[ ص: 166 ] مسألة في حكم من قتل أو كسر أو أتلف شيئا بالعين  
تقدم بيان ذلك في حق السحر ، أما في حق العين ، فقد قال ابن حجر  في فتح الباري في كتاب الطب ما نصه : وقد اختلف في جريان القصاص بذلك ، يعني بالعين . 
فقال القرطبي    : لو أتلف العائن شيئا ضمنه لو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه ، بحيث يصير عادة وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفرا . ا هـ . 
ولم يتعرض الشافعية للقصاص في ذلك بل منعوه ، وقالوا : إنه لا يقتل غالبا ولا يعد مهلكا . 
وقال النووي  في الروضة : ولا دية فيه ولا كفارة ، لأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس في بعض الأحوال ، مما لا انضباط له ، كيف ولم يقع منه فعل أصلا ، وإنما غايته حسد وتمن لزوال نعمة . 
وأيضا ، فالذي ينشأ عن الإصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشخص ، ولا يتعين ذلك المكروه في زوال الحياة ، فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين . ا هـ . 
ولا يعكر على ذلك إلا الحكم بقتل الساحر ، فإنه في معناه ، والفرق بينهما عسير . 
ونقل  ابن بطال  عن بعض أهل العلم : أنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس ، وأنه يلزمه بيته ، فإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به ، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر  رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس ، وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة . 
قال النووي    : وهذا القول صحيح متعين ، لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه . ا هـ . من فتح الباري . 
وبتأمل قول القرطبي  والنووي  بدقة لا يوجد بينهما خلاف في الأصل ، إذ القرطبي  يقيد كلامه بما يتكرر منه بحيث يصير عادة له . 
والنووي  يقول : إنه لا يقتل غالبا ، وعليه فلو ثبت أنه يقتل غالبا وتكرر ذلك منه ،   [ ص: 167 ] فإنه يتفق مع كلام القرطبي  تماما في أن من أتلف بعينه وكان معتادا منه ذلك فهو ضامن ، وهذا معقول المعنى ، والله تعالى أعلم . 
وعند الحنابلة في كشاف القناع ما نصه : والمعيان الذي يقتل بعينه . 
قال ابن نصر الله  في حواشي الفروع : ينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبا ، فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص ا هـ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					