ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن عطف النهي عن العضل على النهي عن إرث النساء كرها لمناسبة التماثل في الإكراه وفي أن متعلقه سوء معاملة المرأة ، وفي أن . العضل لأجل أخذ مال منهن
: منع ولي المرأة إياها أن تتزوج ، وقد تقدم الكلام عليه عند قوله تعالى : فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن . في سورة البقرة . والعضل
وإن كان النهي عنه في قوله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها . هو المعنى المتبادر من فعل " ترثوا " ، وهو أخذ مال المرأة كرها عليها ، فعطف ( ولا تعضلوهن ) إما خاص على عام ، إن أريد خصوص منع الأزواج نساءهم من الطلاق مع الكراهية ، رغبة في بقاء المرأة عنده حتى تموت فيرث منها مالها ، أو عطف مباين إن أريد النهي عن ، وأيا ما كان فإطلاق العضل على هذا الإمساك مجاز باعتبار المشابهة لأنها كالتي لا زوج لها ولم تتمكن من التزوج . منعها من الطلاق حتى يلجئها إلى الافتداء منه ببعض ما آتاها
وإن كان المنهي عنه في قوله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء . المعنى المجازي لـ ( ترثوا ) وهو كون المرأة ميراثا ، وهو ما كان يفعله أهل الجاهلية في معاملة أزواج أقاربهم وهو الأظهر - فعطف ( ولا تعضلوهن ) عطف حكم آخر من أحوال المعاملة ، وهو النهي عن أن يعضل الولي المرأة من أن تتزوج لتبقى عنده فإذا ماتت ورثها ، [ ص: 285 ] ويتعين على هذا الاحتمال أن يكون ضمير الجمع في قوله : لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن . راجعا إلى من يتوقع منه ذلك من المؤمنين وهم الأزواج خاصة ، وهذا ليس بعزيز أن يطلق ضمير صالح للجمع ويراد منه بعض ذلك الجمع بالقرينة . كقوله : ولا تقتلوا أنفسكم أي لا يقتل بعضكم أخاه ، إذ قد يعرف أن أحدا لا يقتل نفسه ، وكذلك : فسلموا على أنفسكم . أي يسلم الداخل على الجالس . فالمعنى : ليذهب بعضكم ببعض ما آتاهن بعضكم ، كأن يريد الولي أن يذهب في ميراثه ببعض مال مولاته الذي ورثته من أمها أو قريبها أو من زوجها ، فيكون في الضمير توزيع . وإطلاق العضل على هذا المعنى حقيقة . والذهاب في قوله : لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن . مجاز في الأخذ ، كقوله : ذهب الله بنورهم ، أي أزاله .