nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131nindex.php?page=treesubj&link=28975_29687ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا .
جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولله ما في السماوات وما في الأرض معترضة بين الجمل التي قبلها المتضمنة التحريض على التقوى والإحسان وإصلاح الأعمال من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وإن تحسنوا وتتقوا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وإن تصلحوا وتتقوا وبين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولقد وصينا الآية .
فهذه الجملة تضمنت تذييلات لتلك الجمل السابقة ، وهي مع ذلك تمهيد لما سيذكر بعدها من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب إلخ لأنها دليل لوجوب
nindex.php?page=treesubj&link=19863تقوى الله .
والمناسبة بين هذه الجملة والتي سبقتها : وهي جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يغن الله كلا من سعته أن الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على أن يغني كل أحد من سعته . وهذا تمجيد لله تعالى ، وتذكير بأنه رب العالمين ، وكناية عن عظيم سلطانه واستحقاقه للتقوى .
[ ص: 220 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به .
وجعل الأمر بالتقوى وصية : لأن الوصية قول فيه أمر بشيء نافع جامع لخير كثير ، فلذلك كان الشأن في الوصية إيجاز القول لأنها يقصد منها وعي السامع ، واستحضاره كلمة الوصية في سائر أحواله .
nindex.php?page=treesubj&link=19867والتقوى تجمع الخيرات ، لأنها امتثال الأوامر واجتناب المناهي ، ولذلك قالوا : ما تكرر لفظ في القرآن ما تكرر لفظ التقوى ، يعنون غير الأعلام ، كاسم الجلالة .
وفي الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341157وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا يا رسول الله : كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة .
فذكر التقوى في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131أن اتقوا الله إلخ تفسير لجملة وصينا ، فأن فيه تفسيرية . والإخبار بأن الله أوصى الذين أوتوا الكتاب من قبل بالتقوى مقصود منه إلهاب همم المسلمين للتهمم بتقوى الله لئلا تفضلهم الأمم الذين من قبلهم من أهل الكتاب ، فإن للائتساء أثرا بالغا في النفوس ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم .
والمراد بالذين أوتوا الكتاب
اليهود والنصارى ، فالتعريف في الكتاب تعريف الجنس فيصدق بالمتعدد .
والتقوى المأمور بها هنا منظور فيها إلى أساسها وهو الإيمان بالله ورسله ولذلك قوبلت بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض .
وبين بها عدم حاجته تعالى إلى تقوى الناس ، ولكنها لصلاح أنفسهم ، كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر .
فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131فإن لله ما في السماوات وما في الأرض كناية عن عدم التضرر بعصيان من يعصونه ، ولذلك جعلها جوابا للشرط ، إذ التقدير فإنه غني عنكم . وتأيد ذلك القصد بتذييلها بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وكان الله غنيا حميدا أي غنيا عن طاعتكم ، محمودا لذاته ، سواء حمده الحامدون وأطاعوه ، أم كفروا وعصوه .
وقد ظهر بهذا أن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وإن تكفروا معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131أن اتقوا الله فهي من تمام الوصية ، أي من مقول القول المعبر عنه بـ " وصينا " ، فيحسن الوقف على قوله " حميدا .
[ ص: 221 ] وأما جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا فهي عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131ولقد وصينا ، أتى بها تمهيدا لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إن يشأ يذهبكم فهي مراد بها معناها الكنائي الذي هو التمكن من التصرف بالإيجاد والإعدام ، ولذلك لا يحسن الوقف على قوله " وكيلا " .
فقد تكررت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132ولله ما في السماوات وما في الأرض هنا ثلاث مرات متتاليات متحدة لفظا ومعنى أصليا ، ومختلفة الأغراض الكنائية المقصودة منها ، وسبقتها جملة نظيرتهن : وهي ما تقدم من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ، فحصل تكرارها أربع مرات في كلام متناسق .
فأما الأولى السابقة فهي واقعة موقع التعليل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ولقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ، والتذييل لهما ، والاحتراس لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125واتخذ الله إبراهيم خليلا ، كما ذكرناه آنفا .
وأما الثانية التي بعدها فواقعة موقع التعليل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يغن الله كلا من سعته .
وأما الثالثة التي تليها فهي علة للجواب المحذوف ، وهو جواب قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وإن تكفروا ; فالتقدير : وإن تكفروا فإن الله غني عن تقواكم وإيمانكم فإن له ما في السماوات وما في الأرض ، وكان ولا يزال غنيا حميدا .
