nindex.php?page=treesubj&link=28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون .
[ ص: 218 ] عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور انتقالا إلى أحوال
النصارى لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ولبيان نوع آخر من أنواع
nindex.php?page=treesubj&link=31931_32424_32423إعراض اليهود عن الأحكام التي كتبها الله عليهم ، فبعد أن ذكر نوعين راجعين إلى تحريفهم أحكام التوراة : أحدهما ما حرفوه وترددوا فيه بعد أن حرفوه فشكوا في آخر الأمر والتجئوا إلى تحكيم الرسول; وثانيهما ما حرفوه وأعرضوا عن حكمه ولم يتحرجوا منه وهو إبطال أحكام القصاص .
وهذا نوع ثالث وهو إعراضهم عن حكم الله بالكلية ، وذلك بتكذيبهم لما جاء به
عيسى عليه السلام .
والتقفية مصدر قفاه إذا جعله يقفوه ، أي يأتي بعده . وفعله المجرد " قفا " بتخفيف الفاء ومعنى قفاه سار نحو قفاه ، والقفا الظهر ، أي سار وراءه . فالتقفية الإتباع مشتقة من القفا ، ونظيره : توجه مشتق من الوجه ، وتعقب من العقب .
وفعل " قفا " المشدد مضاعف " قفا " المخفف ، والأصل في التضعيف أن يفيد تعدية الفعل إلى مفعول لم يكن متعديا إليه ، فإذا جعل تضعيف " قفينا " هنا معديا للفعل اقتضى مفعولين : أولهما الذي كان مفعولا قبل التضعيف ، وثانيهما الذي عدي إليه الفعل ، وذلك على طريقة باب كسا ; فيكون حق التركيب : وقفيناهم
عيسى ابن مريم . ويكون إدخال الباء في
بعيسى للتأكيد ، مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم ، وإذا جعل التضعيف لغير التعدية بل لمجرد تكرير وقوع الفعل ، مثل جولت وطوفت كان حق التركيب : وقفيناهم
بعيسى ابن مريم . وعلى الوجه الثاني جرى كلام الكشاف فجعل باء
بعيسى للتعدية . وعلى كلا الوجهين يكون مفعول " قفينا " محذوفا يدل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46على آثارهم لأن فيه ضمير المفعول المحذوف ، هذا تحقيق كلامه وسلمه أصحاب حواشيه .
وقوله : على آثارهم تأكيد لمدلول فعل " قفينا " وإفادة سرعة التقفية .
[ ص: 219 ] وضمير " آثارهم " للنبيئين والربانيين والأحبار . وقد أرسل
عيسى على عقب
زكريا كافل أمه
مريم ووالد
يحيى . ويجوز أن يكون معنى على آثارهم على طريقتهم وهديهم . والمصدق : المخبر بتصديق مخبر ، وأريد به هنا المؤيد المقرر للتوراة .
وجعلها بين يديه لأنها تقدمته ، والمتقدم يقال : هو بين يدي من تقدم . و " من التوراة " بيان " لما " . وتقدم الكلام على معنى التوراة والإنجيل في أول سورة آل عمران .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46فيه هدى ونور حال . وتقدم معنى الهدى والنور .
" ومصدقا " حال أيضا من الإنجيل فلا تكرير بينها وبين قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46بعيسى ابن مريم مصدقا لاختلاف صاحب الحال ولاختلاف كيفية التصديق ; فتصديق
عيسى التوراة أمره بإحياء أحكامها ، وهو تصديق حقيقي; وتصديق الإنجيل التوراة اشتماله على ما وافق أحكامها فهو تصديق مجازي . وهذا التصديق لا ينافي أنه نسخ بعض أحكام التوراة كما حكى الله عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=50ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ، لأن الفعل المثبت لا عموم له .
والموعظة : الكلام الذي يلين القلب ويزجر عن فعل المنهيات .
وجملة " وليحكم " معطوفة على " آتيناه " . وقرأ الجمهور " وليحكم " بسكون اللام وبجزم الفعل على أن اللام لام الأمر . ولا شك أن هذا الأمر سابق على مجيء الإسلام ، فهو مما أمر الله به الذين أرسل إليهم
عيسى من
اليهود والنصارى ، فعلم أن في الجملة قولا مقدرا هو المعطوف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وآتيناه الإنجيل أي وآتيناه الإنجيل الموصوف بتلك الصفات العظيمة ، وقلنا : ليحكم أهل الإنجيل ، فيتم التمهيد لقوله بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47ومن لم يحكم بما أنزل الله ، فقرائن تقدير القول متظافرة من أمور عدة .
وقرأ
حمزة بكسر لام " ليحكم " ونصب الميم على أن اللام لام كي للتعليل ، فجملة " ليحكم " على هذه القراءة معطوفة على قوله : فيه هدى إلخ ، الذي هو حال ، عطفت العلة على الحال عطفا ذكريا لا يشرك في الحكم لأن التصريح
[ ص: 220 ] بلام التعليل قرينة على عدم استقامة تشريك الحكم بالعطف فيكون عطفه كعطف الجمل المختلفة المعنى . وصاحب الكشاف قدر في هذه القراءة فعلا محذوفا بعد الواو ، أي وآتيناه الإنجيل ، دل عليه قوله قبله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وآتيناه الإنجيل ، وهو تقدير معنى وليس تقدير نظم الكلام .
والمراد بالفاسقين : الكافرون ، إذ الفسق يطلق على الكفر ، فتكون على نحو ما في الآية الأولى . ويحتمل أن المراد به الخروج عن أحكام شرعهم سواء كانوا كافرين به أم كانوا معتقدين ولكنهم يخالفونه فيكون ذما
للنصارى في التهاون بأحكام كتابهم أضعف من ذم
اليهود .
nindex.php?page=treesubj&link=28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
[ ص: 218 ] عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ انْتِقَالًا إِلَى أَحْوَالِ
النَّصَارَى لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَلِبَيَانِ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ أَنْوَاعِ
nindex.php?page=treesubj&link=31931_32424_32423إِعْرَاضِ الْيَهُودِ عَنِ الْأَحْكَامِ الَّتِي كَتَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ نَوْعَيْنِ رَاجِعَيْنِ إِلَى تَحْرِيفِهِمْ أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ : أَحَدُهُمَا مَا حَرَّفُوهُ وَتَرَدَّدُوا فِيهِ بَعْدَ أَنْ حَرَّفُوهُ فَشَكُّوا فِي آخِرِ الْأَمْرِ وَالْتَجَئُوا إِلَى تَحْكِيمِ الرَّسُولِ; وَثَانِيهِمَا مَا حَرَّفُوهُ وَأَعْرَضُوا عَنْ حُكْمِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّجُوا مِنْهُ وَهُوَ إِبْطَالُ أَحْكَامِ الْقِصَاصِ .
وَهَذَا نَوْعٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إِعْرَاضُهُمْ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَذَلِكَ بِتَكْذِيبِهِمْ لِمَا جَاءَ بِهِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَالتَّقْفِيَةُ مَصْدَرُ قَفَّاهُ إِذَا جَعَلَهُ يَقْفُوهُ ، أَيْ يَأْتِي بَعْدَهُ . وَفِعْلُهُ الْمُجَرَّدُ " قَفَا " بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَمَعْنَى قَفَاهُ سَارَ نَحْوَ قَفَاهُ ، وَالْقَفَا الظَّهْرُ ، أَيْ سَارَ وَرَاءَهُ . فَالتَّقْفِيَةُ الْإِتْبَاعُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْقَفَا ، وَنَظِيرُهُ : تَوَجَّهَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوَجْهِ ، وَتَعَقَّبَ مِنَ الْعَقِبِ .
وَفِعْلُ " قَفَّا " الْمُشَدَّدُ مُضَاعَفُ " قَفَا " الْمُخَفَّفِ ، وَالْأَصْلُ فِي التَّضْعِيفِ أَنْ يُفِيدَ تَعْدِيَةَ الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولٍ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا إِلَيْهِ ، فَإِذَا جُعِلَ تَضْعِيفُ " قَفَّيْنَا " هُنَا مُعَدِّيًا لِلْفِعْلِ اقْتَضَى مَفْعُولَيْنِ : أَوَّلُهُمَا الَّذِي كَانَ مَفْعُولًا قَبْلَ التَّضْعِيفِ ، وَثَانِيهِمَا الَّذِي عُدِّيَ إِلَيْهِ الْفِعْلُ ، وَذَلِكَ عَلَى طَرِيقَةِ بَابِ كَسَا ; فَيَكُونُ حَقُّ التَّرْكِيبِ : وَقَفَّيْنَاهُمْ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ . وَيَكُونُ إِدْخَالُ الْبَاءِ فِي
بِعِيسَى لِلتَّأْكِيدِ ، مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ، وَإِذَا جُعِلَ التَّضْعِيفُ لِغَيْرِ التَّعْدِيَةِ بَلْ لِمُجَرَّدِ تَكْرِيرِ وُقُوعِ الْفِعْلِ ، مِثْلَ جَوَّلْتُ وَطَوَّفْتُ كَانَ حَقُّ التَّرْكِيبِ : وَقَفَّيْنَاهُمْ
بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ . وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي جَرَى كَلَامُ الْكَشَّافِ فَجَعَلَ بَاءَ
بِعِيسَى لِلتَّعْدِيَةِ . وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ مَفْعُولُ " قَفَّيْنَا " مَحْذُوفًا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46عَلَى آثَارِهِمْ لِأَنَّ فِيهِ ضَمِيرَ الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ ، هَذَا تَحْقِيقُ كَلَامِهِ وَسَلَّمَهُ أَصْحَابُ حَوَاشِيهِ .
وَقَوْلُهُ : عَلَى آثَارِهِمْ تَأْكِيدٌ لِمَدْلُولِ فِعْلِ " قَفَّيْنَا " وَإِفَادَةُ سُرْعَةِ التَّقْفِيَةِ .
[ ص: 219 ] وَضَمِيرُ " آثَارِهِمْ " لِلنَّبِيئِينَ وَالرَّبَّانِيِّينَ وَالْأَحْبَارِ . وَقَدْ أُرْسِلَ
عِيسَى عَلَى عَقِبِ
زَكَرِيَّا كَافِلِ أُمِّهِ
مَرْيَمَ وَوَالِدِ
يَحْيَى . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى عَلَى آثَارِهِمْ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ . وَالْمُصَدِّقُ : الْمُخْبِرُ بِتَصْدِيقِ مُخْبِرٍ ، وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا الْمُؤَيِّدُ الْمُقَرِّرُ لِلتَّوْرَاةِ .
وَجَعَلَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهَا تَقَدَّمَتْهُ ، وَالْمُتَقَدِّمُ يُقَالُ : هُوَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ تَقَدَّمَ . وَ " مِنَ التَّوْرَاةِ " بَيَانٌ " لِمَا " . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46فِيهِ هُدًى وَنُورٌ حَالٌ . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْهُدَى وَالنُّورِ .
" وَمُصَدِّقًا " حَالٌ أَيْضًا مِنَ الْإِنْجِيلِ فَلَا تَكْرِيرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِاخْتِلَافِ صَاحِبِ الْحَالِ وَلِاخْتِلَافِ كَيْفِيَّةِ التَّصْدِيقِ ; فَتَصْدِيقُ
عِيسَى التَّوْرَاةَ أَمْرُهُ بِإِحْيَاءِ أَحْكَامِهَا ، وَهُوَ تَصْدِيقٌ حَقِيقِيٌّ; وَتَصْدِيقُ الْإِنْجِيلِ التَّوْرَاةَ اشْتِمَالُهُ عَلَى مَا وَافَقَ أَحْكَامَهَا فَهُوَ تَصْدِيقٌ مَجَازِيٌّ . وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ نَسَخَ بَعْضَ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=50وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُثْبَتَ لَا عُمُومَ لَهُ .
وَالْمَوْعِظَةُ : الْكَلَامُ الَّذِي يُلَيِّنُ الْقَلْبَ وَيَزْجُرُ عَنْ فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ .
وَجُمْلَةُ " وَلْيَحْكُمْ " مَعْطُوفَةٌ عَلَى " آتَيْنَاهُ " . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " وَلْيَحْكُمْ " بِسُكُونِ اللَّامِ وَبِجَزْمِ الْفِعْلِ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لَامُ الْأَمْرِ . وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ سَابِقٌ عَلَى مَجِيءِ الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الَّذِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ
عِيسَى مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَعُلِمَ أَنَّ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلًا مُقَدَّرًا هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ أَيْ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ الْمَوْصُوفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الْعَظِيمَةِ ، وَقُلْنَا : لِيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ ، فَيَتِمُّ التَّمْهِيدُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=47وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، فَقَرَائِنُ تَقْدِيرِ الْقَوْلِ مُتَظَافِرَةٌ مِنْ أُمُورٍ عِدَّةٍ .
وَقَرَأَ
حَمْزَةُ بِكَسْرِ لَامِ " لِيَحْكُمَ " وَنَصْبِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ لِلتَّعْلِيلِ ، فَجُمْلَةُ " لِيَحْكُمَ " عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ : فِيهِ هُدًى إِلَخْ ، الَّذِي هُوَ حَالٌ ، عُطِفَتِ الْعِلَّةُ عَلَى الْحَالِ عَطْفًا ذِكْرِيًّا لَا يُشَرِّكُ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ
[ ص: 220 ] بِلَامِ التَّعْلِيلِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ اسْتِقَامَةِ تَشْرِيكِ الْحُكْمِ بِالْعَطْفِ فَيَكُونُ عَطْفُهُ كَعَطْفِ الْجُمَلِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَعْنَى . وَصَاحِبُ الْكَشَّافِ قَدَّرَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فِعْلًا مَحْذُوفًا بَعْدَ الْوَاوِ ، أَيْ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=46وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ ، وَهُوَ تَقْدِيرُ مَعْنًى وَلَيْسَ تَقْدِيرَ نَظْمِ الْكَلَامِ .
وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِينَ : الْكَافِرُونَ ، إِذِ الْفِسْقُ يُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ ، فَتَكُونُ عَلَى نَحْوِ مَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى . وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُرُوجُ عَنْ أَحْكَامِ شَرْعِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا كَافِرِينَ بِهِ أَمْ كَانُوا مُعْتَقِدِينَ وَلَكِنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُ فَيَكُونُ ذَمًّا
لِلنَّصَارَى فِي التَّهَاوُنِ بِأَحْكَامِ كِتَابِهِمْ أَضْعَفَ مِنْ ذَمِّ
الْيَهُودِ .