قوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء .
وهذا لا يستوجب التفرق في أمره صلى الله عليه وسلم .
ولكن هنا لم يبين موضع الأمر عليهم بعبادة الله مخلصين له الدين ، هل هو في كتبهم السابقة ، أم في هذا القرآن الذي يتلى عليهم في صحف مطهرة ؟
وقد بين القرآن العظيم أن هذا الأمر موجود في كل من كتبهم والقرآن الكريم ، [ ص: 47 ] فمما في كتبهم قوله تعالى : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله [ 16 \ 36 ] .
وقوله : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه [ 42 \ 13 ] .
فإقامة الدين وعدم التفرقة فيه ، هو عين عبادة الله مخلصين له الدين .
ومما في القرآن قوله تعالى : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين [ 2 \ 40 - 43 ] .
فقد نص على كامل المسألة هنا ، أن الكتب القيمة المنصوص عليها في الصحف المطهرة هي كتب أهل الكتاب ، لقوله تعالى : وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ، وأنهم أمروا في هذا القرآن بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع التعليمات المذكورة نفسها ، وإقام الصلاة لا يكون إلا عبادة الله بإخلاص .
وهذه الأوامر سواء كانت في كتبهم أو في القرآن لا تقتضي التفرق ، بل تستوجب الاجتماع والوحدة .