nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28845_28975إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا .
الاستثناء من الأمر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فخذوهم واقتلوهم أي : إلا الذين آمنوا ولم يهاجروا . أو إلا الذين ارتدوا على أدبارهم إلى
مكة بعد أن هاجروا ، وهؤلاء يصلون إلى قوم ممن عاهدوكم ، فلا تتعرضوا لهم بالقتل ، لئلا تنقضوا عهودكم المنعقدة مع قومهم .
[ ص: 153 ] ومعنى يصلون ينتسبون ، مثل معنى اتصل في قول أحد
بني نبهان : ألا بلغا خلتي راشدا وصنوي قديما إذا ما اتصل
أي انتسب ، ويحتمل أن يكون بمعنى التحق ، أي إلا الذين يلتحقون بقوم بينكم وبينهم ميثاق ، فيدخلون في عهدهم . فعلى الاحتمال الأول هم من المعاهدين أصالة . وعلى الاحتمال الثاني هم كالمعاهدين لأن معاهد المعاهد كالمعاهد . والمراد بـ الذين يصلون قوم غير معينين ، بل كل من اتصل بقوم لهم عهد مع المسلمين ، ولذلك قال
مجاهد : هؤلاء من القوم الذين نزل فيهم فما لكم في المنافقين فئتين .
وأما قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق فالمراد به القبائل التي كان لهم عهد مع المسلمين . قال
مجاهد : لما نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فما لكم في المنافقين فئتين الآية خاف أولئك الذين نزلت فيهم ، فذهبوا ببضائعهم إلى
هلال بن عويمر الأسلمي ، وكان قد حالف النبيء - صلى الله عليه وسلم - على : أن لا يعينه ولا يعين عليه ، وأن من لجأ إلى
هلال من قومه وغيرهم فله من الجوار مثل ما له .
وقيل : أريد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق
خزاعة ، وقيل :
بنو بكر بن زيد مناءة كانوا في صلح وهدنة مع المسلمين ، ولم يكونوا آمنوا يومئذ . وقيل : هم
بنو مدلج إذ كان
سراقة بن مالك المدلجي قد عقد عهدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقومه
بني مدلج بعد يوم بدر ، على أن لا يعينوا على رسول الله ، وأنهم إن أسلمت
قريش أسلموا وإن لم تسلم
قريش فهم لا يسلمون ، لئلا تخشن قلوب
قريش عليهم . والأولى أن جميع هذه القبائل مشمول للآية .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم إلخ : أو جاءوا إلى
المدينة مهاجرين ولكنهم شرطوا أن لا يقاتلوا مع المؤمنين قومهم فاقبلوا منهم ذلك . وكان هذا رخصة لهم أول الإسلام ، إذ كان المسلمون قد هادنوا قبائل من العرب تألفا لهم ، ولمن دخل في عهدهم ، فلما قوي الإسلام صار
nindex.php?page=treesubj&link=7918الجهاد مع المؤمنين واجبا على كل من يدخل في الإسلام ، أما المسلمون الأولون من
المهاجرين والأنصار ومن أسلموا ولم يشترطوا هذا الشرط فلا تشملهم الرخصة ، وهم الذين قاتلوا مشركي
مكة وغيرها .
وقرأ الجمهور " حصرت " بصيغة فعل المضي المقترن بتاء تأنيث الفعل وقرأه
يعقوب ( حصرة ) بصيغة الصفة وبهاء تأنيث الوصف في آخره منصوبة منونة - .
[ ص: 154 ] و " حصرت " بمعنى ضاقت وحرجت .
و " أن يقاتلوكم " مجرور بحذف عن ، أي ضاقت عن قتالكم ، لأجل أنهم مؤمنون لا يرضون قتال إخوانهم ، وعن قتال قومهم لأنهم من نسب واحد ، فعظم عليهم قتالهم . وقد دل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90حصرت صدورهم على أن ذلك عن صدق منهم .
وأريد بهؤلاء
بنو مدلج : عاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وقد عذرهم الله بذلك إذ صدقوا ، وبين الله تعالى للمؤمنين فائدة هذا التسخير الذي سخر لهم من قوم قد كانوا أعداء لهم فصاروا سلما يودونهم ، ولكنهم يأبون قتال قومهم فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم ، ولذلك أمر المؤمنين بكف أيديهم عن هؤلاء إن اعتزلوهم ولم يقاتلوهم ، وهو معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فما جعل الله لكم عليهم سبيلا أي إذنا بعد أن أمر المؤمنين بقتال غيرهم حيث وجدوهم .
والسبيل هنا مستعار لوسيلة المؤاخذة ، ولذلك جاء في خبره بحرف الاستعلاء دون حرف الغاية ، وسيأتي الكلام عليه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل في سورة براءة .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28845_28975إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا .
الْاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ أَيْ : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا . أَوْ إِلَّا الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ إِلَى
مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ هَاجَرُوا ، وَهَؤُلَاءِ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ مِمَّنْ عَاهَدُوكُمْ ، فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُمْ بِالْقَتْلِ ، لِئَلَّا تَنْقُضُوا عُهُودَكُمُ الْمُنْعَقِدَةَ مَعَ قَوْمِهِمْ .
[ ص: 153 ] وَمَعْنَى يَصِلُونَ يَنْتَسِبُونَ ، مِثْلُ مَعْنَى اتَّصَلَ فِي قَوْلِ أَحَدِ
بَنِي نَبْهَانَ : أَلَا بَلِّغَا خُلَّتِي رَاشِدًا وَصِنْوِي قَدِيمًا إِذَا مَا اتَّصَلَ
أَيِ انْتَسَبَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْتَحَقَ ، أَيْ إِلَّا الَّذِينَ يَلْتَحِقُونَ بِقَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ، فَيَدْخُلُونَ فِي عَهْدِهِمْ . فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ هُمْ مِنَ الْمُعَاهَدِينَ أَصَالَةً . وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي هُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ لِأَنَّ مُعَاهَدَ الْمُعَاهَدِ كَالْمُعَاهَدِ . وَالْمُرَادُ بِـ الَّذِينَ يَصِلُونَ قَوْمٌ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ ، بَلْ كُلُّ مَنِ اتَّصَلَ بِقَوْمٍ لَهُمْ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
مُجَاهِدٌ : هَؤُلَاءِ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَالْمُرَادُ بِهِ الْقَبَائِلُ الَّتِي كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : لَمَّا نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=88فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ الْآيَةَ خَافَ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ ، فَذَهَبُوا بِبَضَائِعِهِمْ إِلَى
هِلَالِ بْنِ عُوَيْمِرِ الْأَسْلَمِيِّ ، وَكَانَ قَدْ حَالَفَ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى : أَنْ لَا يُعِينَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّ مَنْ لَجَأَ إِلَى
هِلَالٍ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ فَلَهُ مِنَ الْجِوَارِ مِثْلُ مَا لَهُ .
وَقِيلَ : أُرِيدَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ
خُزَاعَةُ ، وَقِيلَ :
بَنُو بَكْرِ بْنِ زَيْدِ مَنَاءَةٍ كَانُوا فِي صُلْحٍ وَهُدْنَةٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَمْ يَكُونُوا آمَنُوا يَوْمَئِذٍ . وَقِيلَ : هُمْ
بَنُو مُدْلِجٍ إِذْ كَانَ
سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ قَدْ عَقَدَ عَهْدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْمِهِ
بَنِي مُدْلِجٍ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ ، عَلَى أَنْ لَا يُعِينُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمَتْ
قُرَيْشٌ أَسْلَمُوا وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ
قُرَيْشٌ فَهُمْ لَا يُسْلِمُونَ ، لِئَلَّا تَخْشُنَ قُلُوبُ
قُرَيْشٍ عَلَيْهِمْ . وَالْأَوْلَى أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْقَبَائِلِ مَشْمُولٌ لِلْآيَةِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ إِلَخْ : أَوْ جَاءُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ وَلَكِنَّهُمْ شَرَطُوا أَنْ لَا يُقَاتِلُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمَهُمْ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ ذَلِكَ . وَكَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُمْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ، إِذْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ هَادَنُوا قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ تَأَلُّفًا لَهُمْ ، وَلِمَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِهِمْ ، فَلَمَّا قَوِيَ الْإِسْلَامُ صَارَ
nindex.php?page=treesubj&link=7918الْجِهَادُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَنْ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا هَذَا الشَّرْطَ فَلَا تَشْمَلُهُمُ الرُّخْصَةُ ، وَهُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مُشْرِكِي
مَكَّةَ وَغَيْرِهَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " حَصِرَتْ " بِصِيغَةِ فِعْلِ الْمُضِيِّ الْمُقْتَرِنِ بِتَاءِ تَأْنِيثِ الْفِعْلِ وَقَرَأَهُ
يَعْقُوبُ ( حَصِرَةً ) بِصِيغَةِ الصِّفَةِ وَبَهَاءِ تَأْنِيثِ الْوَصْفِ فِي آخِرِهِ مَنْصُوبَةً مُنَوَّنَةً - .
[ ص: 154 ] وَ " حَصِرَتْ " بِمَعْنَى ضَاقَتْ وَحَرِجَتْ .
وَ " أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ " مَجْرُورٌ بِحَذْفِ عَنْ ، أَيْ ضَاقَتْ عَنْ قِتَالِكُمْ ، لِأَجْلِ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ لَا يَرْضَوْنَ قِتَالَ إِخْوَانِهِمْ ، وَعَنْ قِتَالِ قَوْمِهِمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ نَسَبٍ وَاحِدٍ ، فَعَظُمَ عَلَيْهِمْ قِتَالُهُمْ . وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَنْ صِدْقٍ مِنْهُمْ .
وَأُرِيدَ بِهَؤُلَاءِ
بَنُو مُدْلِجٍ : عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ عَذَرَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ إِذْ صَدَقُوا ، وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فَائِدَةَ هَذَا التَّسْخِيرِ الَّذِي سَخَّرَ لَهُمْ مِنْ قَوْمٍ قَدْ كَانُوا أَعْدَاءً لَهُمْ فَصَارُوا سِلْمًا يَوَدُّونَهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ قِتَالَ قَوْمِهِمْ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِكَفِّ أَيْدِيهِمْ عَنْ هَؤُلَاءِ إِنِ اعْتَزَلُوهُمْ وَلَمْ يُقَاتِلُوهُمْ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا أَيْ إِذْنًا بَعْدَ أَنْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ غَيْرِهِمْ حَيْثُ وَجَدُوهُمْ .
وَالسَّبِيلُ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِوَسِيلَةِ الْمُؤَاخَذَةِ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي خَبَرِهِ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ دُونَ حَرْفِ الْغَايَةِ ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ .