[ ص: 266 ] nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29057_31763_15والسماء ذات الرجع nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=12والأرض ذات الصدع nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=13إنه لقول فصل nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وما هو بالهزل .
بعد أن تبين الدليل على إمكان البعث أعقب بتحقيق أن
nindex.php?page=treesubj&link=28738_28740القرآن حق وأن ما فيه قول فصل إبطالا لما موه عليهم من أن أخباره غير صادقة ، إذ قد أخبرهم بإحياء الرمم البالية .
فالجملة استئناف ابتدائي لغرض من أغراض السورة .
وافتتح الكلام بالقسم تحقيقا لصدق القرآن في الإخبار بالبعث في غير ذلك مما اشتمل عليه من الهدى ، ولذلك أعيد القسم بـ ( السماء ) كما أقسم بها في أول السورة ، وذكر من أحوال السماء ما له مناسبة بالمقسم عليه ، وهو الغيث الذي به صلاح الناس ، فإن إصلاح القرآن للناس كإصلاح المطر . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002822مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا الحديث .
وفي اسم الرجع مناسبة لمعنى البعث في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=8إنه على رجعه لقادر وفيه محسن الجناس التام وفي مسمى الرجع وهو المطر المعاقب لمطر آخر مناسبة لمعنى الرجع البعث ، فإن البعث حياة معاقبة بحياة سابقة .
وعطف الأرض في القسم ; لأن بذكر الأرض إتمام المناسبة بين المقسم والمقسم عليه كما علمت من المثل الذي في الحديث .
والصدع : الشق ، وهو المصدر بمعنى المفعول ، أي : المصدوع عنه ، وهو النبات الذي يخرج من شقوق الأرض قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أنا صببنا الماء صبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=26ثم شققنا الأرض شقا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=27فأنبتنا فيها حبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=28وعنبا وقضبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=29وزيتونا ونخلا .
ولأن في هذين الحالين إيماء إلى دليل آخر من دلائل إحياء الناس للبعث ، فكان في هذا القسم دليلان .
والضمير الواقع اسما لـ إن عائد إلى القرآن وهو معلوم من المقام .
[ ص: 267 ] والفصل مصدر بمعنى التفرقة ، والمراد أنه يفصل بين الحق والباطل ، أي : يبين الحق ويبطل الباطل ، والإخبار بالمصدر للمبالغة ، أي إنه لقول فاصل .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وما هو بالهزل بعد الثناء على القرآن بأنه قول فصل يتعين على المفسر أن يتبين وجه هذا العطف ومناسبته ، والذي أراه في ذلك أنه أعقب به الثناء على القرآن ردا على المشركين ، إذ كانوا يزعمون أن النبيء صلى الله عليه وسلم جاء يهزل إذ يخبر بأن الموتى سيحيون ، يريدون تضليل عامتهم حين يسمعون قوارع القرآن وإرشاده وجزالة معانيه يختلقون لهم تلك المعاذير ليصرفوهم عن أن يتدبروا القرآن ، وهو ما حكاه الله عنهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه فالهزل على هذا الوجه هو ضد الجد ، أعني المزح واللعب ، ومثل هذه الصفة إذا وردت في الكلام البليغ لا محمل لها إلا إرادة التعريض وإلا كانت تقصيرا في المدح لا سيما إذا سبقتها محمدة من المحامد العظيمة .
ويجوز أن يطلق الهزل على الهذيان قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وما هو بالهزل أي : بالهذيان .
[ ص: 266 ] nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29057_31763_15وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=12وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=13إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ .
بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ الدَّلِيلُ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ أَعْقَبَ بِتَحْقِيقِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28738_28740الْقُرْآنَ حَقٌّ وَأَنَّ مَا فِيهِ قَوْلٌ فَصْلٌ إِبْطَالًا لِمَا مُوِّهَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّ أَخْبَارَهُ غَيْرُ صَادِقَةٍ ، إِذْ قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِإِحْيَاءِ الرِّمَمِ الْبَالِيَةِ .
فَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِغَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِ السُّورَةِ .
وَافْتَتَحَ الْكَلَامَ بِالْقَسَمِ تَحْقِيقًا لِصِدْقِ الْقُرْآنِ فِي الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى ، وَلِذَلِكَ أُعِيدَ الْقَسَمُ بِـ ( السَّمَاءِ ) كَمَا أَقْسَمَ بِهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ، وَذَكَرَ مِنْ أَحْوَالِ السَّمَاءِ مَا لَهُ مُنَاسَبَةٌ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْغَيْثُ الَّذِي بِهِ صَلَاحُ النَّاسِ ، فَإِنَّ إِصْلَاحَ الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ كَإِصْلَاحِ الْمَطَرِ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002822مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا الْحَدِيثَ .
وَفِي اسْمِ الرَّجْعِ مُنَاسَبَةٌ لِمَعْنَى الْبَعْثِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=8إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ وَفِيهِ مُحَسِّنُ الْجِنَاسِ التَّامِّ وَفِي مُسَمَّى الرَّجْعِ وَهُوَ الْمَطَرُ الْمُعَاقِبُ لِمَطَرٍ آخَرَ مُنَاسَبَةً لِمَعْنَى الرَّجْعِ الْبَعْثِ ، فَإِنَّ الْبَعْثَ حَيَاةٌ مُعَاقَبَةٌ بِحَيَاةٍ سَابِقَةٍ .
وَعُطِفَ الْأَرْضُ فِي الْقَسَمِ ; لِأَنَّ بِذِكْرِ الْأَرْضِ إِتْمَامَ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمُقْسَمِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْتَ مِنَ الْمَثَلِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ .
وَالصَّدْعُ : الشَّقُّ ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ، أَيِ : الْمَصْدُوعِ عَنْهُ ، وَهُوَ النَّبَاتُ الَّذِي يُخْرَجُ مِنْ شُقُوقِ الْأَرْضِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=26ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=27فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=28وَعِنَبًا وَقَضْبًا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=29وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا .
وَلِأَنَّ فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ إِيمَاءً إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ مِنْ دَلَائِلَ إِحْيَاءِ النَّاسِ لِلْبَعْثِ ، فَكَانَ فِي هَذَا الْقَسَمِ دَلِيلَانِ .
وَالضَّمِيرُ الْوَاقِعُ اسْمًا لِـ إِنَّ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الْمَقَامِ .
[ ص: 267 ] وَالْفَصْلُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّفْرِقَةِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، أَيْ : يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ ، وَالْإِخْبَارُ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ ، أَيْ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَاصِلٌ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ قَوْلٌ فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُفَسِّرِ أَنْ يَتَبَيَّنَ وَجْهَ هَذَا الْعَطْفِ وَمُنَاسَبَتَهُ ، وَالَّذِي أَرَاهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْقَبَ بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى الْقُرْآنِ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، إِذْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَهْزِلُ إِذْ يُخْبِرُ بِأَنَّ الْمَوْتَى سَيَحْيَوْنَ ، يُرِيدُونَ تَضْلِيلَ عَامَّتِهِمْ حِينَ يَسْمَعُونَ قَوَارِعَ الْقُرْآنِ وَإِرْشَادَهُ وَجَزَالَةَ مَعَانِيهِ يَخْتَلِقُونَ لَهُمْ تِلْكَ الْمَعَاذِيرَ لِيَصْرِفُوهُمْ عَنْ أَنْ يَتَدَبَّرُوا الْقُرْآنَ ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ فَالْهَزْلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ ضِدُّ الْجِدِّ ، أَعْنِي الْمَزْحَ وَاللَّعِبَ ، وَمِثْلُ هَذِهِ الصِّفَةِ إِذَا وَرَدَتْ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ لَا مَحْمَلَ لَهَا إِلَّا إِرَادَةَ التَّعْرِيضِ وَإِلَّا كَانَتْ تَقْصِيرًا فِي الْمَدْحِ لَا سِيَّمَا إِذَا سَبَقَتْهَا مَحْمَدَةٌ مِنَ الْمَحَامِدِ الْعَظِيمَةِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ الْهَزْلُ عَلَى الْهَذَيَانِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=14وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ أَيْ : بِالْهَذَيَانِ .