ويل يومئذ للمكذبين
حمل هذه الجملة عن نظائرها الآتية في هذه السورة يقتضي أن تجعل استئنافا لقصد تهديد المشركين الذين يسمعون القرآن ، وتهويل يوم الفصل في نفوسهم ليحذروه ، وهو متصل في المعنى بجملة ( إنما توعدون لواقع ) اتصال أجزاء النظم ، فموقع جملة ( ويل يومئذ للمكذبين ) ابتداء الكلام ، وموقع جملة ( إذا النجوم طمست ) التأخر ، وإنما قدمت لتؤذن بمعنى الشرط . وقد حصل من تغيير النظم على هذا الوجه أن صارت جملة ( ويل يومئذ للمكذبين ) بمنزلة التذييل ، فحصل في هذا النظم أسلوب رائع ، ومعان بدائع . وبعض المفسرين جعل هذه الجملة جواب ( إذا ) ، أي يتعلق ( إذا ) بالاستقرار الذي في الخبر وهو للمكذبين . والتقدير : إذا حصل كذا وكذا حل الويل للمكذبين وهو كالبيان لقوله ( إنما توعدون لواقع ) ، فيحصل تأكيد الوعيد ، ولا يرد على هذا عرو الجواب عن الفاء الرابطة للجواب لأن جواب ( إذا ) جواب صوري وإنما هو متعلق ( إذا ) عومل معاملة الجواب في المعنى .
ثم إن هذه الجملة صالحة لمعنى الخبرية ولمعنى الإنشاء لأن تركيب ( ويل له ) يستعمل إنشاء بكثرة .
والويل : أشد السوء والشر .
[ ص: 428 ] وعلى جملة الأول يكون المراد بالمكذبين كذبوا بالقرآن وعلى الوجه الثاني في معنى الجملة جميع الذين كذبوا الرسل وجاءوهم به ، وبذلك العموم أفادت الجملة مفاد التذييل ، ويشمل ذلك المشركين الذين كذبوا بالقرآن والبعث إذ هم المقصود من هذه المواعظ وهم الموجه إليهم هذا الكلام فخوطبوا بقوله ( إنما توعدون لواقع ) .