nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28975للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا .
استئناف ابتدائي ، وهو جار مجرى النتيجة لحكم إيتاء أموال اليتامى ، ومجرى المقدمة لأحكام المواريث التي في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم .
ومناسبة تعقيب الآي السابقة بها : أنهم كانوا قد اعتادوا إيثار الأقوياء والأشداء بالأموال ، وحرمان الضعفاء ، وإبقاءهم عالة على أشدائهم حتى يكونوا في مقادتهم ، فكان الأولياء يمنعون عن محاجيرهم أموالهم ، وكان أكبر العائلة يحرم إخوته من الميراث معه فكان أولئك لضعفهم يصبرون على الحرمان ، ويقنعون العائلة بالعيش في ظلال أقاربهم ، لأنهم إن نازعوهم أطردوهم وحرموهم ، فصاروا عالة على الناس .
وأخص الناس بذلك النساء فإنهن يجدن ضعفا من أنفسهن ، ويخشين عار الضيعة ،
[ ص: 248 ] ويتقين انحراف الأزواج ، فيتخذن رضا أوليائهن عدة لهن من حوادث الدهر ، فلما أمرهم الله أن يؤتوا اليتامى أموالهم ، أمر عقبه بأمرهم بأن يجعلوا للرجال والنساء نصيبا مما ترك الوالدان والأقربون .
فإيتاء مال اليتيم تحقيق لإيصال نصيبه مما ترك له الوالدان والأقربون ، وتوريث القرابة إثبات لنصيبهم مما ترك الوالدان والأقربون ، وذكر النساء هناك تمهيدا لشرع الميراث ، وقد تأيد ذلك بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى فإن ذلك يناسب الميراث ، ولا يناسب إيتاء أموال اليتامى .
ولا جرم أن
nindex.php?page=treesubj&link=13650من أهم شرائع الإسلام الميراث ، فقد
nindex.php?page=treesubj&link=30578كانت العرب في الجاهلية يجعلون أموالهم بالوصية لعظماء القبائل ومن تلحقهم بالانتساب إليهم حسن الأحدوثة ، وتجمعهم بهم صلات الحلف أو الاعتزاز والود ، وكانوا إذا لم يوصوا أو تركوا بعض مالهم بلا وصية يصرف لأبناء الميت الذكور ، فإن لم يكن له ذكور فقد حكي أنهم يصرفونه إلى عصبة من أخوة وأبناء عم ، ولا تعطى بناته شيئا ، أما الزوجات فكن موروثات لا وارثات .
وكانوا في الجاهلية لا يورثون بالبنوة إلا إذا كان الأبناء ذكورا ، فلا ميراث للنساء لأنهم كانوا يقولون إنما يرث أموالنا من طاعن بالرمح ، وضرب بالسيف . فإن لم تكن الأبناء الذكور ورث أقرب العصبة : الأب ثم الأخ ثم العم وهكذا ، وكانوا يورثون بالتبني وهو أن يتخذ الرجل ابن غيره ابنا له فتنعقد بين المتبني والمتبنى جميع أحكام الأبوة .
ويورثون أيضا بالحلف وهو أن يرغب رجلان في الخلة بينهما فيتعاقدا على أن دمهما واحد ويتوارثا ، فلما جاء الإسلام لم يقع في
مكة تغيير لأحكام الميراث بين المسلمين لتعذر تنفيذ ما يخالف أحكام سكانها ، ثم لما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبقي معظم أقارب المهاجرين المشركون
بمكة صار التوريث بالهجرة ، فالمهاجر يرث المهاجر ، وبالحلف ، وبالمعاقدة ، وبالأخوة التي آخاها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بين
المهاجرين والأنصار ، ونزل في ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28861_28975قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=33ولكل [ ص: 249 ] جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون الآية من هاته السورة . وشرع الله وجوب الوصية للوالدين والأقربين بآية سورة البقرة ، ثم توالد المسلمون ولحق بهم آباؤهم وأبناؤهم مؤمنين ، فشرع الله الميراث بالقرابة ، وجعل للنساء حظوظا في ذلك فأتم الكلمة ، وأسبغ النعمة ، وأومأ إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=13650حكمة الميراث صرف المال إلى القرابة بالولادة وما دونها .
وقد كان قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون أول إعطاء لحق الإرث للنساء في العرب .
ولكون هذه الآية كالمقدمة جاءت بإجمال الحق والنصيب في الميراث وتلاه تفصيله ، لقصد تهيئة النفوس ، وحكمة هذا الإجمال حكمة ورود الأحكام المراد نسخها إلى أثقل لتسكن النفوس إليها بالتدريج .
روى
الواحدي ، في أسباب النزول ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، عن
عكرمة ، وأحدهما يزيد على الآخر ما حاصله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341483إن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها أم كحة فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن زوجي قتل معك يوم أحد وهاتان بنتاه وقد استوفى عمهما مالهما فما ترى يا رسول الله ؟ فوالله ما تنكحان أبدا إلا ولهما مال . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي الله في ذلك . فنزلت سورة النساء وفيها nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم . قال nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : فقال لي رسول الله ادع لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك . ويروى : أن ابني عمه
سويد وعرفطة ، وروي أنهما
قتادة وعرفجة ، وروي
أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لما دعا العم أو ابني العم قال ، أو قالا له : يا رسول الله لا نعطي من لا يركب فرسا ولا يحمل كلا ولا ينكى عدوا . فقال : انصرف أو انصرفا ، حتى أنظر ما يحدث الله فيهن . فنزلت آية " nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7للرجال نصيب " الآية . وروي أنه
لما نزلت هاته الآية أرسل النبيء - صلى الله عليه وسلم - إلى ولي البنتين فقال : لا تفرق من مال أبيهما شيئا فإن الله قد جعل لهن نصيبا .
[ ص: 250 ] والنصيب تقدم عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب في سورة آل عمران .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مما قل منه أو كثر بيان ل " ما ترك " لقصد تعميم ما ترك الوالدان والأقربون وتنصيص على أن الحق متعلق بكل جزء من المال ، حتى لا يستأثر بعضهم بشيء ، وقد كان الرجل في الجاهلية يعطي أبناءه من ماله على قدر ميله كما أوصى
نزار بن سعد بن عدنان لأبنائه :
مضر ، وربيعة ، وإياد ، وأنمار ، فجعل
لمضر الحمراء كلها ، وجعل
لربيعة الفرس ، وجعل
لإياد الخادم ، وجعل
لأنمار الحمار ، ووكلهم في إلحاق بقية ماله بهاته الأصناف الأربعة إلى
الأفعى الجرهمي في
نجران ، فانصرفوا إليه ، فقسم بينهم ، وهو الذي أرسل المثل : " إن العصا من العصية " .
وقوله " نصيبا مفروضا " حال من " نصيب " في قوله للرجال " نصيب " " وللنساء نصيب " وحيث أريد بنصيب الجنس جاء الحال منه مفردا ولم يراع تعدده ، فلم يقل : نصيبين مفروضين ، على اعتبار كون المذكور نصيبين ، ولا قيل : أنصاب مفروضة ، على اعتبار كون المذكور موزعا للرجال وللنساء ، بل وروعي الجنس فجيء بالحال مفردا و " مفروضا " وصف . ومعنى كونه مفروضا أنه معين المقدار لكل صنف من الرجال والنساء ، كما قال تعالى في الآية الآتية
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فريضة من الله . وهذا أوضح دليل على أن المقصود بهذه الآية تشريع المواريث .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28975لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا .
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ ، وَهُوَ جَارٍ مَجْرَى النَّتِيجَةِ لِحُكْمِ إِيتَاءِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ، وَمَجْرَى الْمُقَدِّمَةِ لِأَحْكَامِ الْمَوَارِيثِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ .
وَمُنَاسَبَةُ تَعْقِيبِ الْآيِ السَّابِقَةِ بِهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ اعْتَادُوا إِيثَارَ الْأَقْوِيَاءِ وَالْأَشِدَّاءِ بِالْأَمْوَالِ ، وَحِرْمَانَ الضُّعَفَاءِ ، وَإِبْقَاءَهُمْ عَالَةً عَلَى أَشِدَّائِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا فِي مَقَادَتِهِمْ ، فَكَانَ الْأَوْلِيَاءُ يَمْنَعُونَ عَنْ مَحَاجِيرِهِمْ أَمْوَالَهُمْ ، وَكَانَ أَكْبَرُ الْعَائِلَةِ يَحْرِمُ إِخْوَتَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ مَعَهُ فَكَانَ أُولَئِكَ لِضَعْفِهِمْ يَصْبِرُونَ عَلَى الْحِرْمَانِ ، وَيَقْنَعُونَ الْعَائِلَةَ بِالْعَيْشِ فِي ظِلَالِ أَقَارِبِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ إِنْ نَازَعُوهُمْ أَطْرَدُوهُمْ وَحَرَمُوهُمْ ، فَصَارُوا عَالَةً عَلَى النَّاسِ .
وَأَخَصُّ النَّاسِ بِذَلِكَ النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يَجِدْنَ ضَعْفًا مِنْ أَنْفُسِهِنَّ ، وَيَخْشَيْنَ عَارَ الضَّيْعَةِ ،
[ ص: 248 ] وَيَتَّقِينَ انْحِرَافَ الْأَزْوَاجِ ، فَيَتَّخِذْنَ رِضَا أَوْلِيَائِهِنَّ عُدَّةً لَهُنَّ مِنْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ ، فَلَمَّا أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُؤْتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ، أَمَرَ عَقِبَهُ بِأَمْرِهِمْ بِأَنْ يَجْعَلُوا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ نَصِيبًا مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ .
فَإِيتَاءُ مَالِ الْيَتِيمِ تَحْقِيقٌ لِإِيصَالِ نَصِيبِهِ مِمَّا تَرَكَ لَهُ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ، وَتَوْرِيثُ الْقَرَابَةِ إِثْبَاتٌ لِنَصِيبِهِمْ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ، وَذُكِرَ النِّسَاءُ هُنَاكَ تَمْهِيدًا لِشَرْعِ الْمِيرَاثِ ، وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَاسِبُ الْمِيرَاثَ ، وَلَا يُنَاسِبُ إِيتَاءَ أَمْوَالِ الْيَتَامَى .
وَلَا جَرَمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13650مِنْ أَهَمِّ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الْمِيرَاثَ ، فَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=30578كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَجْعَلُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالْوَصِيَّةِ لِعُظَمَاءِ الْقَبَائِلِ وَمَنْ تَلْحَقُهُمْ بِالِانْتِسَابِ إِلَيْهِمْ حُسْنُ الْأُحْدُوثَةِ ، وَتَجْمَعُهُمْ بِهِمْ صِلَاتُ الْحِلْفِ أَوِ الِاعْتِزَازِ وَالْوِدِّ ، وَكَانُوا إِذَا لَمْ يُوصُوا أَوْ تَرَكُوا بَعْضَ مَالِهِمْ بِلَا وَصِيَّةٍ يُصْرَفُ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ الذُّكُورِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذُكُورٌ فَقَدْ حُكِيَ أَنَّهُمْ يَصْرِفُونَهُ إِلَى عُصْبَةٍ مِنْ أُخْوَةٍ وَأَبْنَاءِ عَمٍّ ، وَلَا تُعْطَى بَنَاتُهُ شَيْئًا ، أَمَّا الزَّوْجَاتُ فَكُنَّ مَوْرُوثَاتٍ لَا وَارِثَاتٍ .
وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْأَبْنَاءُ ذُكُورًا ، فَلَا مِيرَاثَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّمَا يَرِثُ أَمْوَالَنَا مَنْ طَاعَنَ بِالرُّمْحِ ، وَضَرَبَ بِالسَّيْفِ . فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَبْنَاءُ الذُّكُورُ وَرِثَ أَقْرَبُ الْعُصْبَةِ : الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ الْعَمُّ وَهَكَذَا ، وَكَانُوا يُوَرِّثُونَ بِالتَّبَنِّي وَهُوَ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ ابْنَ غَيْرِهِ ابْنًا لَهُ فَتَنْعَقِدُ بَيْنَ الْمُتَبَنِّي وَالْمُتَبَنَّى جَمِيعُ أَحْكَامِ الْأُبُوَّةِ .
وَيُوَرِّثُونَ أَيْضًا بِالْحِلْفِ وَهُوَ أَنْ يَرْغَبَ رَجُلَانِ فِي الْخُلَّةِ بَيْنَهُمَا فَيَتَعَاقَدَا عَلَى أَنَّ دَمَهُمَا وَاحِدٌ وَيَتَوَارَثَا ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ لَمْ يَقَعْ فِي
مَكَّةَ تَغْيِيرٌ لِأَحْكَامِ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِتَعَذُّرِ تَنْفِيذِ مَا يُخَالِفُ أَحْكَامَ سُكَّانِهَا ، ثُمَّ لَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَ مُعْظَمُ أَقَارِبِ الْمُهَاجِرِينَ الْمُشْرِكُونَ
بِمَكَّةَ صَارَ التَّوْرِيثُ بِالْهِجْرَةِ ، فَالْمُهَاجِرُ يَرِثُ الْمُهَاجِرَ ، وَبِالْحِلْفِ ، وَبِالْمُعَاقَدَةِ ، وَبِالْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَاهَا الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28861_28975قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=33وَلِكُلٍّ [ ص: 249 ] جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ الْآيَةَ مِنْ هَاتِهِ السُّورَةِ . وَشَرَعَ اللَّهُ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِآيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، ثُمَّ تَوَالَدَ الْمُسْلِمُونَ وَلَحِقَ بِهِمْ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، فَشَرَعَ اللَّهُ الْمِيرَاثَ بِالْقَرَابَةِ ، وَجَعَلَ لِلنِّسَاءِ حُظُوظًا فِي ذَلِكَ فَأَتَمَّ الْكَلِمَةَ ، وَأَسْبَغَ النِّعْمَةَ ، وَأَوْمَأَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=13650حِكْمَةَ الْمِيرَاثِ صَرْفُ الْمَالِ إِلَى الْقَرَابَةِ بِالْوِلَادَةِ وَمَا دُونَهَا .
وَقَدْ كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ أَوَّلَ إِعْطَاءٍ لِحَقِّ الْإِرْثِ لِلنِّسَاءِ فِي الْعَرَبِ .
وَلِكَوْنِ هَذِهِ الْآيَةِ كَالْمُقَدِّمَةِ جَاءَتْ بِإِجْمَالِ الْحَقِّ وَالنَّصِيبِ فِي الْمِيرَاثِ وَتَلَاهُ تَفْصِيلُهُ ، لِقَصْدِ تَهْيِئَةِ النُّفُوسِ ، وَحِكْمَةُ هَذَا الْإِجْمَالِ حِكْمَةُ وُرُودِ الْأَحْكَامِ الْمُرَادِ نَسْخُهَا إِلَى أَثْقَلَ لِتَسْكُنَ النُّفُوسُ إِلَيْهَا بِالتَّدْرِيجِ .
رَوَى
الْوَاحِدِيُّ ، فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى الْآخَرِ مَا حَاصِلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341483إِنَّ أَوْسَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ كُحَّةٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إِنَّ زَوْجِي قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهَاتَانِ بِنْتَاهُ وَقَدِ اسْتَوْفَى عَمُّهُمَا مَالَهُمَا فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَاللَّهِ مَا تُنْكَحَانِ أَبَدًا إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ . فَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ وَفِيهَا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ . قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ادْعُ لِي الْمَرْأَةَ وَصَاحِبَهَا فَقَالَ لِعَمِّهِمَا أَعْطِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَمَا بَقِيَ فَلَكَ . وَيُرْوَى : أَنَّ ابْنَيْ عَمِّهِ
سُوَيْدٌ وَعُرْفُطَةُ ، وَرُوِيَ أَنَّهُمَا
قَتَادَةُ وَعُرْفُجَةُ ، وَرُوِيَ
أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَعَا الْعَمَّ أَوِ ابْنَيِ الْعَمِّ قَالَ ، أَوْ قَالَا لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نُعْطِي مَنْ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا وَلَا يَحْمِلُ كَلًّا وَلَا يَنْكَى عَدُوًّا . فَقَالَ : انْصَرِفْ أَوِ انْصَرِفَا ، حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُحْدِثُ اللَّهُ فِيهِنَّ . فَنَزَلَتْ آيَةُ " nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ " الْآيَةِ . وَرُوِيَ أَنَّهُ
لَمَّا نَزَلَتْ هَاتِهِ الْآيَةُ أَرْسَلَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى وَلِيِّ الْبِنْتَيْنِ فَقَالَ : لَا تُفَرِّقُ مِنْ مَالِ أَبِيهِمَا شَيْئًا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَهُنَّ نَصِيبًا .
[ ص: 250 ] وَالنَّصِيبُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ بَيَانٌ لِ " مَا تَرَكَ " لِقَصْدِ تَعْمِيمِ مَا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَتَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْمَالِ ، حَتَّى لَا يَسْتَأْثِرَ بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ ، وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعْطِي أَبْنَاءَهُ مِنْ مَالِهِ عَلَى قَدْرِ مَيْلِهِ كَمَا أَوْصَى
نِزَارُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ لِأَبْنَائِهِ :
مُضَرَ ، وَرَبِيعَةَ ، وَإِيَادٍ ، وَأَنْمَارٍ ، فَجَعَلَ
لِمُضَرَ الْحَمْرَاءَ كُلَّهَا ، وَجَعَلَ
لِرَبِيعَةَ الْفَرَسَ ، وَجَعَلَ
لِإِيَادٍ الْخَادِمَ ، وَجَعَلَ
لِأَنْمَارٍ الْحِمَارَ ، وَوَكَلَهُمْ فِي إِلْحَاقِ بَقِيَّةِ مَالِهِ بِهَاتِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ إِلَى
الْأَفْعَى الْجُرْهُمَيِّ فِي
نَجْرَانَ ، فَانْصَرَفُوا إِلَيْهِ ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ ، وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الْمَثَلَ : " إِنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَيَّةِ " .
وَقَوْلُهُ " نَصِيبًا مَفْرُوضًا " حَالٌ مِنْ " نَصِيبٌ " فِي قَوْلِهِ لِلرِّجَالِ " نَصِيبٌ " " وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ " وَحَيْثُ أُرِيدَ بِنَصِيبٍ الْجِنْسُ جَاءَ الْحَالُ مِنْهُ مُفْرَدًا وَلَمْ يُرَاعَ تَعَدُّدُهُ ، فَلَمْ يَقُلْ : نَصِيبَيْنِ مَفْرُوضَيْنِ ، عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَذْكُورِ نَصِيبَيْنِ ، وَلَا قِيلَ : أَنْصَابٌ مَفْرُوضَةٌ ، عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَذْكُورِ مُوَزَّعًا لِلرِّجَالِ وَلِلنِّسَاءِ ، بَلْ وَرُوعِيَ الْجِنْسُ فَجِيءَ بِالْحَالِ مُفْرَدًا وَ " مَفْرُوضًا " وَصْفٌ . وَمَعْنَى كَوْنِهِ مَفْرُوضًا أَنَّهُ مُعَيَّنُ الْمِقْدَارِ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ . وَهَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذِهِ الْآيَةِ تَشْرِيعُ الْمَوَارِيثِ .