nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28978والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون جملة معترضة بين جملة كذلك نخرج الموتى وبين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59لقد أرسلنا نوحا تتضمن تفصيلا لمضمون جملة فأخرجنا به من كل الثمرات إذ قد بين فيها اختلاف حال البلد الذي يصيبه ماء السحاب ، دعا إلى هذا التفصيل أنه لما مثل إخراج ثمرات الأرض بإخراج الموتى منها يوم البعث تذكيرا بذلك للمؤمنين ، وإبطالا لإحالة البعث عند المشركين ، مثل هنا باختلاف حال إخراج النبات من الأرض اختلاف حال الناس الأحياء في الانتفاع برحمة هدى الله ، فموقع قوله والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه كموقع قوله كذلك نخرج الموتى ولذلك ذيل هذا بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون كما ذيل ما قبله بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=57كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون .
والمعنى : كذلك نخرج الموتى وكذلك ينتفع برحمة الهدي من خلقت فطرته طيبة قابلة للهدى كالبلد الطيب ينتفع بالمطر ، ويحرم من الانتفاع بالهدى من خلقت فطرته خبيثة كالأرض الخبيثة لا تنتفع بالمطر فلا تنبت نباتا نافعا ، فالمقصود من هذه الآية التمثيل ، وليس المقصود مجرد تفصيل أحوال الأرض بعد نزول المطر ، لأن الغرض المسوق له الكلام
[ ص: 185 ] يجمع أمرين : العبرة بصنع الله ، والموعظة بما يماثل أحواله . فالمعنى : كما أن البلد الطيب يخرج نباته سريعا بهجا عند نزول المطر ، والبلد الخبيث لا يكاد ينبت فإن أنبت أخرج نبتا خبيثا لا خير فيه .
والطيب وصف على وزن فيعل وهي صيغة تدل على قوة الوصف في الموصوف مثل : قيم ، وهو المتصف بالطيب ، وقد تقدم تفسير الطيب عند قوله تعالى قل أحل لكم الطيبات في سورة المائدة ، وعند قوله يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا في سورة البقرة .
والبلد الطيب الأرض الموصوفة بالطيب ، وطيبها زكاء تربتها وملاءمتها لإخراج النبات الصالح وللزرع والغرس وهي الأرض النقية .
والذي خبث ضد الطيب .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58بإذن ربه في موضع الحال من نباته . والإذن : الأمر ، والمراد به أمر العناية به كقوله لما خلقت بيدي ليدل على تشريف ذلك النبات ، فهو في معنى الوصف بالزكاء ، والمعنى : البلد الطيب يخرج نباته طيبا زكيا مثله ، وقد أشار إلى طيب نباته بأن خروجه بإذن ربه ، فأريد بهذا الإذن إذن خاص هو إذن عناية وتكريم ، وليس المراد إذن التقدير والتكوين فإن ذلك إذن معروف لا يتعلق الغرض ببيانه في مثل هذا المقام .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والذي خبث حمله جميع المفسرين على أنه وصف للبلد ، أي البلد الذي خبث وهو مقابل البلد الطيب ، وفسروه بالأرض التي لا تنبت إلا نباتا لا ينفع ، ولا يسرع إنباتها ، مثل السباخ ، وحملوا ضمير يخرج على أنه عائد للنبات ، وجعلوا تقدير الكلام : والذي خبث لا يخرج نباته إلا نكدا ، فحذف المضاف في التقدير ، وهو نبات ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهو ضمير البلد الذي خبث ، المستتر في فعل يخرج .
[ ص: 186 ] والذي يظهر لي : أن يكون " الذي " صادقا على نبات الأرض ، والمعنى : والنبت الذي خبث لا يخرج إلا نكدا ، ويكون في الكلام احتباك إذ لم يذكر وصف الطيب بعد نبات البلد الطيب ، ولم تذكر الأرض الخبيثة قبل ذكر النبات الخبيث ، لدلالة كلا الضدين على الآخر . والتقدير : والبلد الطيب يخرج نباته طيبا بإذن ربه ، والنبات الذي خبث يخرج نكدا من البلد الخبيث ، وهذا صنع دقيق لا يهمل في الكلام البليغ .
وقرأ الجميع لا يخرج بفتح التحتية وضم الراء إلا
ابن وردان عن
أبي جعفر قرأ بضم التحتية وكسر الراء على خلاف المشهور عنه ، وقيل إن نسبة هذا
لابن وردان توهم .
والنكد وصف من النكد بفتح الكاف وهو مصدر نكد الشيء إذا كان غير صالح يجر على مستعمله شرا . وقرأ
أبو جعفر إلا نكدا ، بفتح الكاف .
وفي تفصيل معنى الآية جاء الحديث الصحيح عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341803مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع بها الله الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع لذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به .
والإشارة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58كذلك نصرف الآيات إلى تفنن الاستدلال بالدلائل الدالة على عظيم القدرة المقتضية الوحدانية ، والدالة أيضا على وقوع البعث بعد الموت ، والدالة على
nindex.php?page=treesubj&link=32103_18467_18470_27962_32095اختلاف قابلية الناس للهدى والانتفاع به بالاستدلال الواضح البين المقرب في جميع ذلك ، فذلك تصريف أي تنويع وتفنين للآيات
[ ص: 187 ] أي : الدلائل .
والمراد بالقوم الذين يشكرون : المؤمنون : تنبيها على أنهم مورد التمثيل بالبلد الطيب ، وأن غيرهم مورد التمثيل بالبلد الخبيث ، وهذا كقوله تعالى وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28978وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى وَبَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=59لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا تَتَضَمَّنُ تَفْصِيلًا لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِذْ قَدْ بَيَّنَ فِيهَا اخْتِلَافَ حَالِ الْبَلَدِ الَّذِي يُصِيبُهُ مَاءُ السَّحَابِ ، دَعَا إِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّهُ لَمَّا مُثِّلَ إِخْرَاجُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ بِإِخْرَاجِ الْمَوْتَى مِنْهَا يَوْمَ الْبَعْثِ تَذْكِيرًا بِذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَإِبْطَالًا لِإِحَالَةِ الْبَعْثِ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ ، مُثِّلَ هُنَا بِاخْتِلَافِ حَالِ إِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ اخْتِلَافُ حَالِ النَّاسِ الْأَحْيَاءِ فِي الِانْتِفَاعِ بِرَحْمَةِ هُدَى اللَّهِ ، فَمَوْقِعُ قَوْلِهِ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ كَمَوْقِعِ قَوْلِهِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى وَلِذَلِكَ ذُيِّلَ هَذَا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ كَمَا ذُيِّلَ مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=57كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ .
وَالْمَعْنَى : كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى وَكَذَلِكَ يَنْتَفِعُ بِرَحْمَةِ الْهَدْيِ مَنْ خُلِقَتْ فِطْرَتُهُ طَيِّبَةً قَابِلَةً لِلْهُدَى كَالْبَلَدِ الطَّيِّبِ يَنْتَفِعُ بِالْمَطَرِ ، وَيَحْرُمُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِالْهُدَى مَنْ خُلِقَتْ فِطْرَتُهُ خَبِيثَةً كَالْأَرْضِ الْخَبِيثَةِ لَا تَنْتَفِعُ بِالْمَطَرِ فَلَا تُنْبِتُ نَبَاتًا نَافِعًا ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ التَّمْثِيلُ ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ تَفْصِيلِ أَحْوَالِ الْأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ ، لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمَسُوقَ لَهُ الْكَلَامُ
[ ص: 185 ] يَجْمَعُ أَمْرَيْنِ : الْعِبْرَةَ بِصُنْعِ اللَّهِ ، وَالْمَوْعِظَةَ بِمَا يُمَاثِلُ أَحْوَالَهُ . فَالْمَعْنَى : كَمَا أَنَّ الْبَلَدَ الطَّيِّبَ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ سَرِيعًا بَهِجًا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ ، وَالْبَلَدَ الْخَبِيثَ لَا يَكَادُ يُنْبِتُ فَإِنْ أَنْبَتَ أَخْرَجَ نَبْتًا خَبِيثًا لَا خَيْرَ فِيهِ .
وَالطَّيِّبُ وَصْفٌ عَلَى وَزْنِ فَيْعِلٍ وَهِيَ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْوَصْفِ فِي الْمَوْصُوفِ مِثْلُ : قَيِّمٍ ، وَهُوَ الْمُتَّصِفُ بِالطَّيِّبِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّيِّبِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ الْأَرْضُ الْمَوْصُوفَةُ بِالطَّيِّبِ ، وَطِيبُهَا زَكَاءُ تُرْبَتِهَا وَمُلَاءَمَتُهَا لِإِخْرَاجِ النَّبَاتِ الصَّالِحِ وَلِلزَّرْعِ وَالْغَرْسِ وَهِيَ الْأَرْضُ النَّقِيَّةُ .
وَالَّذِي خَبُثَ ضِدَّ الطِّيبِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58بِإِذْنِ رَبِّهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ نَبَاتِهِ . وَالْإِذْنُ : الْأَمْرُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَمْرُ الْعِنَايَةِ بِهِ كَقَوْلِهِ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ لِيَدُلَّ عَلَى تَشْرِيفِ ذَلِكَ النَّبَاتِ ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الْوَصْفِ بِالزَّكَاءِ ، وَالْمَعْنَى : الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ طَيِّبًا زَكِيًّا مِثْلَهُ ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى طِيبِ نَبَاتِهِ بِأَنَّ خُرُوجَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ، فَأُرِيدُ بِهَذَا الْإِذْنِ إِذْنٌ خَاصٌّ هُوَ إِذْنُ عِنَايَةٍ وَتَكْرِيمٍ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِذْنَ التَّقْدِيرِ وَالتَّكْوِينِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِذْنٌ مَعْرُوفٌ لَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِبَيَانِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58وَالَّذِي خَبُثَ حَمَلَهُ جَمِيعُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ لِلْبَلَدِ ، أَيِ الْبَلَدُ الَّذِي خَبُثَ وَهُوَ مُقَابِلُ الْبَلَدِ الطَّيِّبِ ، وَفَسَّرُوهُ بِالْأَرْضِ الَّتِي لَا تُنْبِتُ إِلَّا نَبَاتًا لَا يَنْفَعُ ، وَلَا يُسْرِعُ إِنْبَاتُهَا ، مِثْلَ السِّبَاخِ ، وَحَمَلُوا ضَمِيرَ يَخْرُجُ عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ لِلنَّبَاتِ ، وَجَعَلُوا تَقْدِيرَ الْكَلَامِ : وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ نَبَاتُهُ إِلَّا نَكِدًا ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ فِي التَّقْدِيرِ ، وَهُوَ نَبَاتُ ، وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ، وَهُوَ ضَمِيرُ الْبَلَدِ الَّذِي خَبُثَ ، الْمُسْتَتِرُ فِي فِعْلِ يَخْرُجُ .
[ ص: 186 ] وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي : أَنْ يَكُونَ " الَّذِي " صَادِقًا عَلَى نَبَاتِ الْأَرْضِ ، وَالْمَعْنَى : وَالنَّبْتُ الَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ، وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ احْتِبَاكٌ إِذْ لَمْ يُذْكَرْ وَصْفُ الطَّيِّبِ بَعْدَ نَبَاتِ الْبَلَدِ الطَّيِّبِ ، وَلَمْ تُذْكَرِ الْأَرْضُ الْخَبِيثَةُ قَبْلَ ذِكْرِ النَّبَاتِ الْخَبِيثِ ، لِدَلَالَةِ كِلَا الضِّدَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ . وَالتَّقْدِيرُ : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ طَيِّبًا بِإِذْنِ رَبِّهِ ، وَالنَّبَاتُ الَّذِي خَبُثَ يَخْرُجُ نَكِدًا مِنَ الْبَلَدِ الْخَبِيثِ ، وَهَذَا صُنْعٌ دَقِيقٌ لَا يُهْمَلُ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ .
وَقَرَأَ الْجَمِيعُ لَا يَخْرُجُ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ إِلَّا
ابْنَ وَرْدَانَ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ قَرَأَ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ ، وَقِيلَ إِنَّ نِسْبَةَ هَذَا
لِابْنِ وَرْدَانَ تَوَهَّمٌ .
وَالنَّكِدُ وَصْفٌ مِنَ النَّكَدِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ مَصْدَرُ نَكِدَ الشَّيْءُ إِذَا كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ يَجُرُّ عَلَى مُسْتَعْمِلِهِ شَرًّا . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ إِلَّا نَكَدًا ، بِفَتْحِ الْكَافِ .
وَفِي تَفْصِيلِ مَعْنَى الْآيَةِ جَاءَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341803مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ بِهَا اللَّهُ النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا ، وَأَصَابَ طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ لِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ .
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ إِلَى تَفَنُّنِ الِاسْتِدْلَالِ بِالدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ الْمُقْتَضِيَةِ الْوَحْدَانِيَّةَ ، وَالدَّالَّةِ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالدَّالَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32103_18467_18470_27962_32095اخْتِلَافِ قَابِلِيَّةِ النَّاسِ لِلْهُدَى وَالِانْتِفَاعِ بِهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْوَاضِحِ الْبَيِّنِ الْمُقَرَّبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، فَذَلِكَ تَصْرِيفٌ أَيْ تَنْوِيعٌ وَتَفْنِينٌ لِلْآيَاتِ
[ ص: 187 ] أَيِ : الدَّلَائِلِ .
وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ يَشْكُرُونَ : الْمُؤْمِنُونَ : تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ مَوْرِدُ التَّمْثِيلِ بِالْبَلَدِ الطَّيِّبِ ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ مَوْرِدُ التَّمْثِيلِ بِالْبَلَدِ الْخَبِيثِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ .