هذه الآية تدل على أن هذا الذي يتلوه عليهم حرمه ربهم عليهم ، فيوهم أن معنى قوله : ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا [ 6 \ 151 ] ، أن الإحسان بالوالدين وعدم الشرك حرام ، والواقع خلاف ذلك ، كما هو ضروري .
وفي هذه الآية الكريمة كلام كثير للعلماء ، وبحوث ومناقشات كثيرة لا تتسع هذه العجالة لاستيعابها ، منها أنها صلة كما يأتي ، ومنها أنها بمعنى أبينه لكم لئلا تشركوا .
ومن أطاع الشيطان مستحلا فهو مشرك بدليل قوله : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون [ 6 121 ] .
ومنها أن الكلام تم عند قوله : حرم ربكم وأن قوله : عليكم ألا تشركوا : اسم فعل يتعلق بما بعده على أن معموله منها غير ذلك ، وأقرب تلك الوجوه عندنا هو ما دل عليه القرآن لأن خير ما يفسر به القرآن القرآن ، وذلك هو أن قوله تعالى : أتل ما حرم ربكم عليكم ، مضمن معنى ما وصاكم ربكم به تركا وفعلا ، وإنما قلنا إن القرآن دل على هذا لأن الله رفع هذا الإشكال وبين مراده بقوله : ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون [ 6 \ 151 ] ، فيكون المعنى : وصاكم ألا تشركوا ، ونظيره من كلام العرب قول الراجز :
حج وأوصى بسليمى عبدا أن لا ترى ولا تكلم أحدا
ومن أقرب الوجوه بعد هذا وجهان :الأول : أن المعنى : يبينه لكم لئلا تشركوا .
والثاني : أن " أن " من قوله : ألا تشركوا مفسرة للتحريم ، والقدح فيه بأن قوله : وأن هذا صراطي مستقيما [ 6 \ 153 ] ، معطوف عليه ، وعطفه عليه ينافي [ ص: 287 ] التفسير مدفوع بعدم تعيين العطف لاحتمال حذف حرف الجر فيكون المعنى : ولأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه كما ذهب إليه بعضهم ، ولكن القول الأول هو الصحيح إن شاء الله تعالى ، وعليه فلا إشكال في الآية أصلا .