وللآخرة خير لك من الأولى .
عطف على جملة ( والضحى ) فهذا كلام مبتدأ به ، والجملة معطوفة على الجمل الابتدائية ، وليست معطوفة على جملة جواب القسم بل هي ابتدائية فلما نفي القلى بشر بأن آخرته خير من أولاه ، وأن عاقبته أحسن من بدأته ، وأن الله خاتم
وما في تعريف ( الآخرة ) و ( الأولى ) من التعميم يجعل معنى هذه الجملة في معنى التذييل الشامل لاستمرار الوحي وغير ذلك من الخير .
والآخرة : مؤنث الآخر ، والأولى : مؤنث الأول ، وغلب لفظ الآخرة في اصطلاح القرآن على الحياة الآخرة وعلى الدار الآخرة كما غلب لفظ الأولى على حياة الناس التي قبل انخرام هذا العالم ، فيجوز أن يكون المراد هنا من كلا اللفظين كلا معنييه فيفيد أن الحياة الآخرة خير له من هذه الحياة العاجلة تبشيرا له بالخيرات الأبدية ، ويفيد أن حالاته تجري على الانتقال من حالة إلى أحسن منها ، فيكون تأنيث الوصفين جاريا على حالتي التغليب وحالتي التوصيف ، ويكون التأنيث في هذا المعنى الثاني لمراعاة معنى الحالة .
ويومئ ذلك إلى أن عودة نزول الوحي عليه هذه المرة خير من العودة التي سبقت ، أي : تكفل الله بأن لا ينقطع عنه نزول الوحي من بعد .
فاللام في ( الآخرة ) و ( الأولى ) لام الجنس ، أي : كل آجل أمره هو خير من عاجله في هذه الدنيا وفي الأخرى .
واللام في قوله : ( لك ) لام الاختصاص ، أي : خير مختص بك وهو شامل لكل ما له تعلق بنفس النبيء - صلى الله عليه وسلم - في ذاته وفي دينه وفي أمته ، فهذا وعد من الله بأن ينشر دين الإسلام وأن يمكن أمته من الخيرات التي يأملها النبيء - صلى الله عليه وسلم - لهم . وقد [ ص: 398 ] روى الطبراني والبيهقي في دلائل النبوءة عن قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ابن عباس وللآخرة خير لك من الأولى ) . عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني ، فأنزل الله تعالى (