[ ص: 62 ] وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون
عطف على جملة ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا إلى آخرها ؛ لأن هذا تمثيل لحال هدي القرآن بالصراط المستقيم الذي لا يجهد متبعه ، فهذا ضد لحال التمثيل في قوله : كأنما يصعد في السماء وتمثيل الإسلام بالصراط المستقيم يتضمن تمثيل المسلم بالسالك صراطا مستقيما ، فيفيد توضيحا لقوله : يشرح صدره للإسلام وعطفت هذه الجملة مع أنها بمنزلة بيان الجملة التي قبلها لتكون بالعطف مقصودة بالإخبار ، وهو إقبال على النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب .
والإشارة بـ ( هذا ) إلى حاضر في الذهن وهو دين الإسلام ، والمناسبة قوله : يشرح صدره للإسلام والصراط حقيقته الطريق ، وهو هنا مستعار للعمل الموصل إلى رضى الله تعالى . وإضافته إلى الرب لتعظيم شأن المضاف ، فيعلم أنه خير صراط ، وإضافة الرب إلى ضمير الرسول تشريف للمضاف إليه ، وترضية للرسول صلى الله عليه وسلم بما في هذا السنن من بقاء بعض الناس غير متبعين دينه .
والمستقيم حقيقته السالم من العوج ، وهو مستعار للصواب لسلامته من الخطأ ؛ أي : سنن الله الموافق للحكمة ، والذي لا يتخلف ولا يعطله شيء .
ويجوز أن تكون الإشارة إلى حاضر في الحس وهو القرآن ؛ لأنه مسموع كقوله : وهذا كتاب أنزلناه مبارك فيكون الصراط المستقيم مستعارا لما يبلغ إلى المقصود النافع ، كقوله : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله و ( مستقيما ) حال من ( صراط ) مؤكدة لمعنى إضافته إلى الله .
[ ص: 63 ] وجملة قد فصلنا الآيات استئناف وفذلكة لما تقدم ، والمراد بالآيات آيات القرآن ، ومن رشاقة لفظ الآيات هنا أن فيه تورية بآيات الطريق التي يهتدي بها السائر .
واللام في : لقوم يذكرون للعلة ؛ أي : فصلنا الآيات لأجلهم ؛ لأنهم الذين ينتفعون بتفصيلها .
والمراد بالقوم المسلمون ؛ لأنهم الذين أفادتهم الآيات وتذكروا بها .