مسألة
الأكثر على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=28834_28751_21384لا يمتنع عقلا على الأنبياء معصية . وخالف
الروافض ، وخالف
المعتزلة إلا في الصغائر . ومعتمدهم التقبيح العقلي . والإجماع على عصمتهم بعد الرسالة من تعمد الكذب في الأحكام . لدلالة المعجزة على الصدق . وجوزه القاضي غلطا وقال : دلت على الصدق اعتقادا . وأما غيره من المعاصي فالإجماع على
nindex.php?page=treesubj&link=21383_21384عصمتهم من الكبائر ، والصغائر الخسيسة . والأكثر على جواز غيرهما ا ه منه بلفظه .
وحاصل كلامه : عصمتهم من الكبائر ، ومن صغائر الخسة دون غيرها من الصغائر .
[ ص: 118 ] وقال العلامة
العلوي الشنقيطي في ( نشر البنود شرح مراقي السعود ) في الكلام على قوله :
والأنبياء عصموا مما نهوا عنه ولم يكن لهم تفكه بجائز بل ذاك للتشريع
أو نية الزلفى من الرفيع
ما نصه : فقد أجمع أهل الملل ، والشرائع كلها على وجوب عصمتهم من تعمد الكذب فيما دل المعجز القاطع على صدقهم فيه . كدعوى الرسالة ، وما يبلغونه عن الله تعالى للخلائق . وصدور الكذب عنهم فيما ذكر سهوا أو نسيانا منعه الأكثرون وما سوى الكذب في التبليغ . فإن كان كفرا فقد أجمعت الأمة على عصمتهم منه قبل النبوة وبعدها ، وإن كان غيره فالجمهور على عصمتهم من الكبائر عمدا . ومخالف الجمهور الحشوية .
واختلف أهل الحق : هل المانع لوقوع الكبائر منهم عمدا العقل أو السمع ؟ وأما المعتزلة فالعقل ، وإن كان سهوا فالمختار العصمة منها . وأما الصغائر عمدا أو سهوا فقد جوزها الجمهور عقلا . لكنها لا تقع منهم غير صغائر الخسة فلا يجوز وقوعها منهم لا عمدا ، ولا سهوا انتهى منه .
وحاصل كلامه : عصمتهم من الكذب فيما يبلغونه عن الله ومن الكفر ، والكبائر وصغائر الخسة . وأن الجمهور على جواز وقوع الصغائر الأخرى منهم عقلا . غير أن ذلك لم يقع فعلا . وقال أبو حيان في البحر في سورة " البقرة " وفي المنتخب للإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15199أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي ما ملخصه : منعت الأمة وقوع الكفر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، إلا الفضيلية من
الخوارج قالوا : وقد وقع منهم ذنوب ، والذنب عندهم كفر . وأجاز
الإمامية إظهار الكفر منهم على سبيل التقية . واجتمعت الأمة على عصمتهم من الكذب والتحريف فيما يتعلق بالتبليغ ، فلا يجوز عمدا ، ولا سهوا . ومن الناس من جوز ذلك سهوا . وأجمعوا على امتناع خطئهم في الفتيا عمدا . واختلفوا في السهو . وأما أفعالهم فقالت
الحشوية : يجوز وقوع الكبائر منهم على جهة العمد . وقال أكثر
المعتزلة : بجواز الصغائر عمدا إلا في القول كالكذب . وقال
الجبائي : يمتنعان عليهم إلا على جهة التأويل . وقيل : يمتنعان عليهم إلا على جهة السهو ، والخطأ ، وهم مأخوذون بذلك وإن كان موضوعا عن أمتهم . وقالت
الرافضة يمتنع ذلك على كل جهة .
واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=21377وقت العصمة . فقالت
الرافضة : من وقت مولدهم . وقال كثير من
المعتزلة : من وقت النبوة . والمختار عندنا أنه لم يصدر عنهم ذنب حالة النبوة البتة لا الكبيرة ، ولا الصغيرة . لأنهم لو صدر عنهم الذنب لكانوا أقل درجة من عصاة الأمة
[ ص: 119 ] لعظيم شرفهم وذلك محال ، ولئلا يكونوا غير مقبولي الشهادة ، ولئلا يجب زجرهم وإيذاؤهم ، ولئلا يقتدى بهم في ذلك . ولئلا يكونوا مستحقين للعقاب ، ولئلا يفعلوا ضد ما أمروا به لأنهم مصطفون ، ولأن إبليس استثناهم في الإغواء . انتهى ما لخصناه من ( المنتخب ) ، والقول في الدلائل لهذه المذاهب . وفي إبطال ما ينبغي إبطاله منها مذكور في كتب أصول الدين . انتهى كلام
أبي حيان .
وحاصل كلام الأصوليين في هذه المسألة : عصمتهم من الكفر وفي كل ما يتعلق بالتبليغ ، ومن الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة وتطفيف حبة ، وأن أكثر أهل الأصول على جواز وقوع الصغائر غير صغائر الخسة منهم . ولكن جماعة كثيرة من متأخري الأصوليين اختاروا أن ذلك وإن جاز عقلا لم يقع فعلا ، وقالوا : إنما جاء في الكتاب والسنة من ذلك أن ما فعلوه بتأويل أو نسيانا أو سهوا ، أو نحو ذلك .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لنا أنه الصواب في هذه المسألة أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يقع منهم ما يزري بمراتبهم العلية ، ومناصبهم السامية . ولا يستوجب خطأ منهم ، ولا نقصا فيهم صلوات الله وسلامه عليهم ، ولو فرضنا أنه وقع منهم بعض الذنوب لأنهم يتداركون ما وقع منهم بالتوبة ، والإخلاص ، وصدق الإنابة إلى الله حتى ينالوا بذلك أعلى درجاتهم فتكون بذلك درجاتهم أعلى من درجة من لم يرتكب شيئا من ذلك . ومما يوضح هذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وعصى آدم ربه فغوى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى [ 20 \ 121 ] ، . فانظر أي أثر يبقى للعصيان والغي بعد توبة الله عليه ، واجتبائه أي : اصطفائه إياه ، وهدايته له ، ولا شك أن بعض الزلات ينال صاحبها بالتوبة منها درجة أعلى من درجته قبل ارتكاب تلك الزلة . والعلم عند الله تعالى .
مَسْأَلَةٌ
الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28834_28751_21384لَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مَعْصِيَةٌ . وَخَالَفَ
الرَّوَافِضُ ، وَخَالَفَ
الْمُعْتَزِلَةُ إِلَّا فِي الصَّغَائِرِ . وَمُعْتَمَدُهُمُ التَّقْبِيحُ الْعَقْلِيُّ . وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ بَعْدَ الرِّسَالَةِ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِي الْأَحْكَامِ . لِدَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ . وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي غَلَطًا وَقَالَ : دَلَّتْ عَلَى الصِّدْقِ اعْتِقَادًا . وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْمَعَاصِي فَالْإِجْمَاعُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21383_21384عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَالصَّغَائِرِ الْخَسِيسَةِ . وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ غَيْرِهِمَا ا ه مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ : عِصَمَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَمِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّغَائِرِ .
[ ص: 118 ] وَقَالَ الْعَلَّامَةُ
الْعَلَوِيُّ الشَّنْقِيطِيُّ فِي ( نَشْرِ الْبُنُودِ شَرْحِ مَرَاقِي السُّعُودِ ) فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ :
وَالْأَنْبِيَاءُ عُصِمُوا مِمَّا نَهَوْا عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ تَفُكُّهٌ بِجَائِزٍ بَلْ ذَاكَ لِلتَّشْرِيعِ
أَوْ نِيَّةِ الزُّلْفَى مِنَ الرَّفِيعِ
مَا نَصُّهُ : فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ ، وَالشَّرَائِعِ كُلِّهَا عَلَى وُجُوبِ عِصْمَتِهِمْ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِيمَا دَلَّ الْمُعْجِزُ الْقَاطِعُ عَلَى صِدْقِهِمْ فِيهِ . كَدَعْوَى الرِّسَالَةِ ، وَمَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلَائِقِ . وَصُدُورُ الْكَذِبِ عَنْهُمْ فِيمَا ذَكَرَ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا مَنَعَهُ الْأَكْثَرُونَ وَمَا سِوَى الْكَذِبِ فِي التَّبْلِيغِ . فَإِنْ كَانَ كُفْرًا فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنْهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ عَمْدًا . وَمُخَالِفُ الْجُمْهُورِ الْحَشْوِيَّةُ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَقِّ : هَلِ الْمَانِعُ لِوُقُوعِ الْكَبَائِرِ مِنْهُمْ عَمْدًا الْعَقْلُ أَوِ السَّمْعُ ؟ وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَالْعَقْلُ ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَالْمُخْتَارُ الْعِصْمَةُ مِنْهَا . وَأَمَّا الصَّغَائِرُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَقَدْ جَوَّزَهَا الْجُمْهُورُ عَقْلًا . لَكِنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْهُمْ غَيْرُ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ فَلَا يَجُوزُ وُقُوعُهَا مِنْهُمْ لَا عَمْدًا ، وَلَا سَهْوًا انْتَهَى مِنْهُ .
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ : عِصْمَتُهُمْ مِنَ الْكَذِبِ فِيمَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ وَمِنَ الْكُفْرِ ، وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ . وَأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ الْأُخْرَى مِنْهُمْ عَقْلًا . غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِعْلًا . وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " وَفِي الْمُنْتَخَبِ لِلْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=15199أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيِّ مَا مُلَخَّصُهُ : مَنَعَتِ الْأُمَّةُ وُقُوعَ الْكُفْرِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، إِلَّا الْفُضَيْلِيَةَ مِنَ
الْخَوَارِجِ قَالُوا : وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُمْ ذُنُوبٌ ، وَالذَّنْبُ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ . وَأَجَازَ
الْإِمَامِيَّةُ إِظْهَارَ الْكُفْرِ مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ . وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَذِبِ وَالتَّحْرِيفِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْلِيغِ ، فَلَا يَجُوزُ عَمْدًا ، وَلَا سَهْوًا . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ سَهْوًا . وَأَجْمَعُوا عَلَى امْتِنَاعِ خَطَئِهِمْ فِي الْفُتْيَا عَمْدًا . وَاخْتَلَفُوا فِي السَّهْوِ . وَأَمَّا أَفْعَالُهُمْ فَقَالَتِ
الْحَشَوِيَّةُ : يَجُوزُ وُقُوعُ الْكَبَائِرِ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ الْعَمْدِ . وَقَالَ أَكْثَرُ
الْمُعْتَزِلَةِ : بِجَوَازِ الصَّغَائِرِ عَمْدًا إِلَّا فِي الْقَوْلِ كَالْكَذِبِ . وَقَالَ
الْجُبَّائِيُّ : يَمْتَنِعَانِ عَلَيْهِمْ إِلَّا عَلَى جِهَةِ التَّأْوِيلِ . وَقِيلَ : يَمْتَنِعَانِ عَلَيْهِمْ إِلَّا عَلَى جِهَةِ السَّهْوِ ، وَالْخَطَأِ ، وَهُمْ مأخُوذُونَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا عَنْ أُمَّتِهِمْ . وَقَالَتِ
الرَّافِضَةُ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ جِهَةٍ .
وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21377وَقْتِ الْعِصْمَةِ . فَقَالَتِ
الرَّافِضَةُ : مِنْ وَقْتِ مَوْلِدِهِمْ . وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ : مِنْ وَقْتِ النُّبُوَّةِ . وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُمْ ذَنْبٌ حَالَةَ النُّبُوَّةِ الْبَتَّةَ لَا الْكَبِيرَةُ ، وَلَا الصَّغِيرَةُ . لِأَنَّهُمْ لَوْ صَدَرَ عَنْهُمُ الذَّنْبُ لَكَانُوا أَقَلَّ دَرَجَةٍ مِنْ عُصَاةِ الْأُمَّةِ
[ ص: 119 ] لِعَظِيمِ شَرَفِهِمْ وَذَلِكَ مُحَالٌ ، وَلِئَلَّا يَكُونُوا غَيْرَ مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ ، وَلِئَلَّا يَجِبَ زَجْرُهُمْ وَإِيذَاؤُهُمْ ، وَلِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِمْ فِي ذَلِكَ . وَلِئَلَّا يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ لِلْعِقَابِ ، ولئِلَّا يَفْعَلُوا ضِدَّ مَا أُمِرُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ مُصْطَفَوْنَ ، وَلِأَنَّ إِبْلِيسَ اسْتَثْنَاهُمْ فِي الْإِغْوَاءِ . انْتَهَى مَا لَخَّصْنَاهُ مِنْ ( الْمُنْتَخَبِ ) ، وَالْقَوْلُ فِي الدَّلَائِلِ لِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ . وَفِي إِبْطَالِ مَا يَنْبَغِي إِبْطَالُهُ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الدِّينِ . انْتَهَى كَلَامُ
أَبِي حَيَّانَ .
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : عِصْمَتُهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَفِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْلِيغِ ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ ، وَأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْأُصُولِ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ غَيْرَ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ مِنْهُمْ . وَلَكِنَّ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ مُتَأَخِّرِي الْأُصُولِيِّينَ اخْتَارُوا أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ جَازَ عَقْلًا لَمْ يَقَعْ فِعْلًا ، وَقَالُوا : إِنَّمَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ بِتَأْوِيلٍ أَوْ نِسْيَانًا أَوْ سَهْوًا ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ - : الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ مَا يُزْرِي بِمَرَاتِبِهِمُ الْعَلِيَّةِ ، وَمَنَاصِبِهِمُ السَّامِيَةِ . وَلَا يَسْتَوْجِبُ خَطَأً مِنْهُمْ ، وَلَا نَقْصًا فِيهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْضُ الذُّنُوبِ لِأَنَّهُمْ يَتَدَارَكُونَ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَالْإِخْلَاصِ ، وَصِدْقِ الْإِنَابَةِ إِلَى اللَّهِ حَتَّى يَنَالُوا بِذَلِكَ أَعْلَى دَرَجَاتِهِمْ فَتَكُونُ بِذَلِكَ دَرَجَاتُهُمْ أَعْلَى مِنْ دَرَجَةِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ . وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [ 20 \ 121 ] ، . فَانْظُرْ أَيَّ أَثَرٍ يَبْقَى لِلْعِصْيَانِ وَالْغَيِّ بَعْدَ تَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَاجْتِبَائِهِ أَيِ : اصْطِفَائِهِ إِيَّاهُ ، وَهِدَايَتِهِ لَهُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ بَعْضَ الزَّلَّاتِ يَنَالُ صَاحِبُهَا بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا دَرَجَةً أَعْلَى مِنْ دَرَجَتِهِ قَبْلَ ارْتِكَابِ تِلْكَ الزَّلَّةِ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .