وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أن يفتنكم الذين كفروا معناه : ينالونكم بسوء . فروع تتعلق بهذه الآية الكريمة على القول بأنها في قصر الرباعية كما يفهم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند
مسلم وأحمد وأصحاب السنن كما تقدم .
الفرع الأول : أجمع العلماء على مشروعية
nindex.php?page=treesubj&link=1808قصر الرباعية في السفر خلافا لمن شذ وقال : لا قصر إلا في حج أو عمرة ، ومن قال : لا قصر إلا في خوف ، ومن قال : لا قصر إلا في سفر طاعة خاصة ، فإنها أقوال لا معول عليها عند أهل العلم ، واختلف
[ ص: 266 ] العلماء في الإتمام في السفر ، هل يجوز أو لا ؟ فذهب بعض العلماء إلى أن القصر في السفر واجب .
وممن قال بهذا القول :
أبو حنيفة رحمه الله وهو قول
علي ،
وعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، ويروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجابر ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وعزاه
الخطابي في المعالم لأكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار ، ونسبه إلى
علي وعمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان : يعيد من صلى في السفر أربعا . اهـ . منه بواسطة نقل
الشوكاني رحمه الله وحجة هذا القول الذي هو وجوب القصر ما قدمنا من الأحاديث عن
عائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعمر رضي الله عنهم بأن الصلاة فرضت ركعتين ، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ، ودليل هؤلاء واضح ، وذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز الإتمام والقصر ، كما يجوز الصوم والإفطار ، إلا أنهم اختلفوا هل القصر أو الإتمام أفضل ؟ وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ،
وعائشة رضي الله عنهم .
قال
النووي في " شرح المهذب " وحكاه
العبدري عن هؤلاء يعني من ذكرنا وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ومالك وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وداود ، وهو مذهب أكثر العلماء ، ورواه
البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي في اثني عشر من الصحابة . وعن
أنس nindex.php?page=showalam&ids=83والمسور بن مخرمة nindex.php?page=showalam&ids=16333وعبد الرحمن بن الأسود nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب وأبي قلابة ، واحتج أهل هذا القول بأمور :
الأول : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة الآية [ 4 \ 101 ] ; لأن التعبير برفع الجناح دليل لعدم اللزوم .
الأمر الثاني : هو ما قدمنا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب من
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007270أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في القصر في السفر : " صدقة تصدق الله بها عليكم " . الحديث ، فكونه صدقة وتخفيفا يدل على عدم اللزوم .
الأمر الثالث : هو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=hadith&LINKID=1007271عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتمرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفطر هو - صلى الله عليه وسلم - وقصر الصلاة وصامت هي وأتمت الصلاة ، فأخبرته بذلك ، فقال لها : " أحسنت " .
قال
النووي في " شرح المهذب " : هذا الحديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني والبيهقي [ ص: 267 ] بإسناد حسن أو صحيح ، قال : وقال
البيهقي في " السنن الكبرى " : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني إسناده حسن ، وقال في " معرفة السنن والآثار " : هو إسناد صحيح .
قال مقيده - عفا الله عنه - : الظاهر أن ما جاء في هذا الحديث من أن عمرة
عائشة المذكورة في رمضان لا يصح ; لأن المحفوظ الثابت بالروايات الصحيحة أن
nindex.php?page=treesubj&link=33051_33052النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في رمضان قط ; لأنه لم يعتمر إلا أربع عمر :
الأولى : عمرة
الحديبية التي صده فيها المشركون عن
البيت الحرام ، عام ست .
الثانية : عمرة القضاء التي وقع عليها عقد الصلح في
الحديبية ، وهي عام سبع .
الثالثة : عمرة
الجعرانة بعد فتح
مكة ، عام ثمان وكل هذه العمر الثلاث في شهر ذي القعدة بالإجماع وبالروايات الصحيحة .
الرابعة : عمرته مع حجه في حجة الوداع ، ورواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ليس فيها أن العمرة المذكورة في رمضان ولفظه : أخبرني
أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : حدثنا
أبو نعيم ، قال : حدثنا
العلاء بن زهير الأزدي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود عن
عائشة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007272أنها اعتمرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وأفطرت وصمت . قال : " أحسنت يا عائشة " ، وما عاب علي " . اهـ .
الأمر الرابع : ما روي عن
عائشة - رضي الله عنها -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007273أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في السفر ويتم ، ويفطر ويصوم .
قال
النووي في " شرح المهذب " : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ،
والبيهقي وغيرهما .
قال
البيهقي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني إسناده صحيح وضبطه
ابن حجر في " التلخيص " بلفظ يقصر بالياء ، وفاعله ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم - وتتم بتائين وفاعله ضمير يعود إلى
عائشة فيكون بمعنى الحديث الأول ، ولكن جاء في بعض روايات الحديث التصريح بإسناد الإتمام المذكور للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال
البيهقي : أخبرنا
أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=14269علي بن عمر الحافظ ، حدثنا
المحاملي ، حدثنا
سعيد بن محمد بن ثواب ، حدثنا
أبو عاصم ، حدثنا
عمر بن سعيد وعن
[ ص: 268 ] nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن
عائشة رضي الله عنها
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007274أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم . قال
علي : هذا إسناد صحيح . اهـ .
قال
البيهقي : وله شاهد من حديث
دلهم بن صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=15291والمغيرة بن زياد ،
وطلحة بن عمرو وكلهم ضعيف .
الخامس : إجماع العلماء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1794_17828المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام ، ولو كان القصر واجبا حتما لما جاز صلاة أربع خلف الإمام .
وأجاب أهل هذا القول عن حديث
عمر وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس بأن المراد بكون صلاة السفر ركعتين أي : لمن أراد ذلك ، وعن قول
عمر في الحديث : تمام غير قصر بأن معناه أنها تامة في الأجر قاله
النووي ، ولا يخلو من تعسف وأجاب أهل القول الأول عن حجج هؤلاء قالوا : إن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [ 4 \ 101 ] في صلاة الخوف كما قدمنا ، فلا دليل فيه لقصر الرباعية ، قالوا : ولو سلمنا أنه في قصر الرباعية فالتعبير بلفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ولا جناح عليكم [ 4 \ 102 ] ، لا ينافي الوجوب كما اعترفتم بنظيره في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما [ 2 \ 158 ] لأن السعي فرض عند الجمهور . وعن قوله في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007275صدقة تصدق الله بها عليكم " بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقبولها في قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007276فاقبلوا صدقته " ، والأمر يقتضي الوجوب فليس لنا عدم قبولها مع قوله - صلى الله عليه وسلم - : " فاقبلوها " ، وأجابوا عن الثالث والرابع بأن حديثي
عائشة المذكورين لا يصح واحد منها واستدلوا على عدم صحة ذلك بما ثبت في الصحيح عن
عروة أنها تأولت في إتمامها ما تأول
عثمان ، فلو كان عندها في ذلك رواية من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل عنها
عروة أنها تأولت .
وقال
ابن القيم في " زاد المعاد " ما نصه : وسمعت
ابن تيمية يقول : هذا الحديث كذب على
عائشة ، ولم تكن
عائشة لتصلي بخلاف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الصحابة ، وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب ، كيف وهي القائلة : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر ، وأقرت صلاة السفر فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله وتخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=17245لهشام بن عروة لما حدثه عن أبيه عنها بذلك ، فما شأنها كانت تتم
[ ص: 269 ] الصلاة فقال : تأولت كما تأول
عثمان فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حسن فعلها وأقرها عليه ، فما للتأويل حينئذ وجه ، ولا يصح أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير ، وقد أخبر
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ولا
أبو بكر ولا
عمر ، أفيظن
بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم وهي تراهم يقصرون . وأما بعد موته - صلى الله عليه وسلم - فإنها أتمت كما أتم
عثمان ، وكلاهما تأول تأويلا . والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له ، والله أعلم . اهـ . محل الغرض منه بلفظه .
قال مقيده - عفا الله عنه - : أما استبعاد مخالفة
عائشة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته مع الاعتراف بمخالفتها له - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته ، فإنه يوهم أن مخالفته بعد وفاته سائغة ، ولا شك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28750المنع من مخالفته في حياته باق بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فلا يحل لأحد البتة مخالفة ما جاء به من الهدى إلى يوم القيامة : فعلا كان أو قولا أو تقريرا ، ولا يظهر كل الظهور أن
عائشة تخالف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - باجتهاد ورواية من روى أنها تأولت تقتضي نفي روايتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا في ذلك ، والحديث المذكور فيه إثبات أنها روت عنه ذلك ،
nindex.php?page=treesubj&link=22518_22589والمثبت مقدم على النافي ، فبهذا يعتضد الحديث الذي صححه بعضهم وحسنه بعضهم كما تقدم .
والتحقيق أن سند
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي المتقدم الذي روى به هذا الحديث صحيح ، وإعلال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان له بأن فيه
العلاء بن زهير الأزدي ، وقال فيه : إنه يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات فبطل الاحتجاج به ، مردود بأن
العلاء المذكور ثقة كما قاله
ابن حجر في " التقريب " وغيره وإعلال بعضهم له بأن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود لم يدرك
عائشة مردود بأنه أدركها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وعبد الرحمن أدرك
عائشة فدخل عليها وهو مراهق وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن
عبد الرحمن أنه دخل على
عائشة بالاستئذان بعد احتلامه ، وذكر صاحب " الكمال " أنه سمع منها ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " تاريخه "
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ما يشهد لذلك ، قاله
ابن حجر وإعلال الحديث المذكور بأنه مضطرب ; لأن بعض الرواة يقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن
عائشة ، وبعضهم يقول عن
عبد الرحمن عن
عائشة مردود أيضا ، بأن رواية من قال عن أبيه خطأ والصواب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود عن
عائشة .
قال
البيهقي بعد أن ساق أسانيد الروايتين : قال
أبو بكر النيسابوري : هكذا قال
[ ص: 270 ] أبو نعيم عن
عبد الرحمن عن
عائشة ، ومن قال عن أبيه في هذا الحديث فقد أخطأ . اهـ .
فالظاهر ثبوت هذا الحديث وهو يقوي حجة من لم يمنع إتمام الرباعية في السفر وهم أكثر العلماء ، وذهب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=1779_32795قصر الرباعية في السفر سنة ، وأن من أتم أعاد في الوقت ; لأن الثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب على القصر في أسفاره وكذلك
أبو بكر وعمر وعثمان في غير أيام
منى ولم يمنع
مالك الإتمام ; للأدلة التي ذكرنا والعلم عند الله تعالى .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مَعْنَاهُ : يَنَالُونَكُمْ بِسُوءٍ . فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فِي قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=120يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ
مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ كَمَا تَقَدَّمَ .
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=1808قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ خِلَافًا لِمَنْ شَذَّ وَقَالَ : لَا قَصْرَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ، وَمَنْ قَالَ : لَا قَصْرَ إِلَّا فِي خَوْفٍ ، وَمَنْ قَالَ : لَا قَصْرَ إِلَّا فِي سَفَرِ طَاعَةٍ خَاصَّةً ، فَإِنَّهَا أَقْوَالٌ لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَاخْتَلَفَ
[ ص: 266 ] الْعُلَمَاءُ فِي الْإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ ، هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا ؟ فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ وَاجِبٌ .
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ :
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيٍّ ،
وَعُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ، وَيُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ وَعَزَاهُ
الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ لِأَكْثَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، وَنَسَبَهُ إِلَى
عَلِيٍّ وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ قَالَ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ : يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا . اهـ . مِنْهُ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ
الشَّوْكَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الْقَصْرِ مَا قَدَّمْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ
عَائِشَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ، وَدَلِيلُ هَؤُلَاءِ وَاضِحٌ ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى جَوَازِ الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ ، كَمَا يَجُوزُ الصَّوْمُ وَالْإِفْطَارُ ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَلِ الْقَصْرُ أَوِ الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ ؟ وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ،
وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " وَحَكَاهُ
الْعَبْدَرِيُّ عَنْ هَؤُلَاءِ يَعْنِي مَنْ ذَكَرْنَا وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، وَرَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ . وَعَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=showalam&ids=83وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16333وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي قِلَابَةَ ، وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِأُمُورٍ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ الْآيَةَ [ 4 \ 101 ] ; لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِرَفْعِ الْجُنَاحِ دَلِيلٌ لِعَدَمِ اللُّزُومِ .
الْأَمْرُ الثَّانِي : هُوَ مَا قَدَّمْنَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=120يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007270أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ : " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ " . الْحَدِيثَ ، فَكَوْنُهُ صَدَقَةً وَتَخْفِيفًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ .
الْأَمْرُ الثَّالِثُ : هُوَ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=1007271عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْطَرَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَصَرَ الصَّلَاةَ وَصَامَتْ هِيَ وَأَتَمَّتِ الصَّلَاةَ ، فَأَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ لَهَا : " أَحْسَنْتِ " .
قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ [ ص: 267 ] بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَوْ صَحِيحٍ ، قَالَ : وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الْكُبْرَى " : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ ، وَقَالَ فِي " مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ " : هُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - : الظَّاهِرُ أَنَّ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ عُمْرَةَ
عَائِشَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي رَمَضَانَ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ الثَّابِتَ بِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33051_33052النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ فِي رَمَضَانَ قَطُّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ إِلَّا أَرْبَعَ عُمَرٍ :
الْأُولَى : عُمْرَةُ
الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي صَدَّهُ فِيهَا الْمُشْرِكُونَ عَنِ
الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، عَامَ سِتٍّ .
الثَّانِيَةُ : عُمْرَةُ الْقَضَاءِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا عَقْدُ الصُّلْحِ فِي
الْحُدَيْبِيَةِ ، وَهِيَ عَامُ سَبْعٍ .
الثَّالِثَةُ : عُمْرَةُ
الْجِعْرَانَةِ بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ ، عَامَ ثَمَانٍ وَكُلُّ هَذِهِ الْعُمَرِ الثَّلَاثِ فِي شَهْرِ ذِي الْقِعْدَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ .
الرَّابِعَةُ : عُمْرَتُهُ مَعَ حَجِّهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَرِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ لَيْسَ فِيهَا أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي رَمَضَانَ وَلَفْظُهُ : أَخْبَرَنِي
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْعَلَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16333عَبْدُ الرَّحِمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ
عَائِشَةَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007272أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ . قَالَ : " أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةَ " ، وَمَا عَابَ عَلَيَّ " . اهـ .
الْأَمْرُ الرَّابِعُ : مَا رُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007273أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ ، وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَضَبَطَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّلْخِيصِ " بِلَفْظِ يَقْصُرُ بِالْيَاءِ ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُتِمُّ بِتَائَيْنِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى
عَائِشَةَ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَلَكِنْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ التَّصْرِيحُ بِإِسْنَادِ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ ، أَنْبَأَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14269عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا
الْمَحَامِلِيُّ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوَابٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا
عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَنْ
[ ص: 268 ] nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007274أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْصُرُ فِي الصَّلَاةِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ . قَالَ
عَلِيٌّ : هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ . اهـ .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ
دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15291وَالْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ ،
وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو وَكُلُّهُمْ ضَعِيفٌ .
الْخَامِسُ : إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1794_17828الْمُسَافِرَ إِذَا اقْتَدَى بِمُقِيمٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ ، وَلَوْ كَانَ الْقَصْرُ وَاجِبًا حَتْمًا لَمَا جَازَ صَلَاةُ أَرْبَعٍ خَلْفَ الْإِمَامِ .
وَأَجَابَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ حَدِيثِ
عُمَرَ وَعَائِشَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ صَلَاةِ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَيْ : لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ ، وَعَنْ قَوْلِ
عَمَرَ فِي الْحَدِيثِ : تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَامَّةٌ فِي الْأَجْرِ قَالَهُ
النَّوَوِيُّ ، وَلَا يَخْلُو مِنْ تَعَسُّفٍ وَأَجَابَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَنْ حُجَجِ هَؤُلَاءِ قَالُوا : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ [ 4 \ 101 ] فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا قَدَّمْنَا ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِقَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ ، قَالُوا : وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ فِي قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ فَالتَّعْبِيرُ بِلَفْظِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [ 4 \ 102 ] ، لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ كَمَا اعْتَرَفْتُمْ بِنَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [ 2 \ 158 ] لِأَنَّ السَّعْيَ فَرْضٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . وَعَنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007275صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ " بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَبُولِهَا فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007276فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ " ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَلَيْسَ لَنَا عَدَمُ قَبُولِهَا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " فَاقْبَلُوهَا " ، وَأَجَابُوا عَنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِأَنَّ حَدِيثَيْ
عَائِشَةَ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَصِحُّ وَاحِدٌ مِنْهَا وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
عُرْوَةَ أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ فِي إِتْمَامِهَا مَا تَأَوَّلَ
عُثْمَانُ ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا فِي ذَلِكَ رِوَايَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ عَنْهَا
عُرْوَةُ أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَيَّمِ فِي " زَادِ الْمَعَادِ " مَا نَصُّهُ : وَسَمِعْتُ
ابْنُ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ : هَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ عَلَى
عَائِشَةَ ، وَلَمْ تَكُنْ
عَائِشَةُ لِتُصَلِّيَ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ ، وَهِيَ تُشَاهِدُهُمْ يَقْصُرُونَ ثُمَّ تُتِمُّ هِيَ وَحْدَهَا بِلَا مُوجِبٍ ، كَيْفَ وَهِيَ الْقَائِلَةُ : فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ فَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ وَتُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17245لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ لَمَّا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا بِذَلِكَ ، فَمَا شَأْنُهَا كَانَتْ تُتِمُّ
[ ص: 269 ] الصَّلَاةَ فَقَالَ : تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ
عُثْمَانُ فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَسَّنَ فِعْلَهَا وَأَقَرَّهَا عَلَيْهِ ، فَمَا لِلتَّأْوِيلِ حِينَئِذٍ وَجْهٌ ، وَلَا يَصِحُّ أَنَّ يُضَافَ إِتْمَامُهَا إِلَى التَّأْوِيلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَلَا
أَبُو بَكْرٍ وَلَا
عُمَرُ ، أَفَيُظَنُّ
بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مُخَالَفَتُهُمْ وَهِيَ تَرَاهُمْ يَقْصُرُونَ . وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا أَتَمَّتْ كَمَا أَتَمَّ
عُثْمَانُ ، وَكِلَاهُمَا تَأَوَّلَ تَأْوِيلًا . وَالْحُجَّةُ فِي رِوَايَتِهِمْ لَا فِي تَأْوِيلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَعَ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . اهـ . مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - : أَمَّا اسْتِبْعَادُ مُخَالَفَةِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِمُخَالَفَتِهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ سَائِغَةٌ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28750الْمَنْعَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي حَيَاتِهِ بَاقٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْبَتَّةَ مُخَالَفَةُ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْهُدَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ : فِعْلًا كَانَ أَوْ قَوْلًا أَوْ تَقْرِيرًا ، وَلَا يَظْهَرُ كُلَّ الظُّهُورِ أَنَّ
عَائِشَةَ تُخَالِفُ هَدْيَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاجْتِهَادٍ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهَا تَأَوَّلَتْ تَقْتَضِي نَفْيَ رِوَايَتِهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فِي ذَلِكَ ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِيهِ إِثْبَاتُ أَنَّهَا رَوَتْ عَنْهُ ذَلِكَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22518_22589وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي ، فَبِهَذَا يَعْتَضِدُ الْحَدِيثَ الَّذِي صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ سَنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي رَوَى بِهِ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ ، وَإِعْلَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ لَهُ بِأَنَّ فِيهِ
الْعَلَاءَ بْنَ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيَّ ، وَقَالَ فِيهِ : إِنَّهُ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ مَا لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْإِثْبَاتِ فَبَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ
الْعَلَاءَ الْمَذْكُورَ ثِقَةٌ كَمَا قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " وَغَيْرِهِ وَإِعْلَالُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16333عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ لَمْ يُدْرِكْ
عَائِشَةَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَدْرَكَهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَدْرَكَ
عَائِشَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ مُرَاهِقٌ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى
عَائِشَةَ بِالِاسْتِئْذَانِ بَعْدَ احْتِلَامِهِ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ " الْكَمَالِ " أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ "
nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ ، قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ وَإِعْلَالُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ ; لِأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ يَقُولُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16333عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ ، وَبَعْضَهُمْ يَقُولُ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
عَائِشَةَ مَرْدُودٌ أَيْضًا ، بِأَنَّ رِوَايَةَ مَنْ قَالَ عَنْ أَبِيهِ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16333عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ
عَائِشَةَ .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ أَسَانِيدَ الرِّوَايَتَيْنِ : قَالَ
أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ : هَكَذَا قَالَ
[ ص: 270 ] أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
عَائِشَةَ ، وَمَنْ قَالَ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ أَخْطَأَ . اهـ .
فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ يُقَوِّي حُجَّةَ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ إِتْمَامَ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1779_32795قَصْرَ الرُّبَاعِيَّةِ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ ، وَأَنَّ مَنْ أَتَمَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ ; لِأَنَّ الثَّابِتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْقَصْرِ فِي أَسْفَارِهِ وَكَذَلِكَ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ
مِنًى وَلَمْ يَمْنَعْ
مَالِكٌ الْإِتْمَامَ ; لِلْأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .