[ ص: 209 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=22714_28783_30549وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون .
عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم الآيات ، وهذا عود إلى ما جاء في أول السورة من ذكر إعراضهم عن آيات الله بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين . ثم ذكر ما تفننوا به من المعاذير من قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لولا أنزل عليه ملك وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها أي وقالوا : لولا أنزل عليه آية ، أي على وفق مقترحهم ، وقد اقترحوا آيات مختلفة في مجادلات عديدة . ولذلك أجملها الله تعالى هنا اعتمادا على علمها عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه .
فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه وقع عطفها معترضا بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=36والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلخ . وفي الإتيان بفعل النزول ما يدل على أن الآية المسئولة من قبيل ما يأتي من السماء ، مثل قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لولا أنزل عليه ملك وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه وشبه ذلك .
وجرد نزل من علامة التأنيث لأن المؤنث الذي تأنيثه لفظي بحت يجوز تجريد فعله من علامة التأنيث ; فإذا وقع بين الفعل ومرفوعه فاصل اجتمع مسوغان لتجريد الفعل من علامة التأنيث ، فإن الفصل بوحده مسوغ لتجريد الفعل من العلامة . وقد صرح في الكشاف بأن تجريد الفعل عن علامة التأنيث حينئذ حسن .
و ( لولا ) حرف تحضيض بمعنى ( هلا ) . والتحضيض هنا لقطع الخصم وتعجيزه ، كما تقدم في قوله تعالى آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك .
وتقدم الكلام على اشتقاق آية عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39والذين كفروا وكذبوا بآياتنا في سورة البقرة .
[ ص: 210 ] وفصل فعل ( قل ) فلم يعطف لأنه وقع موقع المحاورة فجاء على طريقة الفصل التي بيناها في مواضع كثيرة ، أولها : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في سورة البقرة .
وأمر الله رسوله أن يجيبهم بما يعلم منه أن الله لو شاء لأنزل آية على وفق مقترحهم تقوم عليهم بها الحجة في تصديق الرسول ، ولكن الله لم يرد ذلك لحكمة يعلمها ; فعبر عن هذا المعنى بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37إن الله قادر على أن ينزل آية وهم لا ينكرون أن الله قادر ، ولذلك سألوا الآية ، ولكنهم يزعمون أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يثبت صدقه إلا إذا أيده الله بآية على وفق مقترحهم . فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37إن الله قادر على أن ينزل آية مستعمل في معناه الكنائي ، وهو انتفاء أن يريد الله تعالى إجابة مقترحهم ، لأنه لما أرسل رسوله بآيات بينات حصل المقصود من إقامة الحجة على الذين كفروا ، فلو شاء لزادهم من الآيات لأنه قادر .
ففي هذه الطريقة من الجواب إثبات للرد بالدليل ، وبهذا يظهر موقع الاستدراك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37ولكن أكثرهم لا يعلمون فإنه راجع إلى المدلول الالتزامي ، أي ولكن أكثر المعاندين لا يعلمون أن ذلك لو شاء الله لفعله ، ويحسبون أن عدم الإجابة إلى مقترحهم بدل على عدم صدق الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك من ظلمة عقولهم ، فلقد جاءهم من الآيات ما فيه مزدجر .
فيكون المعنى الذي أفاده هذا الرد غير المعنى الذي أفاده قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون فإن ذلك نبهوا فيه على أن عدم إجابتهم فيه فائدة لهم وهو استبقاؤهم ، وهذا نبهوا فيه على سوء نظرهم في استدلالهم .
وبيان ذلك أن الله تعالى نصب الآيات دلائل مناسبة للغرض المستدل عليه كما يقول المنطقيون : إن المقدمات والنتيجة تدل عقلا على المطلوب المستدل عليه ، وإن النتيجة هي عين المطلوب في الواقع وإن كانت غيره في الاعتبار ; فلذلك نجد
nindex.php?page=treesubj&link=33679القرآن يذكر الحجج على عظيم قدرة الله على خلق الأمور العظيمة ، كإخراج الحي من الميت وإخراج
[ ص: 211 ] الميت من الحي في سياق الاستدلال على وقوع البعث والحشر . ويسمي تلك الحجج آياتا كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ، وكما سيجيء في أول سورة الرعد
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها . وذكر في خلال ذلك تفصيل الآيات إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=5وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد . وكذلك ذكر الدلائل على وحدانية الله باستقلاله بالخلق ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=105وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست إلخ ، وكقوله في الاستدلال على انفراده بأنواع الهداية ،
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون . ولما كان نزول القرآن على الرسول عليه الصلاة والسلام حجة على صدقه في إخباره أنه منزل من عند الله لما اشتمل عليه من العلوم وتفاصيل المواعظ وأحوال الأنبياء والأمم وشرع الأحكام مع كون الذي جاء به معلوم الأمية بينهم قد قضى شبابه بين ظهرانيهم ، جعله آية على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام فيما أخبر به عن الله تعالى ، فسماه آيات في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا فلم يشأ الله أن يجعل الدلائل على الأشياء من غير ما يناسبها .
أما الجهلة والضالون فهم يرومون آيات من عجائب التصاريف الخارقة لنظام العالم يريدون أن تكون علامة بينهم وبين الله على حسب اقتراحهم بأن يجيبهم إليها إشارة منه إلى أنه صدق الرسول فيما بلغ عنه ، فهذا ليس من قبيل الاستدلال ولكنه من قبيل المخاطرة ليزعموا أن عدم إجابتهم لما اقترحوه علامة على أن الله لم يصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دعوى الرسالة . ومن أين لهم أن الله يرضى بالنزول معهم إلى هذا المجال ، ولذلك قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ، أي لا يعلمون ما وجه الارتباط بين دلالة الآية ومدلولها . ولذلك قال في الرد عليهم في سورة الرعد
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=7يقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر فهم جعلوا إيمانهم موقوفا على أن تنزل آية من السماء . وهم يعنون أن تنزيل آية من السماء جملة واحدة . فقد قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة وقالوا
[ ص: 212 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه . فرد الله عليهم بقوله إنما أنت منذر ، أي لا علاقة بين الإنذار وبين اشتراط كون الإنذار في كتاب ينزل من السماء ، لأن الإنذار حاصل بكونه إنذارا مفصلا بليغا دالا على أن المنذر به ما اخترعه من تلقاء نفسه ؛ ولذلك رد عليهم بما يبين هذا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=50وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ، أي فما فائدة كونه ينزل في قرطاس من السماء مع أن المضمون واحد .
وقال في رد قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا . نعم إن الله قد يقيم آيات من هذا القبيل من تلقاء اختياره بدون اقتراح عليه ، وهو ما يسمى بالمعجزة مثل ما سمى بعض ذلك بالآيات في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12في تسع آيات إلى فرعون وقومه ، فذلك أمر أنف من عند الله لم يقترحه عليه أحد . وقد أعطى نبينا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - من ذلك كثيرا في غير مقام اقتراح من المعرضين ، مثل
nindex.php?page=treesubj&link=31013انشقاق القمر ،
nindex.php?page=treesubj&link=25038ونبع الماء من بين أصابعه ،
nindex.php?page=treesubj&link=31026وتكثير الطعام القليل ، ونبع الماء من الأرض بسهم رشقه في الأرض . هذا هو البيان الذي وعدت به عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك في هذه السورة .
ومن المفسرين من جعل معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37ولكن أكثرهم لا يعلمون أنهم لا يعلمون أن إنزال الآية على وفق مقترحهم يعقبها الاستئصال إن لم يؤمنوا ، وهم لعنادهم لا يؤمنون . إلا أن ما فسرتها به أولى لئلا يكون معناها إعادة لمعنى الآية التي سبقتها ، وبه يندفع التوقف في وجه مطابقة الجواب لمقتضى السؤال حسبما توقف فيه
التفتزاني في تقرير كلام الكشاف .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37ولكن أكثرهم لا يعلمون تنبيه على أن فيهم من يعلم ذلك ولكنه يكابر ويظهر أنه لا يتم عنده الاستدلال إلا على نحو ما اقترحوه .
وإعادة لفظ آية بالتنكير في قوله ( أن ينزل آية ) من إعادة النكرة نكرة وهي عين
[ ص: 213 ] الأولى . وهذا يبطل القاعدة المتداولة بين المعربين من أن اللفظ المنكر إذا أعيد في الكلام منكرا كان الثاني غير الأول . وقد ذكرها
ابن هشام في مغني اللبيب في الباب السادس ونقضها . ومما مثل به لإعادة النكرة نكرة وهي عين الأولى لا غيرها قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة . وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير في سورة النساء .
[ ص: 209 ] nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=22714_28783_30549وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ .
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ الْآيَاتِ ، وَهَذَا عَوْدٌ إِلَى مَا جَاءَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ ذِكْرِ إِعْرَاضِهِمْ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=4وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَفَنَّنُوا بِهِ مِنَ الْمَعَاذِيرِ مِنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا أَيْ وَقَالُوا : لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ ، أَيْ عَلَى وَفْقِ مُقْتَرَحِهِمْ ، وَقَدِ اقْتَرَحُوا آيَاتٍ مُخْتَلِفَةً فِي مُجَادَلَاتٍ عَدِيدَةٍ . وَلِذَلِكَ أَجْمَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى عِلْمِهَا عِنْدَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ .
فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ وَقَعَ عَطْفُهَا مُعْتَرِضًا بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=36وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَخْ . وَفِي الْإِتْيَانِ بِفِعْلِ النُّزُولِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْمَسْئُولَةَ مِنْ قَبِيلِ مَا يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ .
وَجَرَّدَ نُزِّلَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ الْمُؤَنَّثَ الَّذِي تَأْنِيثُهُ لَفْظِيٌّ بَحْتٌ يَجُوزُ تَجْرِيدُ فِعْلِهِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ ; فَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَرْفُوعِهِ فَاصِلٌ اجْتَمَعَ مُسَوِّغَانِ لِتَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ ، فَإِنَّ الْفَصْلَ بِوَحْدِهِ مُسَوِّغٌ لِتَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنَ الْعَلَامَةِ . وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَشَّافِ بِأَنَّ تَجْرِيدَ الْفِعْلِ عَنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ حِينَئِذٍ حَسَنٌ .
وَ ( لَوْلَا ) حَرْفُ تَحْضِيضٍ بِمَعْنَى ( هَلَّا ) . وَالتَّحْضِيضُ هُنَا لِقَطْعِ الْخَصْمِ وَتَعْجِيزِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ .
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اشْتِقَاقِ آيَةٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
[ ص: 210 ] وَفُصِلَ فِعْلُ ( قُلْ ) فَلَمْ يُعْطَفْ لِأَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ الْمُحَاوَرَةِ فَجَاءَ عَلَى طَرِيقَةِ الْفَصْلِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ ، أَوَّلُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يُجِيبَهُمْ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَأَنْزَلَ آيَةً عَلَى وَفْقِ مُقْتَرَحِهِمْ تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهَا الْحُجَّةُ فِي تَصْدِيقِ الرَّسُولِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا ; فَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ ، وَلِذَلِكَ سَأَلُوا الْآيَةَ ، وَلَكِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَثْبُتُ صِدْقُهُ إِلَّا إِذَا أَيَّدَهُ اللَّهُ بِآيَةٍ عَلَى وَفْقِ مُقْتَرَحِهِمْ . فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْكِنَائِيِّ ، وَهُوَ انْتِفَاءُ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ تَعَالَى إِجَابَةَ مُقْتَرَحِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِآيَاتٍ بَيِّنَاتٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَلَوْ شَاءَ لَزَادَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ .
فَفِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنَ الْجَوَابِ إِثْبَاتٌ لِلرَّدِّ بِالدَّلِيلِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَوْقِعُ الِاسْتِدْرَاكِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ ، أَيْ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُعَانِدِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَفَعَلَهُ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ إِلَى مُقْتَرَحِهِمْ بَدَلٌ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَذَلِكَ مِنْ ظُلْمَةِ عُقُولِهِمْ ، فَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ .
فَيَكُونُ الْمَعْنَى الَّذِي أَفَادَهُ هَذَا الرَّدُّ غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ فَإِنَّ ذَلِكَ نُبِّهُوا فِيهِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ إِجَابَتِهِمْ فِيهِ فَائِدَةٌ لَهُمْ وَهُوَ اسْتِبْقَاؤُهُمْ ، وَهَذَا نُبِّهُوا فِيهِ عَلَى سُوءِ نَظَرِهِمْ فِي اسْتِدْلَالِهِمْ .
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَبَ الْآيَاتِ دَلَائِلَ مُنَاسِبَةً لِلْغَرَضِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهِ كَمَا يَقُولُ الْمَنْطِقِيُّونَ : إِنَّ الْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّتِيجَةَ تَدُلُّ عَقْلًا عَلَى الْمَطْلُوبِ الْمُسْتَدَلِّ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ النَّتِيجَةَ هِيَ عَيْنُ الْمَطْلُوبِ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهُ فِي الِاعْتِبَارِ ; فَلِذَلِكَ نَجِدُ
nindex.php?page=treesubj&link=33679الْقُرْآنَ يَذْكُرُ الْحُجَجَ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ ، كَإِخْرَاجِ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ وَإِخْرَاجِ
[ ص: 211 ] الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ فِي سِيَاقِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى وُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْحَشْرِ . وَيُسَمِّي تِلْكَ الْحُجَجَ آيَاتًا كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ، وَكَمَا سَيَجِيءُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الرَّعْدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا . وَذَكَرَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ تَفْصِيلَ الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=5وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ . وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الدَّلَائِلِ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ بِاسْتِقْلَالِهِ بِالْخَلْقِ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=101وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=102ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=105وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ إِلَخْ ، وَكَقَوْلِهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْفِرَادِهِ بِأَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . وَلَمَّا كَانَ نُزُولُ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حُجَّةً عَلَى صِدْقِهِ فِي إِخْبَارِهِ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُلُومِ وَتَفَاصِيلِ الْمَوَاعِظِ وَأَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ وَشَرْعِ الْأَحْكَامِ مَعَ كَوْنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مَعْلُومَ الْأُمِّيَّةِ بَيْنَهُمْ قَدْ قَضَى شَبَابَهُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ ، جَعَلَهُ آيَةً عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَسَمَّاهُ آيَاتٍ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا فَلَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ الدَّلَائِلَ عَلَى الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ مَا يُنَاسِبُهَا .
أَمَّا الْجَهَلَةُ وَالضَّالُّونَ فَهُمْ يَرُومُونَ آيَاتٍ مِنْ عَجَائِبِ التَّصَارِيفِ الْخَارِقَةِ لِنِظَامِ الْعَالَمِ يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ عَلَامَةً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَى حَسَبِ اقْتِرَاحِهِمْ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَيْهَا إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ صَدَقَ الرَّسُولُ فِيمَا بَلَّغَ عَنْهُ ، فَهَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ وَلَكِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُخَاطَرَةِ لِيَزْعُمُوا أَنَّ عَدَمُ إِجَابَتِهِمْ لِمَا اقْتَرَحُوهُ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُصَدِّقِ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَعْوَى الرِّسَالَةِ . وَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَرْضَى بِالنُّزُولِ مَعَهُمْ إِلَى هَذَا الْمَجَالِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، أَيْ لَا يَعْلَمُونَ مَا وَجْهُ الِارْتِبَاطِ بَيْنَ دَلَالَةِ الْآيَةِ وَمَدْلُولِهَا . وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=7يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ فَهُمْ جَعَلُوا إِيمَانَهُمْ مَوْقُوفًا عَلَى أَنْ تُنَزَّلَ آيَةٌ مِنَ السَّمَاءِ . وَهُمْ يَعْنُونَ أَنَّ تَنْزِيلَ آيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ جُمْلَةً وَاحِدَةً . فَقَدْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَقَالُوا
[ ص: 212 ] nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ . فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ ، أَيْ لَا عَلَاقَةَ بَيْنَ الْإِنْذَارِ وَبَيْنَ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِنْذَارِ فِي كِتَابٍ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، لِأَنَّ الْإِنْذَارَ حَاصِلٌ بِكَوْنِهِ إِنْذَارًا مُفَصَّلًا بَلِيغًا دَالًّا عَلَى أَنَّ الْمُنْذِرَ بِهِ مَا اخْتَرَعَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ؛ وَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يُبَيِّنُ هَذَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=48وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذَنْ لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=50وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أَوَلَمْ يَكْفِهِمُ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ، أَيْ فَمَا فَائِدَةُ كَوْنِهِ يَنْزِلُ فِي قِرْطَاسٍ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَضْمُونَ وَاحِدٌ .
وَقَالَ فِي رَدِّ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا . نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ يُقِيمُ آيَاتٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْ تِلْقَاءِ اخْتِيَارِهِ بِدُونِ اقْتِرَاحٍ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْمُعْجِزَةِ مِثْلَ مَا سَمَّى بَعْضَ ذَلِكَ بِالْآيَاتِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، فَذَلِكَ أَمْرٌ أُنُفٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ يَقْتَرِحْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ . وَقَدْ أَعْطَى نَبِيَّنَا
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي غَيْرِ مَقَامِ اقْتِرَاحٍ مِنَ الْمُعْرِضِينَ ، مِثْلَ
nindex.php?page=treesubj&link=31013انْشِقَاقِ الْقَمَرِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=25038وَنَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31026وَتَكْثِيرِ الطَّعَامِ الْقَلِيلِ ، وَنَبْعِ الْمَاءِ مِنَ الْأَرْضِ بِسَهْمٍ رَشَقَهُ فِي الْأَرْضِ . هَذَا هُوَ الْبَيَانُ الَّذِي وَعَدَتْ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ جَعَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ إِنْزَالَ الْآيَةِ عَلَى وَفْقِ مُقْتَرَحِهِمْ يَعْقُبُهَا الِاسْتِئْصَالُ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ، وَهُمْ لِعِنَادِهِمْ لَا يُؤْمِنُونَ . إِلَّا أَنَّ مَا فَسَّرْتُهَا بِهِ أَوْلَى لِئَلَّا يَكُونَ مَعْنَاهَا إِعَادَةً لِمَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي سَبَقَتْهَا ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّوَقُّفُ فِي وَجْهِ مُطَابَقَةِ الْجَوَابِ لِمُقْتَضَى السُّؤَالِ حَسْبَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ
التَّفْتَزَانِيُّ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْكَشَّافِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=37وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يُكَابِرُ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ عِنْدَهُ الِاسْتِدْلَالُ إِلَّا عَلَى نَحْوِ مَا اقْتَرَحُوهُ .
وَإِعَادَةُ لَفْظِ آيَةٍ بِالتَّنْكِيرِ فِي قَوْلِهِ ( أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ) مِنْ إِعَادَةِ النَّكِرَةِ نَكِرَةً وَهِيَ عَيْنُ
[ ص: 213 ] الْأُولَى . وَهَذَا يُبْطِلُ الْقَاعِدَةَ الْمُتَدَاوَلَةَ بَيْنَ الْمُعَرَّبِينَ مِنْ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُنَكَّرَ إِذَا أُعِيدَ فِي الْكَلَامِ مُنَكَّرًا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ . وَقَدْ ذَكَرَهَا
ابْنُ هِشَامٍ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَنَقَضَهَا . وَمِمَّا مَثَّلَ بِهِ لِإِعَادَةِ النَّكِرَةِ نَكِرَةً وَهِيَ عَيْنُ الْأُولَى لَا غَيْرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .