جملة واقعة في موقع التعليل لمضمون جملة ( فمن شاء ذكره ) تقوية للتعريض بالترغيب في التذكر ، والتذكر يفضي إلى التقوى .
فالمعنى : فعليكم بالتذكر واتقوا الله تعالى لأن الله هو أهل التقوى .
وتعريف جزأي الجملة في قوله ( هو أهل التقوى ) يفيد قصر مستحق اتقاء العباد إياه على الله تعالى وأن غيره لا يستحق أن يتقى ويتجنب غضبه كما قال ( والله أحق أن تخشاه ) .
فأما أن يكون القصر قصرا إضافيا للرد على المشركين الذين يخشون غضب الأصنام ويطلبون رضاها أو يكون قصرا ادعائيا لتخصيصه تعالى بالتقوى الكاملة الحق وإلا فإن بعض التقوى مأمور بها كتقوى حقوق ذوي الأرحام في قوله تعالى ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) وقد يقال : إن ما ورد الأمر به من التقوى في الشريعة راجع إلى تقوى الله ، وهذا من متممات القصر الادعائي .
وأهل الشيء : مستحقه .
وأصله : أنه ملازم الشيء وخاصته وقرابته وزوجه ومنه ( فأسر بأهلك ) .
ومعنى أهل المغفرة : أن المغفرة من خصائصه وأنه حقيق بأن يغفر لفرط رحمته وسعة كرمه وإحسانه ، ومنه بيت الكشاف في سورة المؤمنون :
ألا يا ارحموني يا إله محمـد فإن لم أكن أهلا فأنت له أهل
وهذا تعريض بالتحريض للمشركين أن يقلعوا عن كفرهم بأن الله يغفر لهم ما أسلفوه قال تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، وبالتحريض للعصاة أن يقلعوا عن الذنوب قال تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .روى الترمذي عن سهيل عن ثابت عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية أنس بن مالك قال قال الله تعالى : أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي [ ص: 335 ] إلها فأنا أهل أن أغفر له الترمذي : حسن غريب . وسهيل ليس بالقوي ، وقد انفرد بهذا الحديث عن ثابت .
وأعيدت كلمة ( أهل ) في الجملة المعطوفة دون أن يقال : والمغفرة ، للإشارة إلى اختلاف المعنى بين أهل الأول وأهل الثاني على طريقة إعادة فعل وأطيعوا في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) .