبعادا لكفرهم ونفي له ، كقول
جرير :
كيف الهجاء وما تنفك صالحة من آل لأم بظهر الغيب تأتيني
[ ص: 39 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وأنتم تتلى عليكم آيات الله حالية ، وهي محط الاستبعاد والنفي لأن كلا من تلاوة آيات الله وإقامة الرسول عليه الصلاة والسلام فيهم وازع لهم عن الكفر ، وأي وازع ، فالآيات هنا هي القرآن ومواعظه .
والظرفية في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وفيكم رسوله حقيقية ومؤذنة بمنقبة عظيمة ، ومنة جليلة ، وهي وجود هذا الرسول العظيم بينهم ، تلك المزية التي فاز بها أصحابه المخاطبون ، وبها يظهر معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=10341433لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه النصيف نصف مد .
وفي الآية دلالة على عظم قدر الصحابة وأن لهم وازعين عن مواقعة الضلال : سماع القرآن ، ومشاهدة أنوار الرسول - عليه السلام - ، فإن وجوده عصمة من ضلالهم . قال
قتادة : أما الرسول فقد مضى إلى رحمة الله ، وأما الكتاب فباق على وجه الدهر .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم أي من يتمسك بالدين فلا يخشى عليه الضلال . فالاعتصام هنا استعارة للتمسك .
وفي هذا إشارة إلى التمسك بكتاب الله ودينه لسائر المسلمين الذين لم يشهدوا حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28974_29435يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
إِقْبَالٌ عَلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ لِتَحْذِيرِهِمْ مِنْ كَيْدِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَسُوءِ دُعَائِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَدْ تَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ خَاطَبَهُمْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ خِلَافَ خِطَابِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ إِذْ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=99قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَمْ يَقُلْ : قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا .
وَالْفَرِيقُ : الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ ، وَأَشَارَ بِهِ هُنَا إِلَى فَرِيقٍ مِنَ
الْيَهُودِ وَهُمْ
شَاسُ بْنُ قَيْسٍ وَأَصْحَابُهُ ، أَوْ أَرَادَ
شَاسًا وَحْدَهُ ، وَجَعَلَهُ فَرِيقًا كَمَا جَعَلَ
أَبَا سُفْيَانَ نَاسًا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ وَسِيَاقُ الْآيَةِ مُؤْذِنٌ بِأَنَّهَا جَرَتْ
[ ص: 28 ] عَلَى حَادِثَةٍ حَدَثَتْ وَأَنَّ لِنُزُولِهَا سَبَبًا . وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ
الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ تَخَاذَلُوا وَتَحَارَبُوا حَتَّى تَفَانَوْا ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ وَآخِرُهَا يَوْمُ بُعَاثٍ الَّتِي انْتَهَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عَلَى الْإِسْلَامِ زَالَتْ تِلْكَ الْأَحْقَادُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَأَصْبَحُوا عُدَّةً لِلْإِسْلَامِ ، فَسَاءَ ذَلِكَ
يَهُودَ يَثْرِبَ فَقَامَ
شَاسُ بْنُ قَيْسٍ الْيَهُودِيُّ ، وَهُوَ شَيْخٌ قَدِيمٌ مِنْهُمْ ، فَجَلَسَ إِلَى
الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِمْ يُذَكِّرُهُمْ حُرُوبَ بُعَاثٍ ، فَكَادُوا أَنْ يَقْتَتِلُوا ، وَنَادَى كُلُّ فَرِيقٍ : يَا
لَلْأَوْسِ ! وَيَا
لَلْخَزْرَجِ ! وَأَخَذُوا السِّلَاحَ ، فَجَاءَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ بَيْنَهُمْ وَقَالَ :
أَتَدْعُونَ الْجَاهِلِيَّةَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ وَفِي رِوَايَةٍ : أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ؟ أَيْ أَتَدْعُونَ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ، فَمَا فَرَغَ مِنْهَا حَتَّى أَلْقَوُا السِّلَاحَ ، وَعَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : مَا كَانَ طَالِعٌ أَكْرَهَ إِلَيْنَا مِنْ طُلُوعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَلَمَّا أَصْلَحَ اللَّهُ بَيْنَنَا مَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا أَقْبَحَ وَلَا أَوْحَشَ أَوَّلًا وَأَحْسَنَ آخِرًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ .
وَأَصْلُ الرَّدِّ الصَّرْفُ وَالْإِرْجَاعُ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِتَغَيُّرِ الْحَالِ بَعْدَ الْمُخَالَطَةِ فَيُفِيدُ مَعْنَى التَّصْيِيرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فِيمَا أَنْشَدَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ :
فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضًا وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودًا
وَ كَافِرِينَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100بَعْدَ إِيمَانِكُمْ تَأْكِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يَرُدُّوكُمْ وَالْقَصْدُ مِنَ التَّصْرِيحِ تَوْضِيحُ فَوَاتِ نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ كَانُوا فِيهَا لَوْ يَكْفُرُونَ .
وَقَوْلُهُ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الِاسْتِبْعَادِ اسْتِبْعَادًا لِكُفْرِهِمْ وَنَفْيٌ لَهُ ، كَقَوْلِ
جَرِيرٍ :
كَيْفَ الْهِجَاءُ وَمَا تَنْفَكُّ صَالِحَةٌ مِنْ آلِ لَأْمٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ تَأْتِينِي
[ ص: 39 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ حَالِيَّةٌ ، وَهِيَ مَحَطُّ الِاسْتِبْعَادِ وَالنَّفْيِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ تِلَاوَةِ آيَاتِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيهِمْ وَازِعٌ لَهُمْ عَنِ الْكُفْرِ ، وَأَيُّ وَازِعٍ ، فَالْآيَاتُ هُنَا هِيَ الْقُرْآنُ وَمَوَاعِظُهُ .
وَالظَّرْفِيَّةُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَفِيكُمْ رَسُولُهُ حَقِيقِيَّةٌ وَمُؤْذِنَةٌ بِمَنْقَبَةٍ عَظِيمَةٍ ، وَمِنَّةٍ جَلِيلَةٍ ، وَهِيَ وُجُودُ هَذَا الرَّسُولِ الْعَظِيمِ بَيْنَهُمْ ، تِلْكَ الْمَزِيَّةُ الَّتِي فَازَ بِهَا أَصْحَابُهُ الْمُخَاطَبُونَ ، وَبِهَا يَظْهَرُ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10341433لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ النَّصِيفُ نِصْفُ مُدٍّ .
وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى عِظَمِ قَدْرِ الصَّحَابَةِ وَأَنَّ لَهُمْ وَازِعَيْنِ عَنْ مُوَاقَعَةِ الضَّلَالِ : سَمَاعُ الْقُرْآنِ ، وَمُشَاهَدَةُ أَنْوَارِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَإِنَّ وُجُودَهُ عِصْمَةٌ مِنْ ضَلَالِهِمْ . قَالَ
قَتَادَةُ : أَمَّا الرَّسُولُ فَقَدْ مَضَى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْكِتَابُ فَبَاقٍ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=101وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِالدِّينِ فَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الضَّلَالُ . فَالِاعْتِصَامُ هُنَا اسْتِعَارَةٌ لِلتَّمَسُّكِ .
وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى التَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَدِينِهِ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَشْهَدُوا حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .