قرأ هذا الحرف نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، - : ( وقيله ) بفتح اللام وضم الهاء ، وقرأه والكسائي عاصم وحمزة : ( وقيله ) بكسر اللام والهاء .
قال بعض العلماء : إعرابه بأنه عطف محل على ( الساعة ) لأن قوله - تعالى - : وعنده علم الساعة [ 43 \ 85 ] - مصدر مضاف إلى مفعوله .
فلفظ الساعة مجرور لفظا بالإضافة ، منصوب محلا بالمفعولية ، وما كان كذلك جاز في تابعه النصب نظرا إلى المحل ، والخفض نظرا إلى اللفظ ، كما قال في الخلاصة : وجر ما يتبع ما جر ومن راعى في الاتباع المحل فحسن
وقال في نظيره في الوصف : واخفض أو انصب تابع الذي انخفض كمبتغي جاه ومالا من نهض
وقال بعضهم : هو معطوف على سرهم [ 43 \ 80 ] .
وعليه فالمعنى : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم [ 43 \ 80 ] . وقيله يارب الآية .
وقال بعضهم : هو منصوب على أنه مفعول مطلق .
أي ، وقال : قيله ، وهو بمعنى قوله ، إلا أن القاف لما كسرت أبدلت الواو ياء لمجانسة الكسرة .
قالوا : ونظير هذا الإعراب قول كعب بن زهير
: تمشي الوشاة جنابيها وقيلهم إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
أي ويقولون قيلهم .
[ ص: 169 ] وقال بعضهم : هو منصوب بيعلم محذوفة ; لأن العطف الذي ذكرنا على قوله : سرهم ، والعطف على ( الساعة ) يقال فيه : إنه يقتضي الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يصلح لكونه اعتراضا ، وتقدير الناصب إذا دل المقام عليه لا إشكال فيه . كما قال في الخلاصة : ويحذف الناصبها إن علما وقد يكون حذفه ملتزما
وأما على قراءة الخفض فهو معطوف على الساعة ، أي وعنده علم الساعة ، وعلم ( قيله يا رب ) .
واختار أنه مخفوض بالقسم ، ولا يخفى بعده كما نبه عليه الزمخشري أبو حيان .
والتحقيق أن الضمير في ( قيله ) للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
والدليل على ذلك أن قوله بعد : فاصفح عنهم وقل سلام [ 43 \ 89 ] - خطاب له - صلى الله عليه وسلم - بلا نزاع ، فادعاء أن الضمير في ( قيله ) لعيسى لا دليل عليه ولا وجه له .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من - جاء موضحا في غير هذا الموضع ، كقوله - تعالى - : شكواه - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه عدم إيمان قومه وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا [ 25 ] . وذكر مثله عن موسى في قوله - تعالى - في " الدخان " : فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون [ 44 \ 22 ] . وعن نوح قوله - تعالى - : قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا [ 71 \ 5 - 6 ] . إلى آخر الآيات .