[ ص: 462 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النجم
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم إذا هوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى .
اختلف العلماء في المراد بهذا النجم الذي أقسم الله به في هذه الآية الكريمة ، فقال بعضهم : المراد به النجم إذا رجمت به الشياطين ، وقال بعضهم : إن المراد به الثريا ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره ، ولفظة النجم علم للثريا بالغلبة ، فلا تكاد العرب تطلق لفظ النجم مجردا إلا عليها ، ومنه قول
نابغة ذبيان :
أقول والنجم قد مالت أواخره إلى المغيب تثبت نظرة حار
فقوله : والنجم : يعني الثريا .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إذا هوى : أي سقط مع الصبح ، وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير . وقيل : النجم الزهرة ، وقيل : المراد بالنجم نجوم السماء ، وعليه فهو من إطلاق المفرد وإرادة الجمع كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45ويولون الدبر [ 54 \ 45 ] ، يعني الأدبار . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وجاء ربك والملك صفا صفا [ 89 \ 22 ] ، أي : الملائكة ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أولئك يجزون الغرفة بما صبروا [ 25 \ 75 ] ، أي الغرف .
وقد قدمنا أمثلة كثيرة لهذا في القرآن ، وفي كلام العرب في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ثم نخرجكم طفلا [ 22 \ 5 ] ، وإطلاق النجم مرادا به النجوم معروف في اللغة ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16674عمر بن أبي ربيعة :
ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد النجم والحصى والتراب
وقول
الراعي :
فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها
[ ص: 463 ] وعلى هذا القول ، فمعنى هوي النجوم سقوطها إذا غربت أو انتثارها يوم القيامة . وقيل : النجم النبات الذي لا ساق له . وقال بعض أهل العلم : المراد بالنجم الجملة النازلة من القرآن ، فإنه نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنجما منجما في ثلاث وعشرين سنة ، وكل جملة منه وقت نزولها يصدق عليها اسم النجم صدقا عربيا صحيحا كما يطلق على ما حان وقته من الدية المنجمة على العاقلة ، والكتابة المنجمة على العبد المكاتب .
وعلى هذا فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إذا هوى أي نزل به الملك من السماء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم . وقوله : هوى يهوي هويا إذا اخترق الهوا نازلا من أعلى إلى أسفل .
اعلم أولا أن القول بأنه الثريا وأن المراد بالنجم خصوصها ، وإن اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغير واحد - ليس بوجيه عندي .
والأظهر أن
nindex.php?page=treesubj&link=31762النجم يراد به النجوم . وإن قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بأنه لا يصح ، والدليل على ذلك جمعه تعالى للنجوم في القسم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فلا أقسم بمواقع النجوم [ 56 \ 75 ] ، لأن الظاهر أن المراد بالنجم إذا هوى هنا كالمراد بمواقع النجوم في الواقعة .
وقد اختلف العلماء أيضا في
nindex.php?page=treesubj&link=31762المراد بمواقع النجوم فقال بعضهم : هي مساقطها إذا غابت . وقال بعضهم : انتثارها يوم القيامة . وقال بعضهم : منازلها في السماء ، لأن النازل في محل واقع فيه . وقال بعضهم : هي مواقع نجوم القرآن النازل بها الملك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : أظهر الأقوال عندي وأقربها للصواب في نظري - أن المراد بالنجم إذا هوى هنا في هذه السورة ، وبمواقع النجوم في الواقعة هو نجوم القرآن التي نزل بها الملك نجما فنجما ، وذلك لأمرين :
أحدهما : أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى - موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إنه لقرآن كريم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78في كتاب مكنون إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=80تنزيل من رب العالمين [ 56 \ 77 - 80 ] .
[ ص: 464 ] والإقسام بالقرآن على صحة رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صدق القرآن العظيم وأنه منزل من الله جاء موضحا في آيات من كتاب الله كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2والقرآن الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إنك لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=4على صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تنزيل العزيز الرحيم [ 36 \ 1 - 5 ] . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2والكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم [ 43 \ 1 - 4 ] ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
والثاني : أن كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=76وإنه لقسم لو تعلمون عظيم [ 56 \ 76 ] ، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة .
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض . والعلم عند الله تعالى .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى ، قال بعض العلماء : الضلال يقع من الجهل بالحق ، والغي هو العدول عن الحق مع معرفته ، أي ما جهل الحق وما عدل عنه ، بل هو عالم بالحق متبع له .
وقد قدمنا إطلاقات الضلال في القرآن بشواهدها العربية في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20قال فعلتها إذا وأنا من الضالين [ 26 \ 20 ] ، وفي سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104الذين ضل سعيهم الآية [ 18 \ 103 - 104 ] .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كونه - صلى الله عليه وسلم - على هدى مستقيم - جاء موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فتوكل على الله إنك على الحق المبين [ 27 \ 79 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم [ 22 \ 67 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [ 42 \ 52 ] .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=43فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم [ 43 \ 43 ] . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى استدل به علماء
[ ص: 465 ] الأصول على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30177_22271النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يجتهد ، والذين قالوا إنه قد يقع منه الاجتهاد ، استدلوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عفا الله عنك لم أذنت لهم الآية [ 9 \ 43 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض الآية [ 8 \ 67 ] . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين الآية [ 9 \ 113 ] .
قالوا : فلو لم يكن هذا عن اجتهاد ، لما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عفا الله عنك لم أذنت لهم الآية . ولما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى ، ولا منافاة بين الآيات ، لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى معناه أن
nindex.php?page=treesubj&link=30177_30176النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يبلغ عن الله إلا شيئا أوحى الله إليه أن يبلغه ، فمن يقول : إنه شعر أو سحر أو كهانة أو أساطير الأولين - هو أكذب خلق الله وأكفرهم ، ولا ينافي ذلك أنه أذن للمتخلفين عن غزوة
تبوك ، وأسر الأسارى يوم
بدر ، واستغفر لعمه
أبي طالب من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك ، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع .
[ ص: 462 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ النَّجْمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى .
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا النَّجْمِ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمُرَادُ بِهِ النَّجْمُ إِذَا رُجِمَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الثُّرَيَّا ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ ، وَلَفْظَةُ النَّجْمِ عَلَمٌ لِلثُّرَيَّا بِالْغَلَبَةِ ، فَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تُطْلِقُ لَفْظَ النَّجْمِ مُجَرَّدًا إِلَّا عَلَيْهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُ
نَابِغَةِ ذُبْيَانَ :
أَقُولُ وَالنَّجْمُ قَدْ مَالَتْ أَوَاخِرُهُ إِلَى الْمَغِيبِ تَثَبَّتْ نَظْرَةً حَارِ
فَقَوْلُهُ : وَالنَّجْمِ : يَعْنِي الثُّرَيَّا .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إِذَا هَوَى : أَيْ سَقَطَ مَعَ الصُّبْحِ ، وَهَذَا اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ . وَقِيلَ : النَّجْمُ الزَّهْرَةُ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ نُجُومُ السَّمَاءِ ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمُفْرَدِ وَإِرَادَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [ 54 \ 45 ] ، يَعْنِي الْأَدْبَارَ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [ 89 \ 22 ] ، أَيِ : الْمَلَائِكَةُ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا [ 25 \ 75 ] ، أَيِ الْغُرَفَ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ ، وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [ 22 \ 5 ] ، وَإِطْلَاقُ النَّجْمِ مُرَادًا بِهِ النُّجُومَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16674عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ :
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْرًا عَدَدَ النَّجْمِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ
وَقَوْلُ
الرَّاعِي :
فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ سَرِيعٍ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا
[ ص: 463 ] وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، فَمَعْنَى هُوِيِّ النُّجُومِ سُقُوطُهَا إِذَا غَرَبَتْ أَوِ انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقِيلَ : النَّجْمُ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجُمْلَةُ النَّازِلَةُ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْجُمًا مُنَجَّمًا فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَكُلُّ جُمْلَةٍ مِنْهُ وَقْتَ نُزُولِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ النَّجْمِ صِدْقًا عَرَبِيًّا صَحِيحًا كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا حَانَ وَقْتُهُ مِنَ الدِّيَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَالْكِتَابَةِ الْمُنَجَّمَةِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ .
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إِذَا هَوَى أَيْ نَزَلَ بِهِ الْمَلَكُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْلُهُ : هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا إِذَا اخْتَرَقَ الْهَوَا نَازِلًا مِنْ أعَلَى إِلَى أَسْفَلَ .
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ الثُّرَيَّا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ خُصُوصُهَا ، وَإِنِ اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ - لَيْسَ بِوَجِيهٍ عِنْدِي .
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31762النَّجْمَ يُرَادُ بِهِ النُّجُومُ . وَإِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعُهُ تَعَالَى لِلنُّجُومِ فِي الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [ 56 \ 75 ] ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا كَالْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31762الْمُرَادِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مَسَاقِطُهَا إِذَا غَابَتْ . وَقَالَ بَعْضُهُمُ : انْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ ، لِأَنَّ النَّازِلَ فِي مَحِلٍّ وَاقِعٍ فِيهِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مَوَاقِعُ نُجُومِ الْقُرْآنِ النَّازِلِ بِهَا الْمَلَكُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ : أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَأَقْرَبُهَا لِلصَّوَابِ فِي نَظَرِي - أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى هُنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَبِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي الْوَاقِعَةِ هُوَ نُجُومُ الْقُرْآنِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْمَلَكُ نَجْمًا فَنَجْمًا ، وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى الَّذِي هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَقٍّ وَأَنَّهُ مَا ضَلَّ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=77إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=80تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ 56 \ 77 - 80 ] .
[ ص: 464 ] وَالْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صِدْقِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=1يس nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=2وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=3إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=4عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=5تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [ 36 \ 1 - 5 ] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [ 43 \ 1 - 4 ] ، وَخَيْرُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْقُرْآنُ الْقُرْآنُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ كَوْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ الْمُعَبَّرِ بِالنُّجُومِ هُوَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ - أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=76وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [ 56 \ 76 ] ، لَأَنَّ هَذَا التَّعْظِيمَ مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَقْسَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ .
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ أَنْسَبُ لِذَلِكَ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَنَجْمِ الْأَرْضِ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الضَّلَالُ يَقَعُ مِنَ الْجَهْلِ بِالْحَقِّ ، وَالْغَيُّ هُوَ الْعُدُولُ عَنِ الْحَقِّ مَعَ مَعْرِفَتِهِ ، أَيْ مَا جَهِلَ الْحَقَّ وَمَا عَدَلَ عَنْهُ ، بَلْ هُوَ عَالِمٌ بِالْحَقِّ مُتَّبِعٌ لَهُ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا إِطْلَاقَاتِ الضَّلَالِ فِي الْقُرْآنِ بِشَوَاهِدِهَا الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=20قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ [ 26 \ 20 ] ، وَفِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=103قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ الْآيَةَ [ 18 \ 103 - 104 ] .
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=79فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [ 27 \ 79 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ [ 22 \ 67 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [ 42 \ 52 ] .
وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لِهَذَا فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=43فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [ 43 \ 43 ] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى اسْتَدَلَّ بِهِ عُلَمَاءُ
[ ص: 465 ] الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30177_22271النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَجْتَهِدُ ، وَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ ، اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ الْآيَةَ [ 9 \ 43 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ [ 8 \ 67 ] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ الْآيَةَ [ 9 \ 113 ] .
قَالُوا : فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا عَنِ اجْتِهَادٍ ، لَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ الْآيَةَ . وَلَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْآيَاتِ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى مَعْنَاهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30177_30176النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ إِلَّا شَيْئًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يُبَلِّغَهُ ، فَمَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ شِعْرٌ أَوْ سِحْرٌ أَوْ كِهَانَةٌ أَوْ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ - هُوَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ وَأَكْفَرُهُمْ ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّهُ أَذِنَ لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ ، وَأَسَرَ الْأُسَارَى يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَاسْتَغْفَرَ لِعَمِّهِ
أَبِي طَالِبٍ مِنْ غَيْرِ أَنَّ يَنْزِلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ خَاصٌّ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .