واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ) الآية [ 102 ] . قوله تعالى : (
44 - أخبرنا محمد بن عبد العزيز القنطري ، أخبرنا ، أخبرنا أبو الفضل الحدادي أبو يزيد الخالدي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الحارث قال : بينما نحن عند إذ قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فيجيء أحدهم بكلمة حق ، فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة ، فيشربها قلوب الناس . فاطلع على ذلك ابن عباس سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله ؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه فقالوا : هذا سحر . فتناسخته الأمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ) .
44 م - وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف : هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ، ولم يشعر بذلك سليمان; فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه . فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان . وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم . ففشت الملامة لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عذر سليمان على لسانه ، وأظهر براءته مما رمي به ، فقال : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين ) الآية .
[ ص: 19 ] 45 - أخبرنا كتابة : أن سعيد بن العباس القرشي الفضل بن زكرياء ، حدثهم عن ، أخبرنا أحمد بن نجدة ، حدثنا سعيد بن منصور عتاب بن بشير ، أخبرنا قال : كان خصيف سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت ؟ فتقول لكذا وكذا . فلما نبتت شجرة الخرنوبة قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لمسجدك أخربه قال : تخربينه ؟ ! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنت . فلم يلبث أن توفي ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم : لو كان [ لنا ] مثل سليمان . فأخذت الشياطين فكتبوا كتابا فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به . فانطلقوا فاستخرجوا ذلك [ الكتاب ] فإذا فيه سحر ورقى . فأنزل الله تعالى : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ) إلى قوله : ( فلا تكفر ) .
46 - قال : إن الناس في زمن السدي سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب [ وجعلها في صندوق ] فدفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك . فلما مات سليمان وذهب [ الذين ] كانوا يعرفون دفنه الكتب ، تمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا ؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا ، فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود . فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية .