الفرع الثامن : اعلم أن التحقيق في أنها سبع حصيات ، فمجموع الحصى سبعون حصاة سبع منها ترمى بها جمرة عدد الحصيات التي ترمى بها كل جمرة العقبة يوم النحر ، والثلاث والستون الباقية تفرق على الأيام الثلاثة في كل يوم إحدى وعشرون حصاة ، لكل جمرة سبع .
وأحوط الأقوال في ذلك قول مالك وأصحابه ومن وافقهم : أن من ترك حصاة واحدة كمن ترك رمي الجميع ، وقال بعض أهل العلم : يجزئه الرمي بخمس أو ست ، وقال في المغني : والأولى ألا ينقص في الرمي عن سبع حصيات ، ابن قدامة ، فإن نقص حصاة ، أو حصاتين فلا بأس ، ولا ينقص أكثر من ذلك نص عليه يعني لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات أحمد ، وهو قول مجاهد ، وإسحاق ، وعنه : إن رمى بست ناسيا ، فلا شيء عليه ، ولا ينبغي أن يتعمده ، فإن تعمد ذلك تصدق بشيء ، وكان يقول : ما أبالي رميت بست ، أو بسبع . وعن ابن عمر أحمد : أن عدد السبع شرط ، ونسبه إلى مذهب ، وأصحاب الرأي لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع . وقال الشافعي أبو حبة : لا بأس بما رمى به الرجل من الحصى ، فقال : صدق عبد الله بن عمرو أبو حبة ، وكان أبو حبة بدريا .
ووجه الرواية الأولى ما روى قال : سئل ابن أبي نجيح عن رجل ترك حصاة ؟ قال : يتصدق بتمرة أو لقمة ، فذكرت ذلك طاوس لمجاهد فقال : إن أبا عبد الرحمن لم يسمع قول سعد قال سعد : رجعنا من الحجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضنا يقول : رميت بست وبعضنا يقول : بسبع ، فلم يعب ذلك بعضنا على بعض . رواه الأثرم وغيره . انتهى كلام في المغني . وما رواه عن ابن قدامة أبي نجيح قال : سئل إلخ رواه طاوس البيهقي بإسناده في السنن الكبرى ، من طريق ، عن الفريابي ، عن ابن عيينة أبي نجيح .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : التحقيق أنه لا يجوز أقل من سبع حصيات للروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يرمي الجمار بسبع حصيات . مع قوله : " " فلا ينبغي العدول عن ذلك ; لوضوح دليله وصحته ، ولأن مقابله لم يقم [ ص: 476 ] عليه دليل يقارب دليله ، والعلم عند الله تعالى . والظاهر أن من شك في عدد ما رمى يبني على اليقين ، وروى خذوا عني مناسككم البيهقي عن علي رضي الله عنه ما يؤيده .