nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29065_28862وإلى ربك فارغب .
عطف على تفريع الأمر بالشكر على النعم أمر بطلب استمرار نعم الله عليه كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لئن شكرتم لأزيدنكم ) .
والرغبة : طلب حصول ما هو محبوب ، وأصله أن يعدى إلى المطلوب منه بنفسه ويعدى إلى الشيء المطلوب بـ ( في ) . ويقال : رغب عن كذا ، بمعنى صرف رغبته عنه بأن رغب في غيره ، وجعل منه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وترغبون أن تنكحوهن ) بتقدير حرف
[ ص: 418 ] الجر المحذوف قبل حرف ( أن ) هو حرف ( عن ) . وذلك تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين كما تقدم في سورة النساء .
وأما تعدية فعل ( فارغب ) هنا بحرف ( إلى ) فلتضمينه معنى الإقبال والتوجه تشبيها بسير السائر إلى من عنده حاجته كما قال تعالى عن
إبراهيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99وقال إني ذاهب إلى ربي ) .
وتقديم ( إلى ربك ) على (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8فارغب ) لإفادة الاختصاص ، أي : إليه لا إلى غيره تكون رغبتك ، فإن صفة الرسالة أعظم صفات الخلق ، فلا يليق بصاحبها أن يرغب غير الله تعالى .
وحذف مفعول ( ارغب ) ليعم كل ما يرغبه النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهل يرغب النبيء إلا في الكمال النفساني وانتشار الدين ونصر المسلمين .
واعلم أن الفاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فانصب ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8فارغب ) رابطة للفعل ; لأن تقديم المعمول يتضمن معنى الاشتراط والتقييد ، فإن تقديم المعمول لما أفاد الاختصاص نشأ منه معنى الاشتراط ، وهو كثير في الكلام ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=66بل الله فاعبد ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=3وربك فكبر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وثيابك فطهر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5والرجز فاهجر ) وفي تقديم المجرور قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=26وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002867وقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - لمن سأل منه أن يخرج للجهاد : " ألك أبوان ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد " . بل قد يعامل معاملة الشرط في الإعراب كما روي قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002868كما تكونوا يول عليكم " بجزم الفعلين ، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=58فبذلك فليفرحوا ) في سورة يونس .
وذكر
الطيبي عن أمالي السيد - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابن الشجري - أن اجتماع الفاء والواو هنا من أعجب كلامهم ; لأن الفاء تعطف أو تدخل في الجواب وما أشبه الجواب بالاسم الناقص ، أو في صلة الموصول الفعلية لشبهها بالجواب ، وهي هنا خارجة عما وضعت له اهـ . ولا يبقى تعجب بعد ما قررناه .
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29065_28862وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ .
عُطِفَ عَلَى تَفْرِيعِ الْأَمْرِ بِالشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ أَمْرٌ بِطَلَبِ اسْتِمْرَارِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) .
وَالرَّغْبَةُ : طَلَبُ حُصُولِ مَا هُوَ مَحْبُوبٌ ، وَأَصْلُهُ أَنْ يُعَدَّى إِلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ بِنَفْسِهِ وَيُعَدَّى إِلَى الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ بِـ ( فِي ) . وَيُقَالُ : رَغِبَ عَنْ كَذَا ، بِمَعْنَى صَرَفَ رَغْبَتَهُ عَنْهُ بِأَنْ رَغِبَ فِي غَيْرِهِ ، وَجُعِلَ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) بِتَقْدِيرِ حَرْفِ
[ ص: 418 ] الْجَرِّ الْمَحْذُوفِ قَبْلَ حَرْفِ ( أَنْ ) هُوَ حَرْفُ ( عَنْ ) . وَذَلِكَ تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَأَمَّا تَعْدِيَةُ فِعْلِ ( فَارْغَبْ ) هُنَا بِحَرْفِ ( إِلَى ) فَلِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِقْبَالِ وَالتَّوَجُّهِ تَشْبِيهًا بِسَيْرِ السَّائِرِ إِلَى مَنْ عِنْدَهُ حَاجَتُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ
إِبْرَاهِيمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=99وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) .
وَتَقْدِيمُ ( إِلَى رَبِّكَ ) عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8فَارْغَبْ ) لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ ، أَيْ : إِلَيْهِ لَا إِلَى غَيْرِهِ تَكُونُ رَغْبَتُكُ ، فَإِنَّ صِفَةَ الرِّسَالَةِ أَعْظَمُ صِفَاتِ الْخَلْقِ ، فَلَا يَلِيقُ بِصَاحِبِهَا أَنْ يَرْغَبَ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَحُذِفَ مَفْعُولُ ( ارْغَبْ ) لِيَعُمَّ كُلَّ مَا يَرْغَبُهُ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ يَرْغَبُ النَّبِيءُ إِلَّا فِي الْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ وَانْتِشَارِ الدِّينِ وَنَصْرِ الْمُسْلِمِينَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=7فَانْصَبْ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=8فَارْغَبْ ) رَابِطَةٌ لِلْفِعْلِ ; لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الِاشْتِرَاطِ وَالتَّقْيِيدِ ، فَإِنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ لَمَّا أَفَادَ الِاخْتِصَاصَ نَشَأَ مِنْهُ مَعْنَى الِاشْتِرَاطِ ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=66بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=3وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) وَفِي تَقْدِيمِ الْمَجْرُورِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=26وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002867وَقَالَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَأَلَ مِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْجِهَادِ : " أَلَكَ أَبَوَانِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ " . بَلْ قَدْ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ فِي الْإِعْرَابِ كَمَا رُوِيَ قَوْلُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002868كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّ عَلَيْكُمْ " بِجَزْمِ الْفِعْلَيْنِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=58فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) فِي سُورَةِ يُونُسَ .
وَذَكَرَ
الطِّيبِيُّ عَنْ أَمَالِي السَّيِّدِ - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابْنَ الشَّجَرِيِّ - أَنَّ اجْتِمَاعَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ هُنَا مِنْ أَعْجَبِ كَلَامِهِمْ ; لِأَنَّ الْفَاءَ تَعْطِفُ أَوْ تَدْخُلُ فِي الْجَوَابِ وَمَا أَشْبَهَ الْجَوَابَ بِالِاسْمِ النَّاقِصِ ، أَوْ فِي صِلَةِ الْمَوْصُولِ الْفِعْلِيَّةِ لِشَبَهِهَا بِالْجَوَابِ ، وَهِيَ هُنَا خَارِجَةٌ عَمَّا وُضِعَتْ لَهُ اهـ . وَلَا يَبْقَى تَعَجُّبٌ بَعْدَ مَا قَرَّرْنَاهُ .