فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين
تفريع على الكلام السابق الذي أبطل تحريم ما حرموه ، ابتداء من قوله : ثمانية أزواج الآيات ، أي : فإن لم يرعووا بعد هذا البيان [ ص: 145 ] وكذبوك في نفي تحريم الله ما زعموا أنه حرمه فذكرهم ببأس الله لعلهم ينتهون عما زعموه ، وذكرهم برحمته الواسعة لعلهم يبادرون بطلب ما يخولهم رحمته من اتباع هدي الإسلام ، فيعود ضمير ( كذبوك ) إلى المشركين وهو المتبادر من سياق الكلام سابقه ولاحقه ، وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون في قوله : ( فقل ربكم ذو رحمة واسعة ) تنبيه لهم بأن تأخير العذاب عنهم هو إمهال داخل في رحمة الله رحمة مؤقتة ، لعلهم يسلمون ، وعليه يكون معنى فعل ( كذبوك ) الاستمرار ؛ أي : إن استمروا على التكذيب بعد هذه الحجج .
ويجوز أن يعود الضمير إلى ( الذين هادوا تكملة للاستطراد وهو قول مجاهد والسدي : أن اليهود قالوا لم يحرم الله علينا شيئا وإنما حرمنا ما حرم إسرائيل على نفسه ، فيكون معنى الآية فرض تكذيبهم قوله : وعلى الذين هادوا حرمنا إلخ ؛ لأن أقوالهم تخالف ذلك فهم بحيث يكذبون ما في هذه الآية ، ويشتبه عليهم الإمهال بالرضى ، فقيل لهم : ربكم ذو رحمة واسعة ومن رحمته إمهاله المجرمين في الدنيا غالبا .
وقوله : ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين فيه إيجاز بحذف تقديره وذو بأس ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين إذا أراده ، وهذا وعيد وتوقع وهو تذييل ؛ لأن قوله : عن القوم المجرمين يعمهم وغيرهم وهو يتضمن أنهم مجرمون .