[ ص: 178 ] nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29053_28760_32408كلا بل تكذبون بالدين .
كلا ردع عما هو غرور بالله أو بالغرور مما تضمنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6ما غرك بربك من حصول ما يغر الإنسان بالشرك ومن إعراضه عن نعم الله تعالى بالكفر ، أو من كون حالة المشرك كحالة المغرور كما تقدم من الوجهين في الإنكار المستفاد من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6ما غرك بربك الكريم .
والمعنى : إشراكك بخالقك باطل وهو غرور ، أو كالغرور .
ويكون قوله بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9بل تكذبون بالدين إضرابا انتقاليا من غرض التوبيخ والزجر على الكفر إلى ذكر جرم فظيع آخر ، وهو التكذيب بالبعث والجزاء ويشمله التوبيخ بالزجر بسبب أنه معطوف على توبيخ وزجر ; لأن بل لا تخرج عن معنى العطف أي : العطف في الغرض لا في نسبة الحكم . ولذلك يتبع المعطوف بها المفرد في إعراب المعطوف عليه فيقول النحويون : إنها تتبع في اللفظ لا في الحكم ، أي : هو اتباع مناسبة في الغرض لا في اتباع في النسبة .
ويجوز أن يكون كلا إبطالا لوجود ما يغر الإنسان أن يشرك بالله ، أي : لا عذر للإنسان في الإشراك بالله إذ لا يوجد ما يغره به .
ويكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9بل تكذبون إضرابا إبطاليا ، وما بعد بل بيانا لما جرأهم على الإشراك ، وإنه ليس غرورا ، إذ لا شبهة لهم في الإشراك حتى تكون الشبهة كالغرور ، ولكنهم أصروا على الإشراك لأنهم حبسوا أنفسهم في مأمن من تبعته فاختاروا الاستمرار عليه لأنه هوى أنفسهم ، ولم يعبئوا بأنه باطل صراح فهم يكذبون بالجزاء فلذلك سبب تصميم جميعهم على الشك مع تفاوت مداركهم التي لا يخفى على بعضها بطلان كون الحجارة آلهة ، ألا ترى أنهم ما كانوا يرون العذاب إلا عذاب الدنيا ؟ !
وعلى هذا الوجه يكون فيه إشارة إلى أن إنكار البعث هو جماع الإجرام ، ونظير هذا الوجه وقع في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=20فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون بل الذين كفروا يكذبون في سورة الانشقاق .
[ ص: 179 ] وقرأ الجمهور تكذبون بتاء الخطاب . وقرأه
أبو جعفر بياء الغيبة على الالتفات .
وفي صيغة المضارع من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9تكذبون بالدين إفادة أن تكذيبهم بالجزاء متجدد لا يقلعون عنه ، وهو سبب استمرار كفرهم .
وفي المضارع أيضا استحضار حالة هذا التكذيب استحضارا يقتضي التعجيب من تكذيبهم ; لأن معهم من الدلائل ما لحقه أن يقلع تكذيبهم بالجزاء .
والدين : الجزاء .
[ ص: 178 ] nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29053_28760_32408كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ .
كَلَّا رَدْعٌ عَمَّا هُوَ غُرُورٌ بِاللَّهِ أَوْ بِالْغُرُورِ مِمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ مِنْ حُصُولِ مَا يَغُرُّ الْإِنْسَانَ بِالشِّرْكِ وَمِنْ إِعْرَاضِهِ عَنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكُفْرِ ، أَوْ مِنْ كَوْنِ حَالَةِ الْمُشْرِكِ كَحَالَةِ الْمَغْرُورِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِنْكَارِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=6مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ .
وَالْمَعْنَى : إِشْرَاكُكَ بِخَالِقِكَ بَاطِلٌ وَهُوَ غُرُورٌ ، أَوْ كَالْغُرُورِ .
وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ إِضْرَابًا انْتِقَالِيًّا مِنْ غَرَضِ التَّوْبِيخِ وَالزَّجْرِ عَلَى الْكُفْرِ إِلَى ذِكْرِ جُرْمٍ فَظِيعٍ آخَرَ ، وَهُوَ التَّكْذِيبُ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَيَشْمَلُهُ التَّوْبِيخُ بِالزَّجْرِ بِسَبَبِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَوْبِيخٍ وَزَجْرٍ ; لِأَنَّ بَلْ لَا تَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى الْعَطْفِ أَيِ : الْعَطْفُ فِي الْغَرَضِ لَا فِي نِسْبَةِ الْحُكْمِ . وَلِذَلِكَ يَتْبَعُ الْمَعْطُوفَ بِهَا الْمُفْرَدُ فِي إِعْرَابِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ النَّحْوِيُّونَ : إِنَّهَا تُتْبَعُ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْحُكْمِ ، أَيْ : هُوَ اتِّبَاعُ مُنَاسَبَةٍ فِي الْغَرَضِ لَا فِي اتِّبَاعٍ فِي النِّسْبَةِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَّا إِبْطَالًا لِوُجُودِ مَا يَغُرُّ الْإِنْسَانَ أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ ، أَيْ : لَا عُذْرَ لِلْإِنْسَانِ فِي الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ إِذْ لَا يُوجَدُ مَا يَغُرُّهُ بِهِ .
وَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9بَلْ تُكَذِّبُونَ إِضْرَابًا إِبْطَالِيًّا ، وَمَا بَعْدَ بَلْ بَيَانًا لِمَا جَرَّأَهُمْ عَلَى الْإِشْرَاكِ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ غُرُورًا ، إِذْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي الْإِشْرَاكِ حَتَّى تَكُونَ الشُّبْهَةُ كَالْغُرُورِ ، وَلَكِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى الْإِشْرَاكِ لِأَنَّهُمْ حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي مَأْمَنٍ مِنْ تَبِعَتِهِ فَاخْتَارُوا الِاسْتِمْرَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هَوَى أَنْفُسِهِمْ ، وَلَمْ يَعْبَئُوا بِأَنَّهُ بَاطِلٌ صُرَاحٌ فَهُمْ يُكَذِّبُونَ بِالْجَزَاءِ فَلِذَلِكَ سَبَّبَ تَصْمِيمُ جَمِيعِهِمْ عَلَى الشَّكِّ مَعَ تَفَاوُتِ مَدَارِكِهِمُ الَّتِي لَا يَخْفَى عَلَى بَعْضِهَا بُطْلَانُ كَوْنِ الْحِجَارَةِ آلِهَةً ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَرَوْنَ الْعَذَابَ إِلَّا عَذَابَ الدُّنْيَا ؟ !
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ إِنْكَارَ الْبَعْثِ هُوَ جِمَاعُ الْإِجْرَامِ ، وَنَظِيرُ هَذَا الْوَجْهِ وَقَعَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=84&ayano=20فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ فِي سُورَةِ الِانْشِقَاقِ .
[ ص: 179 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تُكَذِّبُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ . وَقَرَأَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ عَلَى الِالْتِفَاتِ .
وَفِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=9تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ إِفَادَةُ أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ بِالْجَزَاءِ مُتَجَدِّدٌ لَا يُقْلِعُونَ عَنْهُ ، وَهُوَ سَبَبُ اسْتِمْرَارِ كُفْرِهِمْ .
وَفِي الْمُضَارِعِ أَيْضًا اسْتِحْضَارُ حَالَةِ هَذَا التَّكْذِيبِ اسْتِحْضَارًا يَقْتَضِي التَّعْجِيبَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ ; لِأَنَّ مَعَهُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ مَا لَحِقَهُ أَنْ يُقْلِعَ تَكْذِيبُهُمْ بِالْجَزَاءِ .
وَالدِّينُ : الْجَزَاءُ .