وأما الرابعة التي تليها فعاطفة على مقدر معطوف على جواب الشرط تقديره : وإن تكفروا بالله وبرسوله فإن الله وكيل عليكم ووكيل عن رسوله وكفى بالله وكيلا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إن يشأ يذهبكم واقعة موقع التفريع عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131غنيا حميدا . والخطاب بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133أيها الناس للناس كلهم الذين يسمعون الخطاب تنبيها لهم بهذا النداء . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133ويأت بآخرين يوجد ناسا آخرين يكونون خيرا منكم في تلقي الدين .
وقد علم من مقابلة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133أيها الناس بقوله " آخرين " أن المعنى بناس آخرين غير كافرين ، على ما هو الشائع في الوصف بكلمة آخر أو أخرى ، بعد ذكر مقابل للموصوف ، أن يكون الموصوف بكلمة آخر بعضا من جنس ما عطف هو عليه باعتبار ما جعله المتكلم جنسا في كلامه ، بالتصريح أو التقدير .
وقد ذهب بعض علماء اللغة إلى لزوم ذلك ، واحتفل بهذه المسألة
الحريري في درة الغواص . وحاصلها : أن
nindex.php?page=showalam&ids=13676الأخفش الصغير ، والحريري ، والرضي ، وابن يسعون ، والصقلي ، وأبا حيان ، ذهبوا إلى اشتراط اتحاد جنس الموصوف بكلمة آخر ، وما تصرف منها ، مع جنس ما عطف هو
[ ص: 222 ] عليه .
فلا يجوز عندهم أن تقول : ركبت فرسا وحمارا آخر ، ومثلوا لما استكمل الشرط بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184أياما معدودات ثم قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فعدة من أيام أخر وبقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أفرأيتم اللات والعزى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20ومناة الثالثة الأخرى فوصف مناة بالأخرى لأنها من جنس اللات والعزى في أنها صنم ، قالوا : ومثل كلمة آخر في هذا كلمات : سائر ، وبقية ، وبعض ، فلا تقول : أكرمت رجلا وتركت سائر النساء . .
ولقد غلا بعض هؤلاء النحاة فاشترطوا الاتحاد بين الموصوف بآخر وبين ما عطف هو عليه حتى في الإفراد وضده .
قاله
ابن يسعون والصقلي ، ورده
ابن هشام في التذكرة محتجا بقول
ربيعة بن مكدم :
ولقد شفعتهما بآخر ثالث وأبى الفرار لي الغداة تكرمي
وبقول
أبي حية النميري :
وكنت أمشي على رجلين معتدلا فصرت أمشي على أخرى من الشجر
.
وقال قوم بلزوم الاتحاد في التذكير وضده ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني ، وخالفهم
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ، واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد بقول
عنترة :
والخيل تقتحم الغبار عوابسا من بين شيظمة وآخر شيظم
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية إلى عدم اشتراط اتحاد الموصوف بآخر مع ما عطف هو عليه ، ولذلك جوزا في هذه الآية أن يكون المعنى : ويأت بخلق آخرين غير الإنس .
واتفقوا على أنه لا يجوز أن يوصف بكلمة آخر موصوف لم يتقدمه ذكر مقابل له أصلا ، فلا تقول : جاءني آخر ، من غير أن تتكلم بشيء قبل ، لأن معنى آخر معنى مغاير في الذات مجانس في الوصف . وأما قول
كثير :
صلى على عزة الرحمن وابنتها لبنى وصلى على جاراتها الأخر
فمحمول على أنه جعل ابنتها جارة ، أو أنه أراد : صلى على حبائبي : عزة وابنتها وجاراتها حبائبي الأخر .
وقال
أبو الحسن لا يجوز ذلك إلا في الشعر ، ولم يأت عليه بشاهد .
[ ص: 223 ] قال
أبو الحسن : وقد يجوز ما امتنع من ذلك بتأويل ، نحو : رأيت فرسا وحمارا آخر بتأويل أنه دابة . وقول
امرئ القيس :
إذا قلت هذا صاحبي ورضيته وقرت به العينان بدلت آخرا
قلت : وقد يجعل بيت كثير من هذا ، ويكون الاعتماد على القرينة .
وقد عد في هذا القبيل قول العرب : تربت يمين الآخر ، وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341583قال الأعرابي للنبيء - صلى الله عليه وسلم - إن الآخر وقع على أهله في رمضان كناية عن نفسه ، وكأنه من قبيل التجريد ، أي جرد من نفسه شخصا تنزيها لنفسه من أن يتحدث عنها بما ذكره .
وفي حديث
الأسلمي في الموطأ : أنه قال
لأبي بكر إن الآخر قد زنى ، وبعض أهل الحديث يضبطونه بالقصر وكسر الخاء ، وصوبه المحققون .
وفي الآية إشارة إلى أن الله سيخلف من المشركين قوما آخرين مؤمنين ، فإن الله أهلك بعض المشركين على شركه بعد نزول هذه الآية ، ولم يشأ إهلاك جميعهم . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341584لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131nindex.php?page=treesubj&link=28975_29687وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا .
جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمَلِ الَّتِي قَبْلَهَا الْمُتَضَمِّنَةِ التَّحْرِيضِ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِحْسَانِ وَإِصْلَاحِ الْأَعْمَالِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا وَبَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الْآيَةَ .
فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَضَمَّنَتْ تَذْيِيلَاتٍ لِتِلْكَ الْجُمَلِ السَّابِقَةِ ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَمْهِيدٌ لِمَا سَيُذْكَرُ بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَخْ لِأَنَّهَا دَلِيلٌ لِوُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=19863تَقْوَى اللَّهِ .
وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَالَّتِي سَبَقَتْهَا : وَهِيَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ أَنَّ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُغْنِيَ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ سَعَتِهِ . وَهَذَا تَمْجِيدٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَتَذْكِيرٌ بِأَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَكِنَايَةٌ عَنْ عَظِيمِ سُلْطَانِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلتَّقْوَى .
[ ص: 220 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ .
وَجُعِلَ الْأَمْرُ بِالتَّقْوَى وَصِيَّةً : لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَوْلٌ فِيهِ أَمْرٌ بِشَيْءٍ نَافِعٍ جَامِعٍ لِخَيْرٍ كَثِيرٍ ، فَلِذَلِكَ كَانَ الشَّأْنُ فِي الْوَصِيَّةِ إِيجَازَ الْقَوْلِ لِأَنَّهَا يُقْصَدُ مِنْهَا وَعْيُ السَّامِعِ ، وَاسْتِحْضَارُهُ كَلِمَةَ الْوَصِيَّةِ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19867وَالتَّقْوَى تَجْمَعُ الْخَيْرَاتِ ، لِأَنَّهَا امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ الْمَنَاهِي ، وَلِذَلِكَ قَالُوا : مَا تَكَرَّرَ لَفْظٌ فِي الْقُرْآنِ مَا تَكَرَّرَ لَفْظُ التَّقْوَى ، يَعْنُونَ غَيْرَ الْأَعْلَامِ ، كَاسْمِ الْجَلَالَةِ .
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=143الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341157وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا ، قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ .
فَذِكْرُ التَّقْوَى فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ إِلَخْ تَفْسِيرٌ لِجُمْلَةِ وَصَّيْنَا ، فَأَنْ فِيهِ تَفْسِيرِيَّةٌ . وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّ اللَّهَ أَوْصَى الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ بِالتَّقْوَى مَقْصُودٌ مِنْهُ إِلْهَابُ هِمَمِ الْمُسْلِمِينَ لِلتَّهَمُّمِ بِتَقْوَى اللَّهِ لِئَلَّا تَفْضُلَهُمُ الْأُمَمُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَإِنَّ لِلِائْتِسَاءِ أَثَرًا بَالِغًا فِي النُّفُوسِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ .
وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، فَالتَّعْرِيفُ فِي الْكِتَابِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ .
وَالتَّقْوَى الْمَأْمُورُ بِهَا هَنَا مَنْظُورٌ فِيهَا إِلَى أَسَاسِهَا وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلِذَلِكَ قُوبِلَتْ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .
وَبَيَّنَ بِهَا عَدَمَ حَاجَتِهِ تَعَالَى إِلَى تَقْوَى النَّاسِ ، وَلَكِنَّهَا لِصَلَاحِ أَنْفُسِهِمْ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ .
فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ التَّضَرُّرِ بِعِصْيَانِ مَنْ يَعْصُونَهُ ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا جَوَابًا لِلشَّرْطِ ، إِذِ التَّقْدِيرُ فَإِنَّهُ غَنِيٌّ عَنْكُمْ . وَتَأَيَّدَ ذَلِكَ الْقَصْدُ بِتَذْيِيلِهَا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا أَيْ غَنِيًّا عَنْ طَاعَتِكُمْ ، مَحْمُودًا لِذَاتِهِ ، سَوَاءٌ حَمِدَهُ الْحَامِدُونَ وَأَطَاعُوهُ ، أَمْ كَفَرُوا وَعَصَوْهُ .
وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَإِنْ تَكْفُرُوا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ فَهِيَ مِنْ تَمَامِ الْوَصِيَّةِ ، أَيْ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِـ " وَصَّيْنَا " ، فَيَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ " حَمِيدًا .
[ ص: 221 ] وَأَمَّا جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا فَهِيَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ، أَتَى بِهَا تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ فَهِيَ مُرَادٌ بِهَا مَعْنَاهَا الْكِنَائِيُّ الَّذِي هُوَ التَّمَكُّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِالْإِيجَادِ وَالْإِعْدَامِ ، وَلِذَلِكَ لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ " وَكِيلًا " .
فَقَدْ تَكَرَّرَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=132وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ هُنَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَتَالِيَاتٍ مُتَّحِدَةً لَفْظًا وَمَعْنًى أَصْلِيًّا ، وَمُخْتَلِفَةَ الْأَغْرَاضِ الْكِنَائِيَّةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا ، وَسَبَقَتْهَا جُمْلَةٌ نَظِيرَتُهُنَّ : وَهِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ، فَحَصَلَ تَكْرَارُهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي كَلَامٍ مُتَنَاسِقٍ .
فَأَمَّا الْأُولَى السَّابِقَةُ فَهِيَ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، وَلِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ، وَالتَّذْيِيلِ لَهُمَا ، وَالِاحْتِرَاسِ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا .
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَوَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ .
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ الَّتِي تَلِيهَا فَهِيَ عِلَّةٌ لِلْجَوَابِ الْمَحْذُوفِ ، وَهُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131وَإِنْ تَكْفُرُوا ; فَالتَّقْدِيرُ : وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ تَقْوَاكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فَإِنَّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، وَكَانَ وَلَا يَزَالُ غَنِيًّا حَمِيدًا .
وَأَمَّا الرَّابِعَةُ الَّتِي تَلِيهَا فَعَاطِفَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ تَقْدِيرُهُ : وَإِنْ تَكْفُرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ فَإِنَّ اللَّهَ وَكَيْلٌ عَلَيْكُمْ وَوَكِيلٌ عَنْ رَسُولِهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّفْرِيعِ عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=131غَنِيًّا حَمِيدًا . وَالْخِطَابُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133أَيُّهَا النَّاسُ لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْخِطَابَ تَنْبِيهًا لَهُمْ بِهَذَا النِّدَاءِ . وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133وَيَأْتِ بِآخَرِينَ يُوجِدُ نَاسًا آخَرِينَ يَكُونُونَ خَيْرًا مِنْكُمْ فِي تَلَقِّي الدِّينِ .
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=133أَيُّهَا النَّاسُ بِقَوْلِهِ " آخَرِينَ " أَنَّ الْمَعْنَى بِنَاسٍ آخَرِينَ غَيْرِ كَافِرِينَ ، عَلَى مَا هُوَ الشَّائِعُ فِي الْوَصْفِ بِكَلِمَةِ آخَرَ أَوْ أُخْرَى ، بَعْدَ ذِكْرِ مُقَابِلٍ لِلْمَوْصُوفِ ، أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِكَلِمَةِ آخَرَ بَعْضًا مِنْ جِنْسِ مَا عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَا جَعَلَهُ الْمُتَكَلِّمُ جِنْسًا فِي كَلَامِهِ ، بِالتَّصْرِيحِ أَوِ التَّقْدِيرِ .
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ إِلَى لُزُومِ ذَلِكَ ، وَاحْتَفَلَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ . وَحَاصِلُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13676الْأَخْفَشَ الصَّغِيرَ ، وَالْحَرِيرِيَّ ، وَالرَّضِيَّ ، وَابْنَ يَسْعُونَ ، وَالصِّقِلِّيَّ ، وَأَبَا حَيَّانَ ، ذَهَبُوا إِلَى اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ جِنْسِ الْمَوْصُوفِ بِكَلِمَةِ آخَرَ ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا ، مَعَ جِنْسِ مَا عُطِفَ هُوَ
[ ص: 222 ] عَلَيْهِ .
فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ تَقُولَ : رَكِبْتُ فَرَسًا وَحِمَارًا آخَرَ ، وَمَثَّلُوا لِمَا اسْتَكْمَلَ الشَّرْطَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَبِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=19أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى فَوَصَفَ مَنَاةَ بِالْأُخْرَى لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى فِي أَنَّهَا صَنَمٌ ، قَالُوا : وَمِثْلُ كَلِمَةِ آخَرَ فِي هَذَا كَلِمَاتُ : سَائِرٍ ، وَبَقِيَّةٍ ، وَبَعْضٍ ، فَلَا تَقُولُ : أَكْرَمْتُ رَجُلًا وَتَرَكْتُ سَائِرَ النِّسَاءِ . .
وَلَقَدْ غَلَا بَعْضُ هَؤُلَاءِ النُّحَاةِ فَاشْتَرَطُوا الِاتِّحَادَ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ بِآخَرَ وَبَيْنَ مَا عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى فِي الْإِفْرَادِ وَضِدِّهِ .
قَالَهُ
ابْنُ يَسْعُونَ وَالصِّقِلِّيُّ ، وَرَدَّهُ
ابْنُ هِشَامٍ فِي التَّذْكِرَةِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ
رَبِيعَةَ بْنِ مُكَدَّمٍ :
وَلَقَدْ شَفَعْتُهُمَا بِآخَرَ ثَالِثٍ وَأَبَى الْفِرَارَ لِيَ الْغَدَاةَ تَكَرُّمِي
وَبِقَوْلِ
أَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ :
وَكُنْتُ أَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ مُعْتَدِلًا فَصِرْتُ أَمْشِي عَلَى أُخْرَى مِنَ الشَّجَرِ
.
وَقَالَ قَوْمٌ بِلُزُومِ الِاتِّحَادِ فِي التَّذْكِيرِ وَضِدِّهِ ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي ، وَخَالَفَهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ ، وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ بِقَوْلِ
عَنْتَرَةَ :
وَالْخَيْلُ تَقْتَحِمُ الْغُبَارَ عَوَابِسًا مِنْ بَيْنِ شَيْظَمَةٍ وَآخَرَ شَيْظَمِ
وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمَوْصُوفِ بِآخَرَ مَعَ مَا عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ ، وَلِذَلِكَ جَوَّزَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَيَأْتِ بِخَلْقٍ آخَرِينَ غَيْرِ الْإِنْسِ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِكَلِمَةِ آخَرَ مَوْصُوفٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ ذِكْرُ مُقَابِلٍ لَهُ أَصْلًا ، فَلَا تَقُولُ : جَاءَنِي آخَرُ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ قَبْلُ ، لِأَنَّ مَعْنَى آخَرَ مَعْنًى مُغَايِرٌ فِي الذَّاتِ مُجَانِسٌ فِي الْوَصْفِ . وَأَمَّا قَوْلُ
كُثَيِّرٍ :
صَلَّى عَلَى عَزَّةَ الرَّحْمَنُ وَابْنَتِهَا لُبْنَى وَصَلَّى عَلَى جَارَاتِهَا الْأُخَرِ
فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَتَهَا جَارَةً ، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ : صَلَّى عَلَى حَبَائِبِي : عَزَّةَ وَابْنَتِهَا وَجَارَاتِهَا حَبَائِبِي الْأُخَرِ .
وَقَالَ
أَبُو الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، وَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ .
[ ص: 223 ] قَالَ
أَبُو الْحَسَنِ : وَقَدْ يَجُوزُ مَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِتَأْوِيلٍ ، نَحْوِ : رَأَيْتُ فَرَسًا وَحِمَارًا آخَرَ بِتَأْوِيلِ أَنَّهُ دَابَّةٌ . وَقَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
إِذَا قُلْتُ هَذَا صَاحِبِي وَرَضِيتُهُ وَقَرَّتْ بِهِ الْعَيْنَانِ بُدِّلْتُ آخَرَا
قُلْتُ : وَقَدْ يُجْعَلَ بَيْتُ كُثَيِّرٍ مِنْ هَذَا ، وَيَكُونُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقَرِينَةِ .
وَقَدْ عُدَّ فِي هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ الْعَرَبِ : تَرِبَتْ يَمِينُ الْآخَرِ ، وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341583قَالَ الْأَعْرَابِيُّ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ الْآخَرَ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ كِنَايَةً عَنْ نَفْسِهِ ، وَكَأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّجْرِيدِ ، أَيْ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا تَنْزِيهًا لِنَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَهُ .
وَفِي حَدِيثِ
الْأَسْلَمِيِّ فِي الْمُوَطَّأِ : أَنَّهُ قَالَ
لِأَبِي بَكْرٍ إِنَّ الْآخَرَ قَدْ زَنَى ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَضْبُطُونَهُ بِالْقَصْرِ وَكَسْرِ الْخَاءِ ، وَصَوَّبَهُ الْمُحَقِّقُونَ .
وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ سَيُخْلِفُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَوْمًا آخَرِينَ مُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى شِرْكِهِ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَمْ يَشَأْ إِهْلَاكَ جَمِيعِهِمْ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341584لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُهُ .