nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29044_30434_30539_30531إن لدينا أنكالا وجحيما nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=13وطعاما ذا غصة وعذابا أليما nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا [ ص: 271 ] وهذا تعليل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وذرني والمكذبين ، أي : ؛ لأن لدينا ما هو أشد عليهم من ردك عليهم ، وهذا التعليل أفاد تهديدهم بأن هذه النقم أعدت لهم لأنها لما كانت من خزائن نقمة الله تعالى كانت بحيث يضعها الله في المواضع المستأهلة لها ، وهم الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، فأعد الله لهم ما يكون عليهم في الحياة الأبدية ضدا لأصول النعمة التي خولوها ، فبطروا بها وقابلوا المنعم بالكفران .
فالأنكال مقابل كفرانهم بنعمة الصحة والمقدرة ؛ لأن الأنكال : القيود . والجحيم : وهو نار جهنم مقابل ما كانوا عليه من لذة الاستظلال والتبرد . والطعام ذو الغصة مقابل ما كانوا منهمكين فيه من أطعمتهم الهنيئة من الثمرات والمطبوخات والصيد . والأنكال : جمع نكل ، بفتح النون وبكسرها وبسكون الكاف ، وهو القيد الثقيل .
والغصة ، بضم الغين : اسم لأثر الغص في الحلق وهو تردد الطعام والشراب في الحلق بحيث لا يسيغه الحلق من مرض أو حزن وعبرة .
وإضافة الطعام إلى الغصة إضافة مجازية وهي من الإضافة لأدنى ملابسة ، فإن الغصة عارض في الحلق سببه الطعام أو الشرب الذي لا يستساغ لبشاعة أو يبوسة .
والعذاب الأليم : مقابل ما في النعمة من ملاذ البشر ، فإن الألم ضد اللذة . وقد عرف الحكماء اللذة بأنها الخلاص من الألم .
وقد جمع الأخير جمع ما يضاد معنى النعمة ( بالفتح ) .
وتنكير هذه الأجناس الأربعة لقصد تعظيمها وتهويلها ، و ( لدى ) يجوز أن يكون على حقيقته ويقدر مضاف بينه وبين نون العظمة . والتقدير : لدى خزائننا ، أي : خزائن العذاب ، ويجوز أن يكون مجازا في القدرة على إيجاد ذلك متى أراد الله .
ويتعلق (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14يوم ترجف ) بالاستقرار الذي يتضمنه خبر ( إن ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=12إن لدينا أنكالا .
والرجف : الزلزلة والاضطراب ، والمراد : الرجف المتكرر المستمر ، وهو الذي يكون به انفراط أجزاء الأرض وانحلالها .
[ ص: 272 ] والكثيب : الرمل المجتمع كالربوة ، أي : تصير حجارة الجبال دقاقا .
ومهيل : اسم مفعول من هال الشيء هيلا ، إذا نثره وصبه . وأصله مهيول ، استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الواو ، ولأنها زائدة ، ويدل عليها الضمة .
وجيء بفعل ( كانت ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14وكانت الجبال كثيبا ، للإشارة إلى تحقيق وقوعه حتى كأنه وقع في الماضي . ووجه مخالفته لأسلوب ( ترجف ) أن صيرورة الجبال كثبا أمر عجيب غير معتاد ، فلعله يستبعده السامعون ، وأما رجف الأرض فهو معروف ، إلا أن هذا الرجف الموعود به أعظم ما عرف جنسه .
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29044_30434_30539_30531إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=13وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا [ ص: 271 ] وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ ، أَيْ : ؛ لِأَنَّ لَدَيْنَا مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَدِّكَ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ أَفَادَ تَهْدِيدَهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ النِّقَمَ أُعِدَّتْ لَهُمْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ خَزَائِنِ نِقْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَتْ بِحَيْثُ يَضَعُهَا اللَّهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُسْتَأْهِلَةِ لَهَا ، وَهُمُ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا ، فَأَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ ضِدًّا لِأُصُولِ النِّعْمَةِ الَّتِي خُوِّلُوهَا ، فَبَطِرُوا بِهَا وَقَابَلُوا الْمُنْعِمَ بِالْكُفْرَانِ .
فَالْأَنْكَالُ مُقَابِلُ كُفْرَانِهِمْ بِنِعْمَةِ الصِّحَّةِ وَالْمَقْدِرَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَنْكَالَ : الْقُيُودُ . وَالْجَحِيمُ : وَهُوَ نَارُ جَهَنَّمَ مُقَابِلُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ لَذَّةِ الِاسْتِظْلَالِ وَالتَّبَرُّدِ . وَالطَّعَامُ ذُو الْغُصَّةِ مُقَابِلُ مَا كَانُوا مُنْهَمِكِينَ فِيهِ مِنْ أَطْعِمَتِهِمُ الْهَنِيئَةِ مِنَ الثَّمَرَاتِ وَالْمَطْبُوخَاتِ وَالصَّيْدِ . وَالْأَنْكَالُ : جَمْعُ نَكْلٍ ، بِفَتْحِ النُّونِ وَبِكَسْرِهَا وَبِسُكُونِ الْكَافِ ، وَهُوَ الْقَيْدُ الثَّقِيلُ .
وَالْغُصَّةُ ، بِضَمِّ الْغَيْنِ : اسْمٌ لِأَثَرِ الْغَصِّ فِي الْحَلْقِ وَهُوَ تَرَدُّدُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْحَلْقِ بِحَيْثُ لَا يُسِيغُهُ الْحَلْقُ مَنْ مَرَضٍ أَوْ حُزْنٍ وَعَبْرَةٍ .
وَإِضَافَةُ الطَّعَامِ إِلَى الْغُصَّةِ إِضَافَةٌ مَجَازِيَّةٌ وَهِيَ مِنَ الْإِضَافَةِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ ، فَإِنَّ الْغُصَّةَ عَارِضٌ فِي الْحَلْقِ سَبَبُهُ الطَّعَامُ أَوِ الشُّرْبُ الَّذِي لَا يُسْتَسَاغُ لِبَشَاعَةٍ أَوْ يُبُوسَةٍ .
وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ : مُقَابِلُ مَا فِي النِّعْمَةِ مِنْ مَلَاذِّ الْبَشَرِ ، فَإِنَّ الْأَلَمَ ضِدُّ اللَّذَّةِ . وَقَدْ عَرَّفَ الْحُكَمَاءُ اللَّذَّةَ بِأَنَّهَا الْخَلَاصُ مِنَ الْأَلَمِ .
وَقَدْ جُمِعَ الْأَخِيرُ جَمْعَ مَا يُضَادُّ مَعْنَى النَّعْمَةِ ( بِالْفَتْحِ ) .
وَتَنْكِيرُ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الْأَرْبَعَةِ لِقَصْدِ تَعْظِيمِهَا وَتَهْوِيلِهَا ، وَ ( لَدَى ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُونِ الْعَظَمَةِ . وَالتَّقْدِيرُ : لَدَى خَزَائِنِنَا ، أَيْ : خَزَائِنِ الْعَذَابِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى إِيجَادِ ذَلِكَ مَتَى أَرَادَ اللَّهُ .
وَيَتَعَلَّقُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14يَوْمَ تَرْجُفُ ) بِالِاسْتِقْرَارِ الَّذِي يَتَضَمَّنُهُ خَبَرُ ( إِنَّ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=12إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا .
وَالرَّجْفُ : الزَّلْزَلَةُ وَالِاضْطِرَابُ ، وَالْمُرَادُ : الرَّجْفُ الْمُتَكَرِّرُ الْمُسْتَمِرُّ ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ انْفِرَاطُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَانْحِلَالُهَا .
[ ص: 272 ] وَالْكَثِيبُ : الرَّمْلُ الْمُجْتَمِعُ كَالرَّبْوَةِ ، أَيْ : تَصِيرُ حِجَارَةُ الْجِبَالِ دِقَاقًا .
وَمَهِيلٌ : اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ هَالَ الشَّيْءَ هَيْلًا ، إِذَا نَثَرَهُ وَصَبَّهُ . وَأَصْلُهُ مَهْيُولٌ ، اسْتُثْقِلَتِ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ فَنُقِلَتْ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ ، وَلِأَنَّهَا زَائِدَةٌ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا الضَّمَّةُ .
وَجِيءَ بِفِعْلِ ( كَانَتْ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=14وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَاضِي . وَوَجْهُ مُخَالَفَتِهِ لِأُسْلُوبِ ( تَرْجُفُ ) أَنَّ صَيْرُورَةَ الْجِبَالِ كُثُبًا أَمْرٌ عَجِيبٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ ، فَلَعَلَّهُ يَسْتَبْعِدُهُ السَّامِعُونَ ، وَأَمَّا رَجْفُ الْأَرْضِ فَهُوَ مَعْرُوفٌ ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الرَّجْفَ الْمَوْعُودَ بِهِ أَعْظَمُ مَا عُرِفَ جِنْسُهُ .