سورة فاطر
وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب . قوله تعالى :
الضمير في قوله : " عمره " يظهر رجوعه إلى المعمر ، فيشكل معنى الآية ، لأن المعمر والمنقوص من عمره ضدان ، فيظهر تنافي الضمير ومفسره .
والجواب أن المراد بالمعمر هنا جنس المعمر الذي هو مطلق الشخص ، فيصدق بالذي لم ينقص من عمره ، وبالذي نقص من عمره ، فصار المعنى : . لا يزاد في عمر شخص ولا ينقص من عمر شخص إلا في كتاب
وهذه المسألة هي المعروفة عند علماء العربية بمسألة : عندي درهم ونصفه ، أي نصف درهم آخر .
قال ابن كثير في تفسيره : الضمير عائد على الجنس لا على العين ، لأن طويل العمر في الكتاب وفي علم الله لا ينقص من عمره ، وإنما عاد الضمير على الجنس ، انتهى منه .
قوله تعالى : ومكر السيئ .
يدل على أن المكر هنا شيء غير السيئ أضيف إلى السيئ للزوم المغايرة بين المضاف والمضاف إليه .
وقوله تعالى : ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [ 35 \ 43 ] ، يدل على أن المراد بالمنكر هنا هو السيئ بعينه لا شيء آخر ، فالتنافي بين التركيب الإضافي والتركيب التقييدي ظاهر .
والذي يظهر والله تعالى أعلم أن التحقيق جواز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلفت الألفاظ ، لأن المغايرة بين الألفاظ ربما كفت في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه ، كما جزم به في تفسيره في غير هذا الموضع . ابن جرير
ويشير إليه ابن مالك في الخلاصة بقوله :
[ ص: 376 ]
وإن يكونا مفردين فأضف حتما وإلا أتبع الذي ردف
وأما قوله :ولا يضاف اسم لما به اتحد معنى وأول موهما إذا ورد
ونظيره من كلام العرب قول عنترة في معلقته :
ومشك سابغة هتكت فروجها بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
كبكر المقاناة البياض بصفرة غذاها نمير الماء غير المحلل