قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم .
[ ص: 138 ] لقن الله رسوله الجواب عن قولهم : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ، والجواب إبطال لقولهم ، وتعليم للمؤمنين لدفع ما عسى أن يقع في نفوسهم من الريب ، إذا سمعوا كلام المنافقين ، أو هو جواب للمنافقين ويحصل به علم للمؤمنين . وفصلت الجملة جريا على حكاية المقاولة كما قررنا غير مرة ، وهذا الجواب جار على الحقيقة وهي والتسليم لذلك بعد استفراغ الجهد في مصادفة المأمول ، فليس هذا الجواب ونظائره بمقتض جريان الأشياء على قدر من الله ، لأن قدر الله تعالى وقضاءه غير معلومين لنا إلا بعد الوقوع ، فنحن مأمورون بالسعي فيما عساه أن يكون كاشفا عن مصادفة الله لمأمولنا ، فإن استفرغنا جهودنا وحرمنا المأمول ، علمنا أن قدر الله جرى من قبل على خلاف مرادنا ، فأما ترك الأسباب فليس من شأننا ، وهو مخالف لما أراد الله منا ، وإعراض عما أقامنا الله فيه في هذا العالم وهو تحريف لمعنى القدر . والمعنى : لو لم تكونوا هاهنا وكنتم في بيوتكم لخرج الذين كتب الله عليهم أن يموتوا مقتولين فقتلوا في مضاجعهم التي اضطجعوا فيها يوم أحد أي مصارعهم فالمراد بقوله كتب قدر ، ومعنى برز خرج إلى البراز وهو الأرض . ترك الأسباب
وقرأ الجمهور باء ( بيوتكم ) بالكسر . وقرأه أبو عمرو ، عن وورش نافع ، وحفص وأبو جعفر بالضم .
والمضاجع جمع مضجع بفتح الميم وفتح الجيم وهو محل الضجوع ، والضجوع : وضع الجنب بالأرض للراحة والنوم ، وفعله من باب منع ومصدره القياسي الضجع ، وأما الضجوع فغير قياسي ، ثم غلب إطلاق المضجع على مكان النوم قال تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع وفي حديث أم زرع : فحقيقة الضجوع هو وضع الجنب للنوم والراحة وأطلق هنا على مصارع القتلى على سبيل الاستعارة ، وحسنها أن الشهداء أحياء ، فهو استعارة أو مشاكلة تقديرية لأن قولهم ما قتلنا هاهنا يتضمن معنى أن الشهداء كانوا يبقون في بيوتهم متمتعين بفروشهم . مضجعه كمسل شطبة