إن الله بما يعملون محيط وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا .
أرشد الله المؤمنين إلى كيفية تلقي أذى العدو : بأن يتلقوه بالصبر والحذر ، وعبر عن الحذر بالاتقاء أي اتقاء كيدهم وخداعهم ، وقوله لا يضركم كيدهم شيئا أي بذلك ينتفي الضر كله لأنه أثبت في أول الآيات أنهم لا يضرون المؤمنين إلا أذى ، فالأذى ضر خفيف ، فلما انتفى الضر الأعظم الذي يحتاج في دفعه إلى شديد مقاومة من قتال وحراسة وإنفاق ، كان انتفاء ما بقي من الضر هينا ، وذلك بالصبر على الأذى وقلة الاكتراث به ، مع الحذر منهم أن يتوسلوا بذلك الأذى إلى ما يوصل ضرا عظيما . وفي الحديث . لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله يدعون له ندا وهو يرزقهم
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب : " لا يضركم " بكسر الضاد وسكون الراء من ضاره يضيره بمعنى أضره . وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، ، والكسائي وأبو جعفر ، وخلف - بضم الضاد [ ص: 69 ] وضم الراء مشددة - من ضره يضره ، والضمة ضمة إتباع لحركة العين عند الإدغام للتخلص من التقاء الساكنين : سكون الجزم وسكون الإدغام ، ويجوز في مثله من المضموم العين في المضارع ثلاثة وجوه في العربية : الضم لإتباع حركة العين ، والفتح لخفته ، والكسر لأنه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين ، ولم يقرأ إلا بالضم في المتواتر .