سورة مريم
وإن منكم إلا واردها . قوله تعالى :
هذه الآية الكريمة تدل على أن ، وأكد ذلك بقوله : كل الناس لا بد لهم من ورود النار كان على ربك حتما مقضيا [ 19 \ 71 ] ، وقد جاء في آية أخرى ما يدل على أن بعض الناس مبعد عنها لا يسمع لها حسا ، وهي قوله تعالى : أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها الآية [ 21 \ 101 - 102 ] .
والجواب هو ما ذكره الألوسي وغيره من أن معنى قوله : " مبعدون " أي عن عذاب النار وألمها ، وقيل : المراد إبعادهم عنها بعد أن يكونوا قريبا منها ، ويدل للوجه الأول ما أخرجه الإمام أحمد والحكيم الترمذي وابن المنذر والحاكم وصححه ، وجماعة عن أبي سمية قال : اختلفنا هاهنا في الورود فقال بعضنا : لا يدخلها مؤمن ، وقال آخرون : يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا ، فلقيت رضي الله عنه فذكرت ذلك له ، فقال وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه : صمتا ، إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : جابر بن عبد الله إبراهيم عليه السلام حتى إن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا . الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على
وروى جماعة عن : أن ورود النار هو المرور عليها ، لأن الناس تمر على الصراط ، وهو جسر منصوب على متن جهنم . ابن مسعود
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري والبيهقي عن الحسن : الورود المرور عليها من غير دخول ، وروي ذلك أيضا عن قتادة ، قاله الألوسي .
واستدل القائلون بأن الورود نفس الدخول بقوله تعالى : كابن عباس فأوردهم النار [ 11 \ 98 ] ، [ ص: 334 ] وقوله : لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها [ 21 \ 99 ] ، وقوله : حصب جهنم أنتم لها واردون [ 21 \ 98 ] ، فالورود في ذلك كله بمعنى الدخول ، واستدل القائلون بأن الورود القرب منها من غير دخول ، بقوله تعالى : ولما ورد ماء مدين [ 28 \ 23 ] .
وقول زهير :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم