[ ص: 401 ] nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29064_19814فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث .
الفاء الأولى فصيحة .
و ( أما ) تفيد شرطا مقدرا تقديره : مهما يكن من شيء ، فكان مفادها مشعرا بشرط آخر مقدر هو الذي اجتلبت لأجله فاء الفصيحة ، وتقدير نظم الكلام : إذ كنت تعلم ذلك وأقررت به ، فعليك بشكر ربك ، وبين له الشكر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9أما اليتيم فلا تقهر ) إلخ .
وقد جعل الشكر هنا مناسبا للنعمة المشكور عليها ، وإنما اعتبر تقدير : إذا أردت الشكر ; لأن شكر النعمة تنساق إليه النفوس بدافع المروءة في عرف الناس ، وصدر الكلام بـ ( أما ) التفصيلية لأنه تفصيل لمجمل الشكر على النعمة .
ولما كانت ( أما ) بمعنى : ومهما يكن شيء ، قرن جوابها بالفاء .
و ( اليتيم ) مفعول لفعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فلا تقهر ) . وقدم للاهتمام بشأنه ولهذا القصد لم يؤت به مرفوعا ، وقد حصل مع ذلك الوفاء باستعمال جواب ( أما ) أن يكون مفصولا عن ( أما ) بشيء كراهية موالاة فاء الجواب لحرف الشرط . ويظهر أنهم ما التزموا الفصل بين ( أما ) وجوابها بتقديم شيء من علائق الجواب إلا لإرادة الاهتمام بالمقدم ; لأن موقع ( أما ) لا يخلو عن اهتمام بالكلام اهتماما يرتكز في بعض أجزاء الكلام ، فاجتلاب ( أما ) في الكلام أثر للاهتمام وهو يقتضي أن مثار الاهتمام بعض متعلقات الجملة ، فذلك هو الذي يعتنون بتقديمه ، وكذلك القول في تقديم ( السائل ) وتقديم (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بنعمة ربك ) على فعليهما .
وقد قوبلت النعم الثلاث المتفرع عليها هذا التفصيل بثلاثة أعمال تقابلها .
فيجوز أن يكون هذا التفصيل على طريقة اللف والنشر المرتب ، وذلك ما درج عليه
الطيبي ، ويجري على تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ( السائل ) بالسائل عن الدين والهدى ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر ) مقابل لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6ألم يجدك يتيما فآوى ) لا محالة ، أي : فكما آواك ربك وحفظك من عوارض النقص المعتاد لليتم ، فكن أنت مكرما للأيتام رفيقا بهم ، فجمع ذلك في النهي عن قهره ; لأن أهل الجاهلية
[ ص: 402 ] كانوا يقهرون الأيتام ، ولأنه إذا نهى عن قهر اليتيم مع كثرة الأسباب لقهره ; لأن القهر قد يصدر من جراء القلق من مطالب حاجاته ، فإن فلتات اللسان سريعة الحصول كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ) .
والقهر : الغلبة والإذلال وهو المناسب هنا ، وتكون هذه المعاني بالفعل كالدع والتحقير بالفعل وتكون بالقول ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وقولوا لهم قولا معروفا ) وتكون بالإشارة مثل عبوس الوجه ، فالقهر المنهي عنه هو القهر الذي لا يعامل به غير اليتيم في مثل ذلك ، فأما القهر لأجل الاستصلاح كضرب التأديب فهو من حقوق التربية ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وإن تخالطوهم فإخوانكم ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر ) مقابل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى ) ؛ لأن الضلال يستدعي السؤال عن الطريق فالضال معتبر من صنف السائلين ، والسائل عن الطريق قد يتعرض لحماقة المسئول كما قال
كعب :
وقال كل خليل كنت آمله : لا ألهينك إني عنك مشغول
فجعل الله الشكر عن هدايته إلى طريق الخير أن يوسع باله للسائلين .
فلا يختص السائل بسائل العطاء بل يشمل كل سائل ، وأعظم تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإرشاد المسترشدين ، وروي هذا التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة . روى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002860إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا " قال
هارون العبدي : كنا إذا أتينا
أبا سعيد يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والتعريف في ( السائل ) تعريف الجنس فيعم كل سائل ، أي : عما يسأل النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن مثله .
ويكون النشر على ترتيب اللف .
فإن فسر ( السائل ) بسائل المعروف كان مقابل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى ) وكان من النشر المشوش ، أي : المخالف لترتيب اللف ، وهو ما درج عليه الكشاف .
[ ص: 403 ] والنهر : الزجر بالقول مثل أن يقول : إليك عني . ويستفاد من النهي عن القهر والنهر النهي عما هو أشد منهما في الأذى كالشتم والضرب والاستيلاء على المال وتركه محتاجا ، وليس من النهر نهي السائل عن مخالفة آداب السؤال في الإسلام .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) مقابل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى ) .
فإن الإغناء نعمة ،
nindex.php?page=treesubj&link=32490فأمره الله أن يظهر نعمة الله عليه بالحديث عنها وإعلان شكرها .
وليس المراد بنعمة ربك نعمة خاصة ، وإنما أريد الجنس فيفيد عموما في المقام الخطابي ، أي : حدث ما أنعم الله به عليك من النعم ، فحصل في ذلك الأمر شكر نعمة الإغناء ، وحصل الأمر بشكر جميع النعم لتكون الجملة تذييلا جامعا .
فإن جعل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر ) مقابل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى ) على طريقة اللف والنشر المشوش كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) مقابل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7ووجدك ضالا فهدى ) على طريقة اللف والنشر المشوش أيضا .
وكان المراد بنعمة ربه نعمة الهداية إلى الدين الحق .
والتحديث : الإخبار ، أي : أخبر بما أنعم الله عليك اعترافا بفضله ، وذلك من الشكر . والقول في تقديم المجرور وهو (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بنعمة ربك ) على متعلقه كالقول في تقديم (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر ) .
والخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - فمقتضى الأمر في المواضع الثلاثة أن تكون خاصة به ، وأصل الأمر الوجوب ، فيعلم أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - واجب عليه ما أمر به ، وأما مخاطبة أمته بذلك فتجري على أصل مساواة الأمة لنبيها فيما فرض عليه ما لم يدل دليل على الخصوصية ، فأما مساواة الأمة له في
nindex.php?page=treesubj&link=24717_19814منع قهر اليتيم ونهر السائل فدلائله كثيرة مع ما يقتضيه أصل المساواة .
وأما مساواة الأمة في الأمر بالتحدث بنعمة الله فإن نعم الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - شتى منها ما لا مطمع لغيره من الأمة فيه ، مثل نعمة الرسالة ونعمة القرآن ونحو ذلك من مقتضيات الاصطفاء الأكبر ، ونعمة الرب في الآية مجملة .
[ ص: 404 ] فنعم الله التي أنعم بها على نبيه - صلى الله عليه وسلم - كثيرة منها ما يجب تحديثه به وهو تبليغه الناس أنه رسول من الله ، وأن الله أوحى إليه ، وذلك داخل في تبليغ الرسالة ، وقد كان يعلم الناس الإسلام فيقول لمن يخاطبه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002861أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله .
ومنها تعريفه الناس ما يجب له من البر والطاعة كقوله لمن قال له : اعدل يا رسول الله . فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002862أيأمنني الله على وحيه ولا تأمنوني ؟ ! " ، ومنه ما يدخل التحديث به في واجب الشكر على النعمة ، فهذا وجوبه على النبيء - صلى الله عليه وسلم - خالص من عروض المعارض ; لأن النبيء معصوم من عروض الرياء ولا يظن الناس به ذلك فوجوبه عليه ثابت .
وأما الأمة فقد يكون التحديث بالنعمة منهم محفوفا برياء أو تفاخر ، وقد ينكسر له خاطر من هو غير واجد مثل النعمة المتحدث بها . وهذا مجال للنظر في المعارضة بين المقتضي والمانع ، وطريقة الجمع بينهما إن أمكن أو الترجيح لأحدهما . وفي تفسير
الفخر : سئل أمير المؤمنين
علي - رضي الله عنه - عن الصحابة ، فأثنى عليهم فقالوا له : فحدثنا عن نفسك فقال : مهلا فقد نهى الله عن التزكية ، فقيل له : أليس الله تعالى يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) فقال : فإني أحدث ، كنت إذا سئلت أعطيت . وإذا سكت ابتديت ، وبين الجوانح علم جم فاسألوني . فمن العلماء من خص النعمة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بنعمة ربك بنعمة القرآن ونعمة النبوءة ، وقاله
مجاهد . ومن العلماء من رأى وجوب التحدث بالنعمة . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة .
وقال
القرطبي : الخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - والحكم عام له ولغيره . قال
عياض في الشفا : " وهذا خاص له عام لأمته " .
وعن
عمرو بن ميمون : إذا لقي الرجل من إخوانه من يثق به يقول له : رزق الله من الصلاة البارحة كذا وكذا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13404عبد الله بن غالب : أنه كان إذا
[ ص: 405 ] أصبح يقول : لقد رزقني الله البارحة كذا ، قرأت كذا ، صليت كذا ، ذكرت الله كذا ، فقلنا له : يا
أبا فراس إن مثلك لا يقول هذا ، قال : يقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) وتقولون أنتم : لا تحدث بنعمة الله . وذكر
ابن العربي عن
أيوب قال : دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبي رجاء العطاردي فقال : لقد رزق الله البارحة : صليت كذا وسبحت كذا ، قال
أيوب : فاحتملت ذلك
لأبي رجاء . وعن بعض السلف أن التحدث بالنعمة تكون للثقة من الإخوان ممن يثق به ، قال
ابن العربي : إن التحدث بالعمل يكون بإخلاص من النية عند أهل الثقة ، فإنه ربما خرج إلى الرياء وإساءة الظن بصاحبه . وذكر
الفخر والقرطبي عن
الحسن بن علي : إذا أصبت خيرا أو عملت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك . قال
الفخر : إلا أن هذا إنما يحسن إذا لم يتضمن رياء وظن أن غيره يقتدي به .
[ ص: 401 ] nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29064_19814فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .
الْفَاءُ الْأُولَى فَصِيحَةٌ .
وَ ( أَمَّا ) تُفِيدُ شَرْطًا مُقَدَّرًا تَقْدِيرُهُ : مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ ، فَكَانَ مُفَادُهَا مُشْعِرًا بِشَرْطٍ آخَرَ مُقَدَّرٍ هُوَ الَّذِي اجْتُلِبَتْ لِأَجْلِهِ فَاءُ الْفَصِيحَةِ ، وَتَقْدِيرُ نَظْمِ الْكَلَامِ : إِذْ كُنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَقْرَرْتَ بِهِ ، فَعَلَيْكَ بِشُكْرِ رَبِّكَ ، وَبَيَّنَ لَهُ الشُّكْرَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9أَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ) إِلَخْ .
وَقَدْ جُعِلَ الشُّكْرُ هُنَا مُنَاسِبًا لِلنِّعْمَةِ الْمَشْكُورِ عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ تَقْدِيرُ : إِذَا أَرَدْتَ الشُّكْرَ ; لِأَنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ تَنْسَاقُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ بِدَافِعِ الْمُرُوءَةِ فِي عُرْفِ النَّاسِ ، وَصُدِّرَ الْكَلَامُ بِـ ( أَمَّا ) التَّفْصِيلِيَّةِ لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِمُجْمَلِ الشُّكْرِ عَلَى النِّعْمَةِ .
وَلَمَّا كَانَتْ ( أَمَّا ) بِمَعْنَى : وَمَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ ، قُرِنَ جَوَابُهَا بِالْفَاءِ .
وَ ( الْيَتِيمَ ) مَفْعُولٌ لِفِعْلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَلَا تَقْهَرْ ) . وَقُدِّمَ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ وَلِهَذَا الْقَصْدِ لَمْ يُؤْتَ بِهِ مَرْفُوعًا ، وَقَدْ حَصَلَ مَعَ ذَلِكَ الْوَفَاءُ بِاسْتِعْمَالِ جَوَابِ ( أَمَّا ) أَنْ يَكُونَ مَفْصُولًا عَنْ ( أَمَّا ) بِشَيْءٍ كَرَاهِيَةَ مُوَالَاةِ فَاءِ الْجَوَابِ لِحَرْفِ الشَّرْطِ . وَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ مَا الْتَزَمُوا الْفَصْلَ بَيْنَ ( أَمَّا ) وَجَوَابِهَا بِتَقْدِيمِ شَيْءٍ مِنْ عَلَائِقِ الْجَوَابِ إِلَّا لِإِرَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِالْمُقَدَّمِ ; لِأَنَّ مَوْقِعَ ( أَمَّا ) لَا يَخْلُو عَنِ اهْتِمَامٍ بِالْكَلَامِ اهْتِمَامًا يَرْتَكِزُ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ الْكَلَامِ ، فَاجْتِلَابُ ( أَمَّا ) فِي الْكَلَامِ أَثَرٌ لِلِاهْتِمَامِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَثَارَ الِاهْتِمَامِ بَعْضُ مُتَعَلَّقَاتِ الْجُمْلَةِ ، فَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَعْتَنُونَ بِتَقْدِيمِهِ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي تَقْدِيمِ ( السَّائِلَ ) وَتَقْدِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ) عَلَى فِعْلَيْهِمَا .
وَقَدْ قُوبِلَتِ النِّعَمُ الثَّلَاثُ الْمُتَفَرِّعُ عَلَيْهَا هَذَا التَّفْصِيلُ بِثَلَاثَةِ أَعْمَالٍ تُقَابِلُهَا .
فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ ، وَذَلِكَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ
الطِّيبِيُّ ، وَيَجْرِي عَلَى تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ( السَّائِلَ ) بِالسَّائِلِ عَنِ الدِّينِ وَالْهُدَى ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=6أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ) لَا مَحَالَةَ ، أَيْ : فَكَمَا آوَاكَ رَبُّكَ وَحَفِظَكَ مِنْ عَوَارِضِ النَّقْصِ الْمُعْتَادِ لِلْيُتْمِ ، فَكُنْ أَنْتَ مُكْرِمًا لِلْأَيْتَامِ رَفِيقًا بِهِمْ ، فَجُمِعَ ذَلِكَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَهْرِهِ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ
[ ص: 402 ] كَانُوا يَقْهَرُونَ الْأَيْتَامَ ، وَلِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ قَهْرِ الْيَتِيمِ مَعَ كَثْرَةِ الْأَسْبَابِ لِقَهْرِهِ ; لِأَنَّ الْقَهْرَ قَدْ يَصْدُرُ مِنْ جَرَّاءِ الْقَلَقِ مِنْ مَطَالِبِ حَاجَاتِهِ ، فَإِنَّ فَلَتَاتِ اللِّسَانِ سَرِيعَةُ الْحُصُولِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ) .
وَالْقَهْرُ : الْغَلَبَةُ وَالْإِذْلَالُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْمَعَانِي بِالْفِعْلِ كَالدَّعِّ وَالتَّحْقِيرِ بِالْفِعْلِ وَتَكُونُ بِالْقَوْلِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=5وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) وَتَكُونُ بِالْإِشَارَةِ مِثْلَ عُبُوسِ الْوَجْهِ ، فَالْقَهْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الْقَهْرُ الَّذِي لَا يُعَامَلُ بِهِ غَيْرُ الْيَتِيمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، فَأَمَّا الْقَهْرُ لِأَجْلِ الِاسْتِصْلَاحِ كَضَرْبِ التَّأْدِيبِ فَهُوَ مِنْ حُقُوقِ التَّرْبِيَةِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) ؛ لِأَنَّ الضَّلَالَ يَسْتَدْعِي السُّؤَالَ عَنِ الطَّرِيقِ فَالضَّالُّ مُعْتَبَرٌ مِنْ صِنْفِ السَّائِلِينَ ، وَالسَّائِلُ عَنِ الطَّرِيقِ قَدْ يَتَعَرَّضُ لِحَمَاقَةِ الْمَسْئُولِ كَمَا قَالَ
كَعْبٌ :
وَقَالَ كُلُّ خَلِيلٍ كُنْتُ آمُلُهُ : لَا أُلْهِيَنَّكَ إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ
فَجَعَلَ اللَّهُ الشُّكْرَ عَنْ هِدَايَتِهِ إِلَى طَرِيقِ الْخَيْرِ أَنْ يُوَسِّعَ بَالَهُ لِلسَّائِلِينَ .
فَلَا يَخْتَصُّ السَّائِلُ بِسَائِلِ الْعَطَاءِ بَلْ يَشْمَلُ كُلَّ سَائِلٍ ، وَأَعْظَمُ تَصَرُّفَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِرْشَادِ الْمُسْتَرْشِدِينَ ، وَرُوِيَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ . رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002860إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ وَإِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ ، فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا " قَالَ
هَارُونُ الْعَبْدِيُّ : كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا
أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ : مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي ( السَّائِلَ ) تَعْرِيفُ الْجِنْسِ فَيَعُمُّ كُلَّ سَائِلٍ ، أَيْ : عَمَّا يُسْأَلُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ مِثْلِهِ .
وَيَكُونُ النَّشْرُ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ .
فَإِنْ فُسِّرَ ( السَّائِلَ ) بِسَائِلِ الْمَعْرُوفِ كَانَ مُقَابِلَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ) وَكَانَ مِنَ النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ ، أَيِ : الْمُخَالِفِ لِتَرْتِيبِ اللَّفِّ ، وَهُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْكَشَّافُ .
[ ص: 403 ] وَالنَّهْرُ : الزَّجْرُ بِالْقَوْلِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : إِلَيْكَ عَنِّي . وَيُسْتَفَادُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْقَهْرِ وَالنَّهْرِ النَّهْيُ عَمَّا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمَا فِي الْأَذَى كَالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَالِ وَتَرْكِهِ مُحْتَاجًا ، وَلَيْسَ مِنَ النَّهْرِ نَهْيُ السَّائِلِ عَنْ مُخَالَفَةِ آدَابِ السُّؤَالِ فِي الْإِسْلَامِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ) .
فَإِنَّ الْإِغْنَاءَ نِعْمَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32490فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُظْهِرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ عَنْهَا وَإِعْلَانِ شُكْرِهَا .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ نِعْمَةً خَاصَّةً ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ الْجِنْسُ فَيُفِيدُ عُمُومًا فِي الْمَقَامِ الْخِطَابِيِّ ، أَيْ : حَدِّثْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ النِّعَمِ ، فَحَصَلَ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ شُكْرُ نِعْمَةِ الْإِغْنَاءِ ، وَحَصَلَ الْأَمْرُ بِشُكْرِ جَمِيعِ النِّعَمِ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ تَذْيِيلًا جَامِعًا .
فَإِنْ جُعِلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ) مُقَابِلَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ) عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) مُقَابِلَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=7وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ أَيْضًا .
وَكَانَ الْمُرَادُ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ نِعْمَةَ الْهِدَايَةِ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ .
وَالتَّحْدِيثُ : الْإِخْبَارُ ، أَيْ : أَخْبِرْ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ اعْتِرَافًا بِفَضْلِهِ ، وَذَلِكَ مِنَ الشُّكْرِ . وَالْقَوْلُ فِي تَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ وَهُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بِنِعْمَةِ رَبِّكَ ) عَلَى مُتَعَلَّقِهِ كَالْقَوْلِ فِي تَقْدِيمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ) .
وَالْخِطَّابُ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُقْتَضَى الْأَمْرِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ أَنْ تَكُونَ خَاصَّةً بِهِ ، وَأَصْلُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ ، فَيُعْلَمُ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبٌ عَلَيْهِ مَا أُمِرَ بِهِ ، وَأَمَّا مُخَاطَبَةُ أُمَّتِهِ بِذَلِكَ فَتَجْرِي عَلَى أَصْلِ مُسَاوَاةِ الْأُمَّةِ لِنَبِيِّهَا فِيمَا فُرِضَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ ، فَأَمَّا مُسَاوَاةُ الْأُمَّةِ لَهُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24717_19814مَنْعِ قَهْرِ الْيَتِيمِ وَنَهْرِ السَّائِلِ فَدَلَائِلُهُ كَثِيرَةٌ مَعَ مَا يَقْتَضِيهِ أَصْلُ الْمُسَاوَاةِ .
وَأَمَّا مُسَاوَاةُ الْأُمَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالتَّحَدُّثِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ فَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَتَّى مِنْهَا مَا لَا مَطْمَعَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ فِيهِ ، مِثْلَ نِعْمَةِ الرِّسَالَةِ وَنِعْمَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الِاصْطِفَاءِ الْأَكْبَرِ ، وَنِعْمَةُ الرَّبِّ فِي الْآيَةِ مُجْمَلَةٌ .
[ ص: 404 ] فَنِعَمُ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا يَجِبُ تَحْدِيثُهُ بِهِ وَهُوَ تَبْلِيغُهُ النَّاسَ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ، وَقَدْ كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْإِسْلَامَ فَيَقُولُ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002861أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ .
وَمِنْهَا تَعْرِيفُهُ النَّاسَ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الْبِرِّ وَالطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ لِمَنْ قَالَ لَهُ : اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002862أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى وَحْيِهِ وَلَا تَأْمَنُونِي ؟ ! " ، وَمِنْهُ مَا يَدْخُلُ التَّحْدِيثُ بِهِ فِي وَاجِبِ الشُّكْرِ عَلَى النِّعْمَةِ ، فَهَذَا وُجُوبُهُ عَلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِصٌ مِنْ عُرُوضِ الْمَعَارِضِ ; لِأَنَّ النَّبِيءَ مَعْصُومٌ مِنْ عُرُوضِ الرِّيَاءِ وَلَا يَظُنُّ النَّاسُ بِهِ ذَلِكَ فَوُجُوبُهُ عَلَيْهِ ثَابِتٌ .
وَأَمَّا الْأُمَّةُ فَقَدْ يَكُونُ التَّحَدِيثُ بِالنِّعْمَةِ مِنْهُمْ مَحْفُوفًا بِرِيَاءٍ أَوْ تَفَاخُرٍ ، وَقَدْ يَنْكَسِرُ لَهُ خَاطِرُ مَنْ هُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ مِثْلَ النِّعْمَةِ الْمُتَحَدَّثِ بِهَا . وَهَذَا مَجَالٌ لِلنَّظَرِ فِي الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ ، وَطَرِيقَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إِنْ أَمْكَنَ أَوِ التَّرْجِيحِ لِأَحَدِهِمَا . وَفِي تَفْسِيرِ
الْفَخْرِ : سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ الصَّحَابَةِ ، فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ : فَحَدِّثْنَا عَنْ نَفْسِكَ فَقَالَ : مَهْلًا فَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنِ التَّزْكِيَةِ ، فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) فَقَالَ : فَإِنِّي أُحَدِّثُ ، كُنْتُ إِذَا سُئِلْتُ أَعْطَيْتُ . وَإِذَا سُكِتَ ابْتَدَيْتُ ، وَبَيْنَ الْجَوَانِحِ عِلْمٌ جَمٌّ فَاسْأَلُونِي . فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ خَصَّ النِّعْمَةَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِنِعْمَةِ الْقُرْآنِ وَنِعْمَةِ النُّبُوءَةِ ، وَقَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ رَأَى وُجُوبَ التَّحَدُّثِ بِالنِّعْمَةِ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ .
وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : الْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحُكْمُ عَامٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ . قَالَ
عِيَاضٌ فِي الشِّفَا : " وَهَذَا خَاصٌّ لَهُ عَامٌّ لِأُمَّتِهِ " .
وَعَنْ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ : إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ إِخْوَانِهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ يَقُولُ لَهُ : رَزَقَ اللَّهُ مِنَ الصَّلَاةِ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13404عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا
[ ص: 405 ] أَصْبَحَ يَقُولُ : لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ الْبَارِحَةَ كَذَا ، قَرَأْتُ كَذَا ، صَلَّيْتُ كَذَا ، ذَكَرْتُ اللَّهَ كَذَا ، فَقُلْنَا لَهُ : يَا
أَبَا فِرَاسٍ إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَقُولُ هَذَا ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) وَتَقُولُونَ أَنْتُمْ : لَا تُحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ . وَذَكَرَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ
أَيُّوبَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12004أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ فَقَالَ : لَقَدْ رَزَقَ اللَّهُ الْبَارِحَةَ : صَلَّيْتُ كَذَا وَسَبَّحْتُ كَذَا ، قَالَ
أَيُّوبُ : فَاحْتَمَلْتُ ذَلِكَ
لِأَبِي رَجَاءٍ . وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّ التَّحَدُّثَ بِالنِّعْمَةِ تَكُونُ لِلثِّقَةِ مِنَ الْإِخْوَانِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ ، قَالَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ : إِنَّ التَّحَدُّثَ بِالْعَمَلِ يَكُونُ بِإِخْلَاصٍ مِنَ النِّيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الثِّقَةِ ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ إِلَى الرِّيَاءِ وَإِسَاءَةِ الظَّنِّ بِصَاحِبِهِ . وَذَكَرَ
الْفَخْرُ وَالْقُرْطُبِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ : إِذَا أَصَبْتَ خَيْرًا أَوْ عَمِلْتَ خَيْرًا فَحَدِّثْ بِهِ الثِّقَةَ مِنْ إِخْوَانِكَ . قَالَ
الْفَخْرُ : إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ رِيَاءً وَظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ يَقْتَدِي بِهِ .