وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين .
يجوز أن يكون عطفا على قوله لعادوا لما نهوا عنه فيكون جواب لو ، أي [ ص: 187 ] لو ردوا لكذبوا بالقرآن أيضا ، ولكذبوا بالبعث كما كانوا مدة الحياة الأولى . ويجوز أن تكون الجملة عطفت على جملة يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ، ويكون ما بين الجملتين اعتراضا يتعلق بالتكذيب للقرآن .
وقوله إن هي ( إن ) نافية للجنس ، والضمير بعدها مبهم يفسره ما بعد الاستثناء المفرغ . قصد من إبهامه الإيجاز اعتمادا على مفسره ، والضمير لما كان مفسرا بنكرة فهو في حكم النكرة ، وليس هو ضمير قصة وشأن ، لأنه لا يستقيم معه معنى الاستثناء ، والمعنى إن الحياة لنا إلا حياتنا الدنيا ، أي انحصر جنس حياتنا في حياتنا الدنيا فلا حياة لنا غيرها فبطلت حياة بعد الموت ، فالاسم الواقع بعد ( إلا ) في حكم البدل من الضمير .
وجملة وما نحن بمبعوثين نفي للبعث ، وهو يستلزم تأكيد نفي الحياة غير حياة الدنيا ، لأن البعث لا يكون إلا مع حياة . وإنما عطفت ولم تفصل فتكون مؤكدة للجملة قبلها ، لأن قصدهم إبطال قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنهم يحيون حياة ثانية ، وقوله تارة إنهم مبعوثون بعد الموت ، فقصدوا إبطال كل باستقلاله